الرئيسية » هكذا أنصفت المحكمة الضحية: العنف الرقمي لا يمت بصلة لحرية التعبير

هكذا أنصفت المحكمة الضحية: العنف الرقمي لا يمت بصلة لحرية التعبير

رغم أجواء الحزن الذي يخيم والتوجس من المجهول الذي ينتشر حاليا بسبب تسارع وتيرة تفشي فيروس الكورونا في العالم وفي بلادنا، تأتي بعض الأخبار لتبدد شيئا من القتامة وتبعث برسالة أمل في إمكانية إيقاف الإفلات من العقاب في قضايا العنف المسلط على النساء، إذ بتاريخ 11 مارس 2020، أدانت المحكمة الابتدائية بتونس المعتدي بالعنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي على مناضلة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية بيتي وفاء فراوس.

لقد كان هذا المسار القضائي ممكنا بفضل شجاعة المناضلة وفاء فراوس وإصرارها على كسر حاجز الصمت ومواجهة المعتدي بكل ثبات رغم مشقة ذلك بفعل الحملة التي سلطت عليها وما للعنف من آثار نفسية ومعنوية يخلّفها لدى الضحايا.

ويمثل الحكم الصادر خطوة ضرورية في اتجاه ردّ الاعتبار للضحية إذ فصل في الخيط الرفيع بين حرية التعبير والعنف القائم على التمييز بين الجنسين والإساءة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وهو ما تحقق بفضل اقتدار المحاميات والمحامين، لسان الدفاع عن قيم المساواة والحرية والكرامة الإنسانية الذين طلبوا خاصة ومن ضمن ما طلبوه بعقوبات بديلة كتكليف المعتدي بالاشتغال لمدة معينة لدى المنظمات المتعهدة بالنساء ضحايا العنف علّ التجربة تفتح عينيه على بخطورة العنف وأثاره الوخيمة على النساء.

كان هذا المسار القضائي أيضا ممكنا بفضل الهبة التضامنية التي قام بها شابات وشبان شجعان ومنظمات وطنية ودولية، مدنية وحزبية، عملت منذ اللحظة الأولى على مساندة الضحية والجمعيات النسوية ومرافقتها في كافة المراحل وبأشكال نضالية مختلفة وهو مدّ إنساني عميق، صادق ولافت طالما مثل جوهر العمل النسوي والحقوقي التونسي.

يمثل الحكم الصادر ابتدائيا استجابة قضائية مناسبة لمطلب النسويات والنساء في ضرورة وقف نزيف الإفلات من العقاب ولعلّه يكون حافزا للنساء ضحايا العنف بما في ذلك العنف الرقمي للالتجاء للقضاء في حالات الاعتداء المعنوية أو الجنسية أو الاقتصادية أو السياسية أو الجسدية التي تطالهن أيا كان مرتكبوها ومهما كانت وسيلتهم في ذلك ولعلها فرصة أيضا كي تطور الدولة التونسية تشريعاتها لتضع إطارا قانونيا خاصا بالعنف الرقمي ضد النساء وهو مطلب ملح خاصة في ظل تحول وسائط الانترنت إلى السبيل الوحيد أحيانا للتواصل بين الناس واستغلاله لنشر ثقافة العنف والتمييز الجنسي.

مرة أخرى نحيي وفاء وكل اللائي والذين فرديا أو جماعيا ساندوها وساندونا دون قيد أو شرط ونؤكد وقوفنا إلى جانب كل النساء ضحايا العنف والتمييز واستعدادنا الدائم للدفاع عنهن والتصدي للإفلات من العقاب كما نؤكد مواصلة النضال كي تطبق المحاكم القانون في علاقة بحق الجمعيات في القيام بالدعاوى سواء كضحايا مباشرين أو غير مباشرين للعنف أو نيابة عن مجتمع ينخره العنف والتمييز والتفقير.

يسرى فراوس رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

سناء بن عاشور رئيسة جمعية بيتي

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.