الرئيسية » تونس : إطلاق حملة إلكترونية ضد العنف المسلط على النساء

تونس : إطلاق حملة إلكترونية ضد العنف المسلط على النساء

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تطلق على مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية ضد العنف المسلط على النساء بعنوان “#الوباءوزيدتعنيف_النساء” وترسل مذكرة إلى رئيس الحكومة حول التدابير التي يجب اتخاذها.

هذه الحملة تهدف إلى تسليط الضوء على جميع أشكال العنف المسلط على النساء من لفظي وجسدي ومعنوي واقتصادي وسياسي وغيره من جميع أشكال العنف المتزايد ضدهن خلال فترة الحجر الصحي العام.

كما أرسلت الجمعية مذكرة إلى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ طالبته فيها باتخاذ الإجراءات الاستعجالية التالية :

1. وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن:

·ضبط استراتيجية عاجلة تشرّك فيها الجمعيات النسوية والوزارات المعنية والإعلام العمومي والخاص لتحديد آليات استثنائية وعاجلة للتصدي لاستفحال مختلف مظاهر الهيمنة الذكورية سواء فيما يتعلق بالعنف المضاعف المسلط على النساء أو فيما يتعلق بالتوعية بضرورة التقسيم المتساوي للأدوار داخل الأسرة والتحمل المشترك لأعباء التوقي من جائحة الكورونا.

·وضع وسائل الوقاية وآليات الحماية والتعهد وتمكين النساء من المعلومات الخاصة بها سيّما أن الهياكل الرسمية وكذلك الجمعيات العاملة في مجال مرافقة ضحايا العنف باتت غير قادرة على استيعاب عدد الضحايا وتلبية احتياجاتهن.

·التنسيق والتدخل لضمان الدعم والمساعدة الاقتصادية والاجتماعية للنساء ضحايا اجراءات مقاومة الكورونا وضحايا جشع المشغلين وسياسات التفقير.

·التنسيق مع وزارة أملاك الدولة والبلديات في كامل تراب الجمهورية وذلك لضمان السكن للنساء بتخصيص مقرات كمراكز لإيواء النساء ضحايا العنف وضحايا الفقر والتهميش والمعرضات للطرد من محلات السكنى حاليا بما في ذلك عبر تشريك القطاع الخاص وخاصة قطاع النزل والفنادق لاستيعاب النساء ضحايا العنف وتمكينهن من الامان والحماية والمرافقة اللازمة.

·التنسيق مع الهيئة العليا للتصال السمعي البصري لضبط خطة عمل واضحة لتناول جاد وعقلاني لقضايا العنف ضد النساء خلال الحظر الصحي العام وفترة التصدي لجائحة الكورونا وتحميله المسؤولية خاصا كان أو عاما في الامتناع عن نشر العنف وتسطيحه.

·التنسيق مع مختلف الوزارات العمومية لتعليق جميع عمليات الإخلاء للأشخاص بغض النظر عن جنسيتهم ووضعهم القانوني.

2. وزارة الداخلية :

·الجدية والحزم في التعامل مع شكاوى النساء ضحايا العنف.

·إقرار تنظيم استثنائي لعمل الفرق المختصة وتوفير نظام الاستمرار ليلا وكامل أيام الأسبوع.

·إعطاء تعليمات واضحة لكافة أسلاك الأمن بالتنقل الآلي لنجدة الضحايا في مختلف حالات الإشعار الواردة عليهم كما تطالبها بالتصدي لكل انحرافات أعوان الأمن بمختلف الأسلاك في التعامل مع إشعارات أو شكاوى النساء ضحايا العنف من خلال محاسبة المتراخين في الاستجابة للضحايا وبالنسبة للوحدات المختصة تطبيق الفصل 25 الذي يعاقب الأعوان في صورة الإخلال او التخاذل في اداء واجباتهم تجاه الضحايا ولو بمحاولة التأثير عليهن.

·جعل ملاحقة المعتدين المفتش عنهم في قضايا العنف المسلط على النساء أولوية وتسليمهم للعدالة.

3. وزارة الصحة :

·مواصلة تقديم الخدمات الصحية والاستشفائية للنساء ضحايا العنف وذلك بتوفير مسلك خاص بالنساء ضحايا العنف في كل المستشفيات العمومية.

·إسناد الشهادات الطبية الأولية للضحايا بالسرعة اللازمة لتمكينهن من رفع شكاويهن وتجنب إمكانية تلف الإثباتات القانونية فالشهادة الطبية من أهمها.

