الرئيسية » دكاكين لبيع وشراء الضمائر : لأي شيء تصلح المعارضة في تونس ؟

دكاكين لبيع وشراء الضمائر : لأي شيء تصلح المعارضة في تونس ؟

حمة الهمامي، منصف المرزوقي، محسن مرزوق، وعصام الشابي.

أحزاب المعارضة التونسية صبيانية و تافهة و غير منجزة ولعل من حسن حظها أنها تستغل بعض هدايا السلطة الحاكمة المرتبكة لإيهام قواعدها أنها معارضة تربح الغنائم والحال أن حفنة من نشطاء التواصل الإجتماعي يثيرون الجلبة ويثيرون الإهتمام أكثر من كل أصوات هذه المعارضة الغبية.

بقلم أحمد الحباسى

استمعت الى محسن مرزوق وإلى حمة الهمامي وإلى نجيب وعصام الشابي وإلى اخرين من قيادات المعارضة… ربما أدركت متأخرا أن ما سمعته هو خطاب عدمي مكرر لا ينفع في السياسة وربما أخطىء حين أقول أن هؤلاء السياسيين فى المعارضة على الأقل لا يصلحون تماما للتعايش والتعامل بإيجابية مع ثورة طمع فاعلوها بأن تكون مثمرة فها هي عاقر  بعد مرور سبع سنوات عجاف.

يمكن اختزال المعارضة التونسية في أمور قليلة جدا من بينها افتعال المشاكل مع الحكومة ومع الرأي العام وإشغاله بقضايا صغيرة تافهة مثل هذه الحملات اليومية المختلفة الشعارات التى يعلم الجميع أنها من تدبير علاقات هذه الأحزاب بالمخابرات الأجنبية وببعض السفارات ودكاكين البيع والشراء التى أسستها وزارة الخارجية الأمريكية لضرب الإستقرار في المنطقة العربية.

إن إشغال الشعوب بالقضايا التافهة يبعدهم عن رؤية الحقائق، كما يقول الفيلسوف والمفكر ناعوم تشومسكي فى عدة قراءات إعلامية وفكرية منشورة، تختص المعارضة التونسية أيضا فى بث لغة الإحباط  التى تجعل الشعب يستسلم لقدره دون مقاومة نتيجة جرعات اليأس التى تبثها هذه العقول المتهرئة فى حين أن المطلوب من كل معارضة فى العالم هو خطاب الأمل وطرح البدائل القابلة للإنجاز.

أحزاب المعارضة بعيدة عن فن التعامل مع الشعب

تحاول المعارضة التونسية دائما مخاطبة العواطف وليس العقول باستثارة الغرائز مما يؤدي أحيانا إلى حالات مفرطة من الإحتقان الشعبي تؤدى الى مثل ما يحصل دوريا فى كثير من المدن التونسية من حرق ونهب وإعتداء على الأملاك العامة والخاصة.

هذا التغرير المبالغ فيه بالشعب ربما تظن المعارضة أنه فعل مناسب سيخدم مصالحها في الوقت المناسب ولكن يظهر أن حسابات البيدر لا توافق حسابات الحقل ولذلك لا تحصل هذه المعارضة على ثقة الشعب سواء على مستوى التصويت فى الإنتخابات أو على مستوى القبول الذهنى فى الشارع.

إن تشجيع الشعوب على العصيان المدنى ربما تكون الطريق القصيرة لربح بعض النقاط الوقتية على حساب الحكومة ولكن هذا الفعل السياسى الهابط لا يمكن ان يؤتي أكله دائما لأن الشعب دائما ما يستفيق فى الوقت المناسب  ليبتعد عن المنطقة الخطر.

فى كل دول العالم يخضع السياسيون الى دروس فى فن التعامل مع الشعب ومع قضاياه وكيفية مخاطبته وهناك مختصون فى هذا المجال لكن فى تونس هناك إصرار من قيادات المعارضة على استعمال نفس الخطاب البائس المكرر.

الإستراتيجيات الإعلامية المتعلقة بفن التواصل والحوار والخطاب الإعلامى لازمة وضرورية  لتغيير عقلية هؤلاء السياسيين الفاشلين ودفعهم إلى الإنخراط في مفاهيم متطورة تؤدي إلى سرعة الإنسجام الذهني بين المتلقي وبين المسؤول السياسي.

أحزاب المعارضة حالة الإكتئاب الشعبية السائدة

في غياب ذلك لاحظنا بوضوح حالة الإكتئاب الشعبية التى اصبحت الطبق الشعبي السائد نتيجة عدمية خطاب المعارضة فى كل وسائل الاعلام ولاحظنا حالات التشاؤم البارزة التي يؤكد الجميع أنها إفراز منطقي لهذا الخطاب المستقر الهابط الذى تبثه المعارضة طوال الوقت دون لمسات تجعله جذابا ورائقا ومقبولا.

إن استساغة إعادة نفس الخطاب دون تحويرات ودون نبض يؤكد أن هذه المعارضة لا تستطيع  طرح البدائل الممكنة ولا دفع الشعب إلى الحلم بغد أفضل وغاية ما يمكنها  فعله هو إثارة الغرائز القادرة على إشعال الحرائق وإسالة الدماء في الشارع تماما كما فعلت قيادات الجبهة الشعبية وحزب محمد المرزوقى دائما لمجرد وضع العصا فى عجلة حكومة السيد يوسف الشاهد.

