الرئيسية » حديث الجمعة : حق المثلية في الإسلام كطبيعة بشرية

حديث الجمعة : حق المثلية في الإسلام كطبيعة بشرية

من المتوقّع أن يقع عرض مشروع قانون في إبطال تجريم المثلية بتونس اعتمادا لا فقط على القانون بل وأيضا على أن المثلية في الإسلام فطرة بشرية وأن الحق المثلي ثابت في هذا الدين بخلاف ما كانت عليه الحال في اليهودية والمسيحية.

بقلم فرحات عثمان

ان التجريم الذي نجده في الفقه الإسلامي والذي يأخذبه  أهل الإسلام اليوم ليس إلا مما رسب من الإسرائيليات في دين الحنيفية المسلمة؛ لذا حان الوقت لتخليص دين العدل وكلمة السواء من شناعة هذا الإجرام في حق الأبرياء المثليين وهو ثابت في دين لم يجرم ولم يحرّم اللواط. هذا، ويُعتقد أن يعتمد مشروع القانون على بيانٍ نقدّمه في حديثنا هذا، إذ هو فصل الكلام في حقوق المثليين في الإسلام وكلمة السواء الإسلامية في المثلية كطبيعة بشرية.

يبدأ البيان، الذي يرتكز على حقائق سبع، بتوطئة تبيّن أن الأعمال إنما هي بالنيات، والنية الحسنة هي الدين، وهو كلمة السواء. فالبيان يتقدّم على أنه كلمة الحق والسواء في الموقف الصحيح للإسلام بخصوص هذا الجنس عند بعض الناس، وهي الطبيعة البشرية التي تُسمّى مثلية، ما كان يُنعت باللواط أو عمل قوم لوط.

والفصل 230 من المجلّة الجنائية بتونس يجرّم العلاقات المثلية باسم التعلّق بالدين، بينما هو لا يتعلّق في حقيقة الأمر إلا بالفهم الإسرائيلي للإسلام، إذ لا تحريم ولا تجريم في الحنيفية المسلمة لهذا الجنس الطبيعي؛ فالفصل المعني من مخلفات الاحتلال الفرنسي الذي كانت مرجعيته الكتاب المقدس.

الحقيقة الأولى:

مناهضة المثلية اليوم مخالفة للإسلام لأخذها بقانون استعماري حيث كان التجريم لهذا الجنس في المسيحية واليهودية. أما الإسلام، وهو الدين الإناسي، فلم يجرّم بتاتا ما اعتبره من الطبيعة، حيث الجنس الغالب بها هو الجنس الثنائي الذي لا يفرّق بين الذكر والأنثى.

الحقيقة الثانية:

ادّعاء مخالفة المثلية للإسلام هو ادعاء كاذب رسب إليه من الإسرائيليات. فلا يوجد في القرآن أي حكم في الغرض، إنما فقط قصص قوم لوط. وهي تذكّر بما في الكتاب المقدّس مما لم يُجزه دين القيّمة. أما الحكم المعمول به فقها، فقد استنبطه حملة العلم في الإسلام، وأكثرهم كانوا من الموالي كما بيّنه ابن خلدون، معتمدين القياس على الزنا، بما أنه لا تحريم في دين الإسلام إلا بحكم صريح؛ وهو غير موجود.

الحقيقة الثالثة:

بخصوص قصص قوم لوط، قيمتها طبعا في الموعظة؛ إلا أنها لا تخص المثلية، بل الحرابة والاعتداء على أمن السابلة؛ إذ عاقب الله القوم لكونهم كانوا قطّاع طرق. أما نعتهم عموما باللواط، فقد كان من باب التشنيع بهم بالآلية البلاغية في العربية التي تسمح بالتعميم لما كان خاصا؛ وقد جاء القرآن بلغة أهله، هذه العربية المبينة. ومن المعلوم أن من قواعد البلاغة العربية التعميم للمدح أو للذم؛ وهي الحال هنا نظرا لكون المثلية في ذلك العهد كانت تُعتبر عالميا فحشا. أما اللواط في قوم لوط، فكان في البعض من القوم، لا كل الشعب، وإلا لما كان القوم شعبا؛ وهذا من البديهيات.