·التنسيق مع وزارة المرأة لتوفير الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية للنساء كإحدى أولويات عملها وبالكثافة التي تلبي احتياجات النساء على اختلاف وضعهن الاجتماعي والقانوني دونما أحكام مسبقة او مصادرات خاصة عبر فتح مختلف مراكز الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري وتدعيمه بالوسائل الوقائية وتوفير مختلف وسائل منع الحمل ومنها بالأخص الوسائل الدوائية وكذلك مراقبة ومحاسبة القطاع الخاص من أجل التجاوزات في تقديم هذه الخدمات للنساء.

4.وزارة العدل:

·وضع آلية مستعجلة تمكن من إيلاء الأولية لضحايا العنف عبر التمكين من الإشعار بمختلف الوسائل بما فيها الهاتفية والرقمية وعن طريق البريد.

·فتح إمكانية تلقي الإشعارات لكل من عاين أو شاهد أو بلغ إلى علمه حالة عنف لدى النيابة العمومية وإيلاءها الأولوية القصوى في المتابعة.

·تسهيل إيداع شكاوى العنف بما فيه العنف الاقتصادي وتعهد النيابة العمومية بها مباشرة وتفعيل الفصل 26 من القانون عدد 58 لسنة 2017 الذي يسمح للنيابة العمومية بالإذن للوحدات المختصة بإبعاد المعتدي ونقل الضحية للمستشفى أو لمأوى آمن.

·الاستئناف العاجل لعمل قضاة الأسرة حسب ما تقتضيه الفصول30 إلى 34 من نفس القانون للنظر في قضايا النفقة لصبغتها المعاشية وكذلك لاتخاذ أوامر الحماية وتدابير إبعاد المعتدين من محل الزوجية باعتبارها من أنجع وسائل الحماية. تطالب الجمعية كذلك المجلس الأعلى للقضاء باتخاذ كل الإجراءات التي تسهل تدخل القضاة لحماية النساء من العنف والتصدي لإفلات المعتدين من العقاب.

5. وزارة الشؤون الاجتماعية :

·توضيح أليات الحصول على المساعدة الاجتماعية وتوفير المعلومات بشأنها وتسهيل إجراءاتها وتقريبها من النساء على اختلاف وضعهن الأسري والقانوني واتخاذ سياسة اتصالية واضحة في هذا الصدد.

·إحداث آلية منسقة للتبليغ عن حالات التسريح والتشغيل دون مراعاة المخاطر والتوقي منها والاستغلال الاقتصادي ومتابعتها.

·تدعيم وإعادة تفعيل صندوق النفقة وجعله نافذا بما يمكن النساء بشكل عاجل من استخلاص معينات النفقة.

وتجدد الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تضامنها مع كافة المتضررات والمتضررين من انتشار الوباء والإجراءات التي رافقته ومع النساء المحتجزات والمعزولات بفعل القانون اليوم مع معنفيهن واللواتي تمتهن كرامتهن ويتعرضن الى عنف وتمييز مضاعف كما تحمل مسؤولية تلاقي أوبئة الفقر والتمييز والعنف على النساء وما نتج عنها من أضرار إلى الحكومة وتدعوها للخروج من التناول الجزئي لقضايا النساء وإلى إدراج احتياجات النساء في مختلف المستويات وعلى اختلاف وضعهن بما في ذلك وضعيات الإعاقة والحمل وكبر السن والهوية الجندرية والمهاجرات وحاملات فيروس نقص المناعة والنساء العائلات بمفردهن لاسرهن والأمهات العازبات والعاملات بالقطاع الفلاحي وعاملات الجنس وغيرهن ضمن خطط وبرامج التصدي للكورونا بشكل يضمن السلامة والكرامة للجميع.

وفيما يتعلق بالعنف، وبمعزل عن بعض القضايا التي هزت الرأي العام لكي تميط اللثام ككل مرة، عن هول ما تعانيه النساء وغياب الحماية الفعلية لهن، تؤكد الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ما نبهت إليه سابقا من تنامي وتيرة العنف تجاه النساء والفتيات خلال الأسابيع الأخيرة من انتشار الوباء حيث على سبيل المثال، خلال الاسبوع الاخير، استقبل مركز الإنصات والتوجيه الخاص بالجمعية في تونس (دون اعتبار عدد النساء الوافدات على بقية مراكز الجمعية في صفاقس والقيروان وسوسة) أكثر من 40 امرأة ضحية عنف تم الاستماع إليهن ودعمهن نفسيا وتوجيههن قانونيا.