ربما تظن المعارضة أن سياسة تغليب العواطف على العقول هي من ستدفع هذه الحكومة إلى تقديم تنازلات أو التعاون معها لكن الأيام تكشف تباعا أن المعارضة تتعرى أمام الشعب الذى لم يعد يقبل بعمليات الحرق والنهم وسيلان الدماء واستنزاف مقدرات الوطن.

إن المعارضة التونسية اليوم قد كشفت أغلب أوراقها إن لم نقل كلها والشعب اليوم أذكى من أن تمر عليه المؤامرة ولعل إشارات رئيس الحكومة ورئيس الدولة المبطنة والمكشوفة الى اتهامها بحرق البلاد هي بداية دفع المعارضة إلى الزاوية لمحاسبتها بمجرد انتهاء التحقيقات الأمنية  فى خصوص الإتهامات الموجهة إليها بإشعال فتيل الإحتجاجات غير السلمية التي عمت بالبلاد واضرت بالإقتصاد القومي نتيجة انحسار الوافدين على القطاع السياحي وتخوف المستثمرين الأجانب من تواصل هذه الإحتجاجات الدموية المفلسة.

إن الوضع الإجتماعى و الإقتصادى في تونس اليوم قد وصل مرحلة متعسرة وهناك بوادر أزمة وحالة من الغضب الشعبي ولذلك نقول أن المواطن اليوم ليس مستعدا لقبول خطاب للمعارضة يدفع الشباب إلى الحرق والنهب خاصة وأن الدولة لا تؤمن هذه الخسائر التي ستزيد من عمق الأزمة ومن دفع البلاد الى الإستدانة من الخارج.

إن المعارضة التونسية مدعوة من جانبها إلى تخصيص خلايا إعلامية وعلاجية “لإنتاج” خطاب وعقول سياسية متجددة حتى تستطيع مواكبة العصر والتفاعل مع واقع البلاد، على الأقل هذا ما يقوله النائب عن الجبهة الشعبية المنجي الرحوي فى إتهام مباشر لقيادة اليسار وهو الإتهام الذي يمكن إسقاطه على حزب المرزوقي الذي شهد هذا الأسبوع حالة مرعبة من الإنشقاقات الكمية والنوعية يعسر رتق تفاعلاتها و ارتداداتها.

الشعب الذى لم يعد يقبل بعمليات استنزاف مقدرات الوطن

لقد اصبحت الرشوة السياسية واستغلال الأموال الخليجية المشبوهة لفوائد حزبية ضيقة مرضا لدى بعض ساسة المعارضة الكرتونية التي تؤثث المشهد السياسي اليوم  ولا أدل على وجود هذه الرشاوي المالية ما عرضته وثائق بنما بيبرس  وما يسرب في كثير من الصحف العربية والعالمية عن تمويل بعض دول الخليج  لأحزاب تونسية والحصول على تمويلات غير واضحة المصادر، ولعل  اصطفاف محمد المرزوقى  وراء المصالح القطرية التركية السودانية ليس اصفطفافا مبدئيا لوجه الله بل هو اصطفاف كما يقول المنشقون من حزب حراك تونس الإرادة  لخدمة أغراض سياسية تتعارض مع مصالح السياسة الخارجية التونسية التي كان على هذا الرجل التقيد باحترامها حرفيا على الأقل بصفته رئيسا مؤقتا سابقا ومراعاة لقسم التنصيب وهذه “الخدمات ما بعد البيع”، وأعني بيع الضمائر لا تكون لوجه الله.

إن هذه الطبقة السياسية المراهقة لم تفلح لحد الان إلا فى شيء واحد وهو جعل الشعب يستقيل بصورة شبه نهائية من ممارسة دوره السياسي فى الحياة العامة بعدما أصبحت كلمة سياسة لا تعنى لديه إلا لهف المال العام ونكث العهود الإنتخابية والضرب تحت الحزام وقلة الأدب  فى الحوار.

إن المعارضة لا تعنى اليوم  إلا “دقان الحنك” وهي معارضة صبيانية لم تصل إلى حد الفطام السياسي ولعل من حسن حظها أنها تستغل بعض هدايا السلطة المرتبكة لإيهام قواعدها  أنها معارضة تربح الغنائم والحال أن حفنة من نشطاء التواصل الإجتماعي يثيرون الجلبة ويديرون أعناق السلطة أكثر من كل أصوات هذه المعارضة الغبية.

فى كلمة لقد ضاع النضال وماتت المعارضة سريريا منذ فترة وسقطت المبادىء بعد كل عمليات بيع الضمائر و اللعب على كل الحبال.

مقالات لنفس الكاتب بأنباء

حرب السكاكين الطويلة في نداء تونس : الأسباب و المظاهر والتداعيات المنتظرة

ماذا يريد الإتحاد العام التونسي للشغل من أبنائنا التلاميذ ؟

حكومة الشاهد عندما تتريث : تونس بين صراعات الداخل والخارج

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.