الحقيقة الرابعة:

الآية الوحيدة في القرآن التي يذكرها البعض على أن فيها ذكرا للواط وقع فهمها خطأ بخلاف قواعد اللغة العربية؛ إنها الآية 16 من سورة النساء. فهي في العلاقة بين الرجل والمرأة غير المحصنين؛ وتكفي العودة  إلى أساطين التفسير والفقه، وعلى رأسهم الإمام الطبيري، لمعرفة خور فهم من يقول بكونها في ذكرين.

الحقيقة الخامسة:

إن ما يؤكد التوجّه السليم للإسلام في عدم تجريم ما هو في الطبيعة عامّة أنه لم يصحّ أي شيء في الغرض عن الرسول الكريم؛ فليس في أصح الصحاح، صحيح البخاري وصحيح مسلم، أي حديث عنه أو أثر صحّ في أن اللواط عُد أفظع الفواحش. هذا، وقد علمنا أن العديد من الأحاديث اختُلقت لأجل الموعظة والعمل الخيّر؛ فما أدراك بما كان يُعتبر عالميا من الفواحش، قبل أن يأتي العلم ليصحح الأمر فيعود للموقف السليم الذي كان للإسلام منذ البداية، أي أن المثلية من الفطرة.

الحقيقة السادسة:

هذا وقد علمنا أن الرسول الأكرم كان يقبل ببيته المخنّث، فلا يعيبه على طبيعته؛ ثم إنه لما أبعده عن داره، لم يكن ذلك لميولاته، بل لسوء تصرّفه وأخلاقه مع نسائه. فالرسول لم يقتله ولا عاقبه؛ كما أنه لم يتعرّض لأي مثلي ممن كان بمكة والمدينة. وقد عُرف اللواط عند العرب، كما كان في البعض من أعيان قريش في الجاهلية. فلئن تجرّأ وظلم خلفاء الرسول المثليين، فما كان هذا تأسّيا بسنّة منه، بل اقتداء بما كان في الديانات الأخرى التي جاء الإسلالم لتصحيحها لانحرافها عن دين إبراهيم.

الحقيقة السابعة:

إن كتب الفقه، لا الأدب والتاريخ وحدهما، لتزخر بالروايات عن المثليين والمثلية؛ ولم يكن العدبد من الشخصيات المرموقة، منهم الفقهاء يخفي ميولاته المثلية لكونها طبيعية؛ وقد اشتهر منهم بذلك الفقيه الجليل يحي بن أكثم. كما أنه لم يُتغنّى في العالم بالمثلية مثل ما فعل الشاعر الحسن ابن هاني،  أبو نواس، الذي لم يخف يوما على حياته فلا سُجن ولا قُتل، بل مات شيخا حتف أنفه. هذا، وقد كان أهل الغرب من المثليين يأتون بلاد الإسلام ليعيشوا بسلام طبيعتهم التي كانت مرفوضة في بلدانهم جراء التزمت اليهودي والمسيحي. وهذا يؤكد القول أن الجنس العربي كان ثنائيا لا تفريق فيه بين الذكر والأثني، ما يعني أن المثلية كانت من الجنس الذي مارسه العربي المسلم بدون أي مرّكب حتى دخول الاحتلال الغربي إلى بلاده بتزمته الديني. فإذا به يقنّنها كما فعل بتونس مع الفصل 230 جنائي الواجب إبطاله باسم القانون والدين.

مشروع القانون في إبطال تجريم المثلية

حيث أن كراهة المثلية مخالفة لحقوق الإنسان في حياة مجتمعية آمنة، وهي أساس الديمقراطية؛ وحيث أن التوجه الجنسي للبشر من حياتهم الخصوصية التي تضمن حريتها دولة القانون والإسلام؛وحيث أن الفصل 230 من القانون الجنائي يخرق الإسلام وينتهك تسامحه، إذ لا كراهة فيه للمثلية لاحترامه لحرمة الحياة الخاصة للمؤمن وضمانه التام لها؛ فإن مجلس نواب الشعب يقرر ما يلي :

فصل وحيد 

نظرا لأن الحياة الخصوصية محترمة ومضمونة دستوريا بالجمهورية التونسية، لذا، أُبطل الفصل 230 من القانون الجنائى.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.