الرئيسية » قيس سعيّد يرسم استراتيجيته الوطنية بعد مائة يوم في قصر قرطاج

قيس سعيّد يرسم استراتيجيته الوطنية بعد مائة يوم في قصر قرطاج

الرئيس سعيد في لقاء مع أفراد من الجالية التونسية بالجزائر خلال زيارته للجزار أول الأسبوع الماضي.

رسم رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد استراتيجية وطنية أعتقد أنها محكمة في حديث مع القناة الوطنية الأولى بمناسبة مرور في 100 يوم من بداية مدته الرئاسته.

بقلم فوزي بن يونس بن حديد

كان رئيس الدولة قد وعد جمهورَه قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عندما أعلن في المناظرة التي جرت بينه وبين السيد نبيل القروي، أنه إذا اُنتخب رئيسا فإنه سيكون حاضرا في أستديوهات قناة الوطنية بعد 100 يوم من ولايته، وهو ما حصل فعلا.

كان الرئيس رجلا براغماتيا منحته الكاريزما جاذبية خاصة عند الشباب التونسي، وعند الشعب عامة، تحدّث بكل ثقة وعمق وروحانية، ولم يكن مرتبكا ولا خائفا ولا متردّدا، يستشهد بآيات من القرآن الكريم، ويردّد ما كان مقتنعا به وما عاهد نفسه به وما وعد به شعبه.

مخلص في عمله، يعمل بصمت ولا يجب البهرجة والصخب الإعلامي

سيستمر الرئيس في سبيله، لا يهابُ الموت ولا يحبّ الكراسي والقصور، بل يحبّ الشعب التونسي المحروم من حقوقه والمهدورة كرامته، تحسّ من خلال صراحته وجرأته أنه مخلص في عمله، يعمل بصمت ولا يجب البهرجة والصخب الإعلامي ولا يلتفت إلى التعليقات الساخرة والمربكة التي تسعى إلى خلخلة الوضع الأمني في البلاد أو تعكير صفو المشهد المؤسّساتي، بل بدا واثقا مما يقول، ويتحمل مسؤولية ما يصرح به، ويأمل أن يحقق المستحيل من خلال عمله كرئيس ويمارس حقه الدستوري والقانوني ويعتبر ذلك حقا من حقوقه، فالرجل جادّ في عمله ويعتبر نفسه رجل دولة يعمل في مؤسسة مهمة سوف يحاسب أمام الله وأمام الشعب التونسي.

ومن خلال اللقاء الذي دام ساعة ونصفا وحاول المذيعان استدراجه إلى مواضيع حسّاسة كالأمن وانتشار الجريمة واستقباله أبناء الإرهابيين في قصر قرطاج، والوضع في ليبيا وتشكيل الحكومة وزيارته المرتقبة للجزائر، واستقباله الرئيسي التركي طيب رجب أردوغان في زيارة غير معلنة، فكان الرد بلغة فصيحة يغلب عليها الشعور بالاطمئنان بأن تونس بخير وتمارس دبلوماسيتها بكل جدارة حتى أضحت خلال المائة الأولى وجهة للدبلوماسيين العرب والأجانب، الراغبين في التعاون مع تونس الجديدة، وفتح قنوات كبيرة من أجل ترسيخ الاستثمار والنهوض بالاقتصاد، والعمل من أجل تونس ولا شيء غير ذلك.

تونس الجديدة تحتاج إلى تمثيل خارجي جديد

طلب الرئيس من السفراء أن يكون لهم دور فعّال في تمثيل تونس الجديدة من حيث ترسيخ العلاقات مع الدول الكبرى والصغيرة وإحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين تونس وهذه الدول، وحلحلة الوضع الاقتصادي وإخراجه من وضعه الراهن إلى أفق جديد ومتغير حتى إنه بيّن للشعب التونسي ما يريد أن يفعله ويفكّر فيه كإنشاء مدينة صحية متكاملة في القيروان عاصمة الأغالبة تكون وجهة لجميع التونسيين في الجنوب المهمش والمحروم من الخدمات الأساسية الصحية ومحاولة تعميمها في الولايات التي عانت كثيرا من التهميش، ومحاولة تقديم مشاريع جديدة في البرلمان التونسي كإصلاح التعليم وهيكلة قطاعات الصحة والضمان الاجتماعي بما يكفل للتونسيين حقوقهم المشروعة والتامّة ويمنحهم الاستقرار.

كما شدد قيس سعيد على أن الأمن العام مهمّة العسكريين والأمنيين الأبطال الذين ما فتؤوا يواجهون الجريمة بكافة أنواعها لتحقيق الاستقرار الأمني وعدم السماح لأي كان أن يربك المشهد الأمني.

ولعل ما شد انتباه العالم في هذا الحوار وقد بدأ به، حقيقة صفقة القرن التي هزت الشعوب في العالم، وظل يردد أن التطبيع مع إسرائيل خيانة عظمى وأن الشعب الفلسطيني شعب جبّار سوف يحرر أرضه المغتصبة مهما طال الزمان، وستظل القدس الشرقية والغربية عاصمة أبدية لفلسطين، وما صفقة القرن إلا فقاعات صابون سرعان ما تضمحلّ عند مجابهتها بأبسط الوسائل، وعلى هذا تبقى تونس على مسارها المعهود رغم التحولات والضغوطات والتهديدات، لأن الشعب التونسي شعب يرفض أي نوع من الاستعمار والاستغلال ويستهجن ما تفعله إسرائيل وأمريكا بالشعب الفلسطيني الحر.

تشكيل الحكومة التونسية في أقرب وقت ممكن

بيّن الرئيس قيس سعيّد أن تونس تسعى لإقامة علاقات واسعة مع جميع البلدان، ولا تصطدم مع أي كان وتتضامن كليا مع الشعوب الحرة ضد أي نوع من أنوع الاعتداء.

لقد رسم الرئيس التونسي في حواره مع قناة الوطنية الخطوط العريضة التي سيسير عليها، وأولها تشكيل الحكومة التونسية في أقرب وقت ممكن وتحميل البرلمان المسؤولية التاريخية في قبولها أو رفضها، والاستعداد التام لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة إذا لم يتم الاتفاق وهو ما لا يرغب فيه الرئيس ولكن إذا اضطر إلى ذلك فلا سبيل إلا إليه حسب الدستور والقانون الانتخابي.

أكد الرئيس أن المؤسسات الثلاث، الرئاسة والبرلمان والحكومة، لا بد أن تكون متماسكة ومنسجمة وتعمل معا في إطار من الاحترام والتعاون بعيدا عن أي تجاذبات سياسية وأن اختياره السيد إلياس الفخفاخ لرئاسة الحكومة لم يكن اعتباطيا ولا مزاجيا ولا تحت ضغوطات من أي جهة كانت بل كان ذلك عن قناعة تامّة بعد أن اختار الأحزاب هذه الشخصيات لرئاسة الحكومة ومن ثم فإنه جادّ لحل المشكلة الآنيّة في تونس وما يعانيه الشعب من عوز وفقر وبطالة وتهميش وغيرها من هذه المسائل.

* صحفي و محلل.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.