ويتناسب هذا الرقم المرتفع مع أرقام وزارة المرأة التي أكدت تضاعف نسبة العنف ضد النساء بمرات ولكن هذه الأرقام وما وراءها من معاناة يومية للضحايا وما ظل منها خافيا يكشف محدودية الإجراءات المتخذة إلى حد الآن في سبيل التصدي للظاهرة.

إن تواصل العنف يعود أساسا إلى استغلال المعتدين لظرف الحجر الصحي إذ بتعطل السير العادي للمحاكم (في قضايا النفقة والحضانة والطلاق وكذلك تعطل عمل قضاة الأسرة المكلفين باتخاذ قرارات الحماية لضحايا العنف) ساد الاعتقاد في إمكانية الإفلات من العقاب.

كما أنه بالنظر إلى إجراءات الحظر، يستغل المعتدون عدم قدرة الضحايا على التنقل سواء لقلة وسائل النقل والالتزام بالحظر أو لعدم توفر الأمان اللازم لهن في الفضاء العام وهو ما كشفت عنه الاعتداءات التي هزت الرأي العام مؤخرا. في حالات كثيرة يستفيد المعنفون من عزل الضحية بوضعها تحت الرقابة الدائمة بما يصعب استنجادها وطلب المساعدة والاتصال بالرقام المتوفرة.

إن استغلال المعتدين لهذا الظرف قد سهّلته السلطات عندما لم تستبق الوضع منذ اتخاذ الإجراءات الأولى لمقاومة الكورونا وإعلان الحجر الصحي العام في وقت صار فيه معلوما وثابتا بما في ذلك عبر الدراسات الرسمية أن الفضاء الخاص والمنزل العائلي هو من أكثر الفضاءات خطورة على النساء كما يتفاقم وباء العنف باعتبار ان الإجراءات المتخذة إلى حد الآن تظل جزئية ولا ترقى إلى مستوى الخطر والمعاناة التي تطال النساء.

لقد سجلنا ووثقنا خلال المدة المنقضية احتداد طبيعة العنف المسلط على النساء باختلاف انواعه حيث عبرت بعض الضحايا عن تهديدات جدية بالقتل وبالاحتجاز في محل الزوجية، واكدن عن عجزهن عن الاتصال بالسلطات المختصة لحمايتهن.

في صورة التمكن من الاتصال أفادت أغلب الضحايا وجود تهاون غير مبرر في الاستجابة لاستغاثاتهن واحيانا تعرضهن لعنف آخر عندما يرفض أعوان الأمن نجدتهن. وكمثال على ذلك فقد اتصلت امرأة بالرقم الاخضر لوزارة المرأة واتصلت برقم النجدة ثم اتصلت بالامن ولكن لم يقع التفاعل مع طلبها ولم يتم التدخل لفائدتها الا بعد اتصال الجمعية بالأمن وتم بعد دلك اخراجها من بيتها ومرافقتها.

وخلال هذه الأزمة الأخيرة، وفي استغلال لعدم السير العادي للقضاء، وفي تعلل بالظرف الاقتصادي سجلنا رفض المحكومين بالنفقة دفعها مما يجعل النساء واطفالهن يعانين فضلا عن العنف آفة الحرمان والخصاصة.

كما عاينت الجمعية ارتفاع منسوب العنف على وسائل التواصل الاجتماعي وصل حد التلويح بالقتل ونشر الصور والتسجيلات الحميمية في بعض مجموعات التواصل الاجتماعي والتشهير بالنساء والمس من سمعتهن دون تحرك للسلطات أو تدخل واضح على الرغم من أن بعض اشكال العنف تلك قد ترقى لجرائم اتجار بالبشر.

إن التماطل في الاستجابة لاستغاثات الضحايا يسهل الإفلات من العقاب كما أنه يفتح باب النزعات العاطفية وغير المعقلنة في التعاطي مع قضايا العنف من ذلك أن تتعالى اليوم أصوات لتطبيق الإعدام والذي لا يعدو أن يكون إعادة لإنتاج العنف المستشري في المجتمع.

إن تغلغل العقلية الذكورية والسلطة الأبوية وإن فضحته وسائل التواصل الاجتماعي وحالات العنف والدعوات إليه فإنه لم يلق ردا إعلاميا مناسبا.

بعد سنتين من دخول القانون حيز النفاذ لم يتجاوز تعامل الإعلام مع قضية العنف نقل المعلومات عن الأرقام المتوفرة وطرح بعض القضايا لفضاعتها دونما فتح منابر الحوار حول ما يتم اتخاذه من إجراءات لحماية وإنصاف الضحايا وكيفية مرافقتهن وأثر ذلك الفعلي على حياتهن.

كذلك لم يمتنع الإعلام كما يقتضيه القانون عن تسطيح ونشر العنف حيث يتواصل الترويج للصور النمطية للنساء ويتعامل مع الضحيا بمنطق الاستشهار والإثارة دون أن يتخذ الموضوع حيزه الحقيقي بهدف تفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017 ولكي يتحمل الإعلام مسؤوليته المجتمعية في نشر ثقافة المساواة بين الجنسين والتوعية بخطورة وباء العنف وعلى هياكل الإعلام جميعها بما في ذلك الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التدخل الفوري لإصلاح ما أفسد.

فيما يتعلق بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية للنساء: تلقى مرصد أسماء فني للعنف الاقتصادي في تونس وفروع الجمعية بالجهات عديد الإشعارات حول تسريح عدد من العاملات من قبل مشغليهن أو التماطل في خلاص أجورهن أو فرض العمل عليهن دون أدنى معايير الوقاية والسلامة من الوباء وتغيب اليوم كل آلية لمقاومة ذلك أو التبليغ عنه الأمر الذي ينبئ بأزمة اجتماعية حادة اتجه استباقها بآليات واضحة.

لقد سجل مرصد الجمعية كذلك طرد عدد من النساء من المحلات المستأجرة ومن المسكن العائلي المشترك سواء من قبل الزوج أو كذلك من قبل الإخوة في حالة تشارك الورثة في المسكن وهو ما جعل عديد النساء يتواجدن في الشارع عرضة لكافة المخاطر بما فيها خطر الوباء.

ورغم خطورة الوضع الصحي، تواصل النساء العمل في عديد القطاعات. لقد ساهم الوباء في تثمين معنوي للعاملات والعاملين في قطاع الصحة وأخرج قطاعا أكثر من نصف ناشطيه نساء من التغييب والنسيان ليبرز كفاءتهن وقدرتهن على التضحية في سبيل تونس ولكنه في نفس الوقت كشف عن هشاشة وضعهن/هم وغياب كل حماية لهن/هم ولعل الدرس الأول المستفاد من هذه الجائحة هو إعادة الاعتبار للعاملات والعاملين في الصحة وإعادة الاعتبار لصحة التونسيات والتونسيين كاستحقاق دستوري لا يقبل المساومة أو المضاربة. تعمل آلاف التونسيات اليوم من أجل تأمين الأمن الغذائي ومع ذلك تبقى الفلاحات غائبات في الخطاب وفي السياسات ولم تتخذ إلى الآن أي إجراءات لتأمين صحتهن ووقايتهن من انتشار الفيروس.

-فيما يتعلق بالحقوق الجنسية والإنجابية للنساء: نساء كثيرات غير قادرات اليوم على الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية خاصة في ظل غلق عدد من مراكز الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري. إن التعبئة العامة في المؤسسات الصحية ضد وباء الكورونا سبب تراخيا بيّنا في تقديم خدمات منع الحمل والإجهاض وحتى رعاية الأمومة والتوليد وقد تلقت الجمعية معلومات موثوقة حول محاولة بعض النساء الإجهاض في عدد من المستشفيات الخاصة التي تستغل الظرف الحالي أبشع استغلال حيث طُلبت منهن أرقام خيالية لتقديم تلك الخدمات ما أثناهن عن ذلك لقلة اليد.

إن مسؤولية الدولة عن تقديم الخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية والجنسية للنساء على اختلاف أوضاعهن الاجتماعية والعائلية استحقاق لا يقل أهمية عن بقية الحقوق الصحية بينما قد ينذر الوضع الحالي بتفاقم الولادات غير المرغوب فيها أو كذلك وجود حالات إجهاض أو ولادة منزلية قد تهدد حياة النساء وعلى الدولة الإسراع بتدارك الوضع.
أمام كل ذلك، تجدد الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات دعوتها إلى إدراج قضايا النساء ضمن برامج الحرب على الكورونا وانتهاج مقاربة شاملة ودامجة في التصدي للجائحة ولبقية الأوبئة التي تفتك بالنساء وبشكل عاجل.

بلاغ.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.