الرئيسية » محمد كريشان، الرجل الذي فقد ظله

محمد كريشان، الرجل الذي فقد ظله

بقلم أحمد الحباسي

 

الإعلامي التونسي محمد كريشان مشارك بالتضامن وبالفعل في جرائم ضد الإنسانية، مشارك بالإيحاء بجريمة ضد النظام السوري، مشارك بتضليل الحقيقة وإيهام الرأي العام والتستر على إرهاب الجماعات المتطرفة التكفيرية، مشارك بالصمت على ما تبثه قناة الجزيرة، مشارك بالتمعش المادي من التضليل الإعلامي…

محمد كريشان هو أحد ركائز إعلام الجزيرة. كانت مهنيته الصادقة على كل لسان في تونس. مع ذلك، فوجئ المتابعون بانتقاله إلى قناة الجزيرة. تحدث الكثيرون عن سوء تفاهم بينه مكبوت وبين إدارة التلفزيون التونسي في تلك السنوات الأولى لحكم بن على. رأى أصحاب القلم والمثقفون، إضافة إلى كثير من متابعي المسيرة المهنية للرجل، أنه يستحق مكانا في هذه القناة القطرية الناشئة الصاعدة.

الوقوف المتواصل حتى مع الأبالسة و الشياطين

الرجل مهني، كفء، هذا أمر لا جدال فيه. الرجل ليس عروبيا، لا قوميا، لا ينتمي إلى ساحة المقاومة، لا يؤمن بمشروع المقاومة، هذا أيضا أمر لا جدال فيه، هذا من حقه، ومن حقه علينا أن نحترم اختياراته مهما كانت خارجة عن السياق، عن المطلوب، عن واجب الانتماء. كثير، و أنا منهم طبعا، لا يرى الأمر بنفس المنظار و لكن لسنا أوصياء فكريا على أحد .

ما لا نقبله من الرجل، هو الوقوف مع قطر، وضد العروبة، الوقوف ضد المبادئ، الوقوف مع المشروع الصهيوني.

يعنى ما يهمنا في نهاية الأمر ليس وقوفه المتواصل حتى مع الأبالسة و الشياطين، لكن ما يهمنا هو أن نعرف لماذا يحاول الرجل بكثير من الزئبقية و التلون الفكري أن يمارس علينا فكر قناة الجزيرة في فن الإعلام المضلل، أو أن يحاول إقناعنا بكون وجهة النظر القطرية هي طريقنا إلى الرشاد، لأنه ولئن كان حرا في تحبير ما يراه من الأفكار “القطرية”، و حرا في نشرها في الصحف ذات الميول ”القطرية”، وطليقا في أن يتقول على الحقيقة بما ليس فيها، و ما نستحي من قوله، فانه ليس حرا في أن يحاول بطرق لئيمة معتادة أن يقنعنا بكونه معنا، أو أنه يرى مصلحتنا، أو أنه جزء منا، أو أنه يدافع عن كرامتنا، أو انه يسعى لينال الشعب السوري الحرية “القطرية”.

عبد الباري عطوان ، مثلا ، يتحدث عن فلسطين، عن الإستعمار الصهيوني، عن المجازر الصهيونية، يتباكى على القضية، على مصير القضية، يريدنا أن نصدق أنه فلسطيني، مع أنه يشهر في وجوهنا جواز سفر بريطاني، يريدنا أن نقتنع نفاقا أنه يحمل وجدانا فلسطينيا، مع أن من منحه ذاك الجواز هو ذاك المشؤوم اللورد بلفور الذي منع جواز مرور للصهاينة إلى الأرض الموعودة التي يحاول السيد عبد الباري أن يحملنا مسؤولية استرجاعها و النضال عنها كعرب، و هو يمارس الضلالة و التفجير الإرهابي الإعلامي ضد سوريا في الإمبراطورية القديمة التي لا تغيب عنها الشمس .

أيضا محمد كريشان يريد أن يكون تونسيا، عربيا، قوميا، مقاوما على طريقة عبد الباري عطوان وبقية شلة كتاب البلاط إياهم، لكنه “قطري” بالتبني وبالحضانة وبالنفقة وبزواج المتعة وبزواج المناكحة وبكل أنواع العلاقات الحرام.

يغتال السيد كريشان الحقيقة كل ثانية، كل دقيقة، في قناة الظلام الإعلامية القطرية المسمومة، يغتال حقيقة “الثورة” السورية، يغتال حقيقة المجازر الإرهابية، يغتال مصير الشعب السوري، يغتال حضن المقاومة، يغتال المصير العربي، يغتال الحلم العربي، لكنه يصر مع ذلك على الانتماء، على المواطنة، وعلى البراءة من الخطيئة الإعلامية القطرية… هكذا بدون ذرة خجل و بمنتهى البراءة.

لماذا يريدنا السيد كريشان أن نصدق أنه معنا والحال أنه مع قطر

ماذا يكتب السيد كريشان عن النظام السوري، عن المقاومة، عن العداء السوري لإسرائيل، عن تدمير حضارة سوريا، عن سرقة مصانعها، عن تدمير بنيتها التحتية، عن استهداف سبل الحياة و متطلباتها، عن تقصير الجامعة العربية نحوها، عن استهدافها، عن انحراف الثورة السورية إلى أهداف إرهابية، عن انتهاك الحرمات السورية، عما يحصل لآلاف النازحين في دول الجوار، تقريبا لا شيء، تقريبا ما تقوله على لسانه قناة الجزيرة ـ تقريبا ما يقوله حمد بن خليفة في كل مناسبات الهجوم القذر على سوريا، إذن لماذا يريدنا السيد كريشان أن نصدق أنه معنا والحال أنه مع قطر، إن لم