الرئيسية » بعد تغييب تونس و الجزائر عن قمة القاهرة : هل إنسحبت مصر من الترويكا الخاصة بليبيا؟

بعد تغييب تونس و الجزائر عن قمة القاهرة : هل إنسحبت مصر من الترويكا الخاصة بليبيا؟

تغييب إرادي لرؤساء تونس والجزائر.

إستضافت مصر، الثلاثاء الماضي، 23 أفريل 2019، إجتماع قمة الترويكا ورئاسة لجنة ليبيا بالإتحاد الأفريقي، واللافت أن قمة القاهرة التي تم تخصيصها للأزمة الليبية لم تُشارك فيها أهم دول الجوار الليبي المعنية بتداعياتها الأمنية والعسكرية والسياسية و حتى الإنسانية كتونس والجزائر.

من الجزائر: عمّار قـردود

انتظم الإجتماع بمشاركة رئيسي رواندا وجنوب إفريقيا، عضوي ترويكا بالإتحاد الأفريقي، ورئيس جمهورية الكونغو بصفته رئيسًا للجنة المعنية بليبيا في الإتحاد الأفريقي، فضلًا عن رئيس المفوضية الأفريقية، تحت رئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحاول المشاركون في الإجتماع إضفاء الشرعية على الهجوم العسكري الذي يقوده خليفة حفتر على حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس. وناقشت القمة آخر التطورات على الساحة الليبية، وسبل احتواء الأزمة الحالية وإحياء العملية السياسية في ليبيا والقضاء على الإرهاب.

مصر تعمل على تهميش تونس والجزائر

لم توجه الدعوة لتونس والجزائر للمشاركة في القمة التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة، هو ما أثار الكثير من الأسئلة، من ضمنها هل قررت مصر الإنسحاب من الترويكا الخاصة بليبيا والتي تضم بالإضافة إليها كل من تونس والجزائر.

و إعتادت مصر تهميش دول الجوار و العمل بمفردها فيما يخص ليبيا، حيث جمدت مشاركتها في مجموعة دول الجوار الليبي التي تأسست في 2014 وتضم كل من مصر والجزائر وليبيا، وتونس والسودان وتشاد والنيجر وتم تشكيلها أثناء القمّة الأفريقية في غينيا الإستوائية، بغرض تقديم الدعم السياسي والأمني لليبيا من خلال العمل الجماعي للتعامل مع الموقف في ليبيا.

وظهرت بوادر هذا العمل الجماعي في الجزائر في ماي 2014، عندما بادرت الجزائر بعقد إجتماع لوزراء خارجية الدول المجاورة لليبيا على هامش الإجتماعات الوزارية لحركة عدم الإنحياز، الذي خرج بتوصيات عدة من بينها تأكيد المشاركين على تضافر جهودهم من أجل مساندة ليبيا وفق آليات مشتركة بالتنسيق والتعاون مع الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي.

وعقد إجتماع القاهرة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الحالي للإتحاد الأفريقي، وبمشاركة رؤساء رواندا وجنوب إفريقيا عضوي ترويكا الإتحاد الإفريقي، ورئيس جمهورية الكونغو بصفته رئيسًا للجنة المعنية بليبيا في الإتحاد الأفريقي، فضلاً عن رئيس المفوضية الأفريقية.

و الغريب أن المسؤولون المصريون كانوا حريصين على توسيع قائمة الضيوف المصغرة، لتشمل الرئيس التشادي ادريس ديبي، والجيبوتي إسماعيل عمر جيله والصومالي محمد عبد الله محمد، إضافة إلى نائب رئيس وزراء إثيوبيا، ووزراء خارجية كل من أوغندا وكينيا والأمين العام لوزارة الخارجية النيجيرية، والواضح أن كل هذه الدول ليست جارة لليبيا بإستثناء التشاد و النيجر.

و في البيان الختامي لقمة القاهرة دعا المشاركون إلى “حصر السلاح في يد قوات الجيش والشرطة النظامية لتمكينهما من أداء واجبها في حفظ الأمن والإستقرار والقضاء على الإرهاب، وما يرتبط بذلك من تدخلات خارجية في الشؤون الليبية”. وهو ما يعطي “مصداقية” للحجج التي ساقها المشير خليفة حفتر لتبرير هجومه على العاصمة طرابلس ومناطق أخرى.

كما ساوى البيان الختامي بين الجنرال حفتر وحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج المعترف بها دوليًا، ودعاهما إلى “ضبط النفس واحترام سلامة المدنيين وتيسير وصول المساعدات الإنسانية إلى كافة مناطق ليبيا”.

ودعا البيان إلى “الإلتزام بدعم إستقرار ليبيا ووحدتها وسلامتها الإقليمية، واستئناف المفاوضات السياسية على أساس الإتفاق السياسي الليبي، بما يتيح توحيد مؤسساتها الشرعية.

تونس والجزائر تواصلان دعم حكومة الوفاق الوطني

ولا تشاطر تونس والجزائر نفس المواقف التي تضمنها البيان الختامي لقمة القاهرة حول ليبيا، إذ تدعمان حكومة الوفاق الوطني.فيما تدعم مصر المشير خليفة حفتر و حكومة طبرق الموازية.

وخلال لقائه حفتر، في القاهرة يوم 14 أبريل الجاري، أعرب السيسي عن دعم مصر لـ”جهود مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة”. واعتبرت أطراف ليبية هذا اللقاء وذلك التصريح دليلا على دعم السيسي لهجوم حفتر على طرابلس، في وقت كانت تستعد فيه الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للحوار داخل ليبيا.

و أمام هذا التهميش المصري-الإفريقي لتونس و الجزائر و تغييبهما عن إجتماع هام مثل قمة القاهرة تطرق إلى الأزمة الليبية، سارعت تونس إلى بذل مساعي دبلوماسية حثيثة من أجل وضع حد للإقتتال الدائر بين الإخوة الأشقاء في ليبيا، حيث شدد وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان، أمس الأربعاء، على ضرورة الوقف الفوري للمواجهات العسكرية الدائرة حاليًا في ليبيا، وإفساح المجال لاستئناف المسار السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة.

كما اتفق الوزيران في اتصال هاتفي على أهمية تنفيذ مخرجات لقاء أبوظبي بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج والقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر نهاية شهر فيفري المنقضي، والتي أكدت على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال إنتخابات عامة قبل نهاية 2019، وعلى الحفاظ على إستقرار ليبيا وتوحيد مؤسساتها.

ودعا وزيرا الخارجية أيضا المجموعة الدولية إلى بذل مزيد من الجهود من أجل حث مختلف الأطراف الليبية على الوقف الفوري للاقتتال. وأكدا في هذا الصدد على الدور المحوري للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى ليبيا غسان سلامة في رعاية المساعي الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية وفاقية للأزمة الليبية.

من جهة أخرى،يشرع وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بزيارة عمل إلى تونس بداية من اليوم الخميس تستمر يومين، في أول زيارة خارجية له منذ تسلمه لمهامه على رأس الدبلوماسية الجزائرية. و ذلك بدعوة من نظيره التونسي خميس الجهيناوي.

و تُمثل هذه الزيارة فرصة لبحث سُبل التعاون و تعزيز علاقات الأخوة بين البلدين و تطويرها خاصة في المجالات الإقتصادية و تنمية المناطق الحدودية، بالإضافة إلى التنسيق الأمني والعسكري في إطار الجهود المشتركة لمراقبة الحدود و مكافحة الإرهاب في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة. كما ستكون الزيارة مناسبة لتبادل وجهات النظر في مختلف المسائل الإقليمية ذات الإهتمام المشترك و في مقدمتها الأوضاع في المنطقة المغاربية و خاصة ليبيا.

و كانت وزارة الدفاع التونسية قد أعلنت تحسبها لأي طارئ، وأعلنت اتخاذها جميع الاحتياطات الميدانية لتأمين الحدود الجنوبية الشرقية، ومواجهة التداعيات المحتملة تحسبا لما قد ينتج عنه من إنعكاسات على المناطق المتاخمة للحدود التونسية الليبية.

تونس والجزائر تعملان على الوقف الفوري للاقتتال في ليبيا

فيما دعت الخارجية التونسية، من جانبها، إلى الوقف الفوري للاقتتال في العاصمة الليبية طرابلس. كما جددت دعوتها لأطراف الصراع للسعي من أجل التوصّل لحل سلمي توافقي، واصفة التصعيد العسكري الذي تشهده ليبيا بـ”الخطير”.

وبدورها، دعت الرئاسة التونسية إلى ضرورة تجنّب التصعيد العسكري في ليبيا، وإنهاء الإقتتال بين أبناء الشعب الواحد. وحثت جميع الأطراف في ليبيا على الإلتزام بالتهدئة وضبط النفس، وتغليب الحوار، وعلى أهمية الحفاظ على المسار السياسي لحلّ الأزمة برعاية أممية. أما وزارة الدّاخلية فرفعت جاهزيتها، وحذرت من خطر تسلل عناصر إرهابية عبر الحدود الشرقية، بسبب الوضع الأمني في ليبيا.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.