الرئيسية » للتأمل فقط : الحكم “العائلي والجهوي” من البايات وبورقيبة إلى الباجي والغنوشي !

للتأمل فقط : الحكم “العائلي والجهوي” من البايات وبورقيبة إلى الباجي والغنوشي !

 

الأبناء والأصهار و “أولاد البلاد”.

التونسيون أصبحوا حذرين من كل ما هو عائلي في دائرة الماسكين بالسلطة، ويكفي أن تتهم هرم النظام بالسقوط تحت تأثير العائلة حتى تستفز حفيظة أكثر التونسيين هدوءا وتعقلا. لذلك وجب أخذ هذا المعطى الإجتماعي والسياسي بعين الإعتبار. 

بقلم مصطفى عطية *

ذاق التونسيون الأمرين من الحكم العائلي سواء في عهد البايات الذي كان الحكم فيه ملكيا وراثيا أو بعد الإستقلال وخلال عهدي الجمهورية الأولى إذ كان تدخل أفراد العائلة سافرا ومؤثرا.

لم يستطع الزعيم الحبيب بورقيبة، الذي تمكن من إبعاد إبنه عن دائرة النفوذ ، أن يفعل الشيء ذاته مع زوجته وسيلة ثم إبنة أخته سعيدة ساسي، فقد كانت وسيلة بن عمار، وهي من عائلة أرستقراطية مقيمة بالعاصمة منذ عقود عديدة، ذات تأثير كبير في الشأن الوطني حتى وصل بها الأمر إلى تكوين لوبي فاعل وضاغط داخل القصر، ينسج المناورات ويطيح بالوزراء غير الطيعين ويعين آخرين، ويوزع المنافع، ثم تحول النفوذ بعد طلاقها القسري إلى سعيدة ساسي التي أصبحت الآمرة الناهية في ظل هرم ومرض خالها الرئيس الحبيب بورقيبة، وعلى يديها بدأ إنهيار العهد البورقيبي.

دخلت البلاد، في تلك الفترة، مرحلة الخطر، فٱنتفض الوزير الأول زين العابدين بن علي، الذي كانت سعيدة ساسي وراء تعيينه لأسباب يعرفها القاصي والداني، وأزاح بورقيبة من الحكم ليأخذ مكانه، لكن إلتزامه بالبيان الذي أعلنه يوم السابع من نوفمر 1987 وملك به “مبايعة” المواطنين لم يصمد طويلا، إذ سرعان ما أخل به وفتح المجال واسعا لأبنائه وأصهاره من زوجته الأولى ثم لزوجته الثانية وعائلتها بالإضافة إلى عائلته هو، ليعيثوا في الأرض فسادا ويحولوا البلاد إلى مزرعة خاصة بهم، مما مهد إلى الحراك الشعبي الذي أطاح بنظامه في الرابع عشر من جانفي2011.

التونسيون أصبحوا حذرين من كل ما هو عائلي في دائرة الماسكين بالسلطة

أثرت هذه الوقائع والأحداث تأثيرا بالغا على التونسيين فأصبحوا حذرين من كل ما هو عائلي في دائرة الماسكين بالسلطة، وهو العامل النفساني الذي إستغله أصحاب المخططات الشيطانية للإطاحة بكل من لا يدور في فلكهم، يكفي أن تتهم هرم النظام بالسقوط تحت تأثير العائلة حتى تستفز حفيظة أكثر التونسيين هدوءا وتعقلا.

كان بعضهم قد أثاروا مسألة القرابة العائلية التي تربط رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي برئيس الحكومة يوسف الشاهد، وروجوا لها بشكل مكثف حتى أرغم الطرفان على تكذيب ذلك، وظهر جليا وواضحا أن المسألة لا أساس لها من الصحة، وكل ما في الأمر أن خال يوسف الشاهد، المرحوم البشير الحداد، متزوج من أخت صهر الرئيس وطبيبه الخاص ! وهي قرابة لو إعتمدناها مسلكا لوجدنا أن أغلب التونسيين أصهارا.

عندما خفتت هذه الزوبعة، إندلعت أخرى وتتعلق بالإنتماء الجغرافي الضيق لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد (من أبناء الحاضرة)، بدعوى أن ” ثورة الفقراء” سطا عليها “الأرستقراطيون” !!! في حين أن أصيلي الحاضرة أو “البلدية” كما يسمونهم ليسوا كلهم أغنياء، فهم ككل سكان المدن والقرى والأرياف الأخرى، طبقات، فيهم الأغنياء والفقراء.

وعندما أمسك حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، بدواليب حزب نداء تونس، إشتد سعير الإنتقادات وتم تطارح مسألة التوريث العائلي، الذي يثير حساسية التونسيين، خاصة وأن قادة العديد من الأحزاب الأخرى نصبوا أبناءهم وبناتهم في المقاعد الأمامية لتلك الأحزاب، فنجل راشد الغنوشي وٱبنتاه وصهره رفيق عبد السلام وبعض أقربائه لهم اليد الطولى في حركة النهضة، والحزب الجمهوري أصبح ملكية عائلية خاصة لآل الشابي، وحزب العمال يعج بهمامة الشمال الغربي، والأمثلة عديدة.

حساسية التونسيين ضد الحكم العائلي والجهوي معطى يستحق الأخذ بعين الإعتبار

أما الأخطر على الإطلاق في هذا السياق فهو ما أثير ويثار بٱستمرار حول الصراع الجهوي بين “البلدية” والسواحلية، وملخصه أن “البلدية” إفتكوا الحكم من السواحلية !!! وقد إنجر بعض السياسييبن والمثقفين والإعلاميين، أو من يوصفون بهذه الصفات حقا أو باطلا، وراء هذا الخطاب الجهوي وروجوا لها على صفحات التواصل الإجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام والمنابر الخاصة والعامة، المغلقة والمفتوحة !!!

صحبح أن “السواحلية” وجدوا أنفسهم خارج دائرة هرمي الحكم ( الرئاسة والحكومة) ويحدث ذلك لأول مرة منذ ثلاث وستين سنة، بإستثناء المرحلة المؤقتة القصيرة المتمثلة في رئاسة المنصف المرزوقي وقيادة علي العريض لحكومة التروكيا الثانية، وصحيح أيضا أنه لولا تصويت السواحلية المكثف في ولايات سوسة والمنستير والمهدية للباجي قائد السبسي في الرئاسية ونداء تونس في التشريعية (وكان يوسف الشاهد أحد قيادييه )، وقد وصلت نسبة ذاك التصويت، في حالات عديدة، إلى أكثر من تسعين بالمائة، لكانت السلطة بين أيدي آخرين، ومن الوارد أن يثير ذلك بعض الغضب وحتى التململ في الجهة، لكن المسألة أخذت أبعادا أوسع، إختلط فيها العائلي والجهوي، فتململ التونسيون وثارت حساسيتهم ضد الحكم العائلي والجهوي لكن لا أحد من السياسيين المعنيين بهذه الإنتقادات تحرك لتصحيح الوضع الذي أصبح ينذر بعواقب وخيمة.

* صحفي وكاتب.  

 للتأمل فقط : سليم الرياحي أو السقوط الدرامي لرجل “مزروب” إستهواه اللعب بالنار !

للتأمل فقط : فضيحة المدرسة القرآنية بالرڨاب تعيد للأذهان قولة عبد الفتاح مورو لوجدي غنيم !

للتأمل فقط : حمادي الجبالي “يبشركم” بترشحه للإنتخابات الرئاسية وإقامة الخلافة السادسة !

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.