الرئيسية » من سيرأس الحكومة التونسية المقبلة في ظل التجاذبات الحزبية المعقدة؟

من سيرأس الحكومة التونسية المقبلة في ظل التجاذبات الحزبية المعقدة؟

مثلت استقالة السيد إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة التونسية التاسعة منذ 2011 وتعيين 400 وزيرا تقريبا بعد الثورة هاجسا مخيفا لدى الشعب التونسي الذي بدأ ييأس من الحلول الحزبية التي تفشل في كل مرة في تعيين رئيس حكومة يستمر في حكمه طيلة فترة تعيينه، فما إن يأتي رئيس حكومة جديد فتتهلل أسارير الشعب التونسي حتى يأتي من الأحزاب من يطعن فيه ويهدده إما بسحب الثقة منه أو بسحب وزرائه من الحكومة، ويبقى المشهد السياسي يتأرجح بين التعيين والإقالة أو الاستقالة، وتهدر الطاقات الواحدة تلو الأخرى في مشهد استنزافي كبير ليس له حدود حسبما يبدو ومع هذا فإن الشعب التونسي مازال صابرا ويسأل أو يتساءل من سيرأس الحكومة التونسية في الفترة المقبلة؟

بقلم فوزي بن يونس بن حديد *

أعتقد أن الأمر ليس صعبا إذا توافقت الأحزاب الكبرى على إسم جديد يحظى بالتوافق عند الجميع، وله خبرة إقتصادية و إدارية ويكون قويا خلال المرحلة المقبلة لأنها مرحلة حساسة جدا، وأي خطأ سيكلف الدولة غاليا، وهذه المرة لن يشفع الشعب التونسي للأحزاب أن تفلت الأمور من يدها.

على جميع الأحزاب أن تكون على حد أدنى من الوطنية

وهذه المرة على جميع الأحزاب أن تكون عند مستوى معين وحد أدنى من الوطنية وإنقاذ البلاد مما عليه ومما هي فيه، فلا غرو أن يكون اختيار رئيس حكومة في هذا الوقت أمرا ملحا جدا وفي أسرع وقت ممكن، لأن الدولة في حالة من الهشاشة والانهيار ما يدعو إلى رص الصفوف، والعمل ثم العمل من أجل أن يشعر الشعب التونسي أن هناك فعلا دولة تسهر على راحته وتنعم بالاستقرار الداخلي، فإذا استقر الأمر في الداخل انعكس ذلك إيجابا على كل القطاعات.

ومن الأفضل للأحزاب أن تتريث في اختيار من سيخلف الفخفاخ، حتى إذا اختارت من تريد، رأى رئيس الجمهورية من يكون الأقدر على مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة، ومن يحظى بقبول عند معظم الأحزاب، ومن لا تحوم حوله شبهات فساد، ومن كان يعمل بإخلاص، ومن لا يهمه الضجيج والبهرجة الإعلامية، ومن كان سياسيا محنكا، فيختاره ويكلفه رسميا بمهمة رئيس الحكومة ليختار هو الآخر أعضاء حكومته من الوزراء.

كل هذه الصفات قد تتوفر في أشخاص وليس في شخص واحد حسب ما أظن، وفي الوقت نفسه.

الشعب انتخب النهضة لأنها الأنظف ولكنها لم تقدم شيئا على الأرض

لكن الخوف كل الخوف أن تبقى العملية السياسية رهينة الصراعات الحزبية، والأفكار الأيديولوجية، لتبقى الديمقراطية حبيسة أفكار بالية عفا عليها الزمن، ولم تستطع النفوس التخلص منها إلى اليوم، ولكن كان الشعب التونسي ولا يزال يريد أن يتنفس – إن صح التعبير– ويتخلص من المعاناة التي تلازمه منذ 10 سنوات وتكبله منذ أن حدث التحول نحو الحرية والكرامة، ولئن استطاع أن يتحرر من أغلال بن علي فإنه وقع في معاناة أخرى لا تقل خطورة مما كان عليه، لأن الأمر يتعلق بمعيشة الإنسان ورزقه وعمله، فأرقام البطالة مخيفة إلى حد كبير، وأرقام الاقتصاد تدعو إلى الحيرة والقلق، وليس لدينا وقت لنضيعه في المهاترات والجدال العقيم.

إنما الشعب الذي طرد بن علي وأجبره على الهروب، هو الشعب الذي ذاق طعم الحرية، هو الشعب الذي يطالب بالمساواة والكرامة، هو الشعب الذي مازال ينتظر من الدولة أن تجعله يعيش بكرامة، هو الشعب الذي انتخب النهضة لأنها في نظره الأفضل والأنظف ولكنها لم تقدم شيئا على الأرض، فساء منها الشعب واستاء، هو الشعب الذي يمكن أن يقلب موازين القوى في أي انتخابات مقبلة، هو الشعب الذي يمكن أن ينفد صبره ويطالب بتغيير النظام، ألم يستطع في المرة الأولى أن يفعلها؟ يمكن أن يكررها مرة أخرى حتى يتحرر هذه المرة من الأحزاب الذي كبلته عشر سنوات ومازال تحت تأثيرها إلى اليوم.

* محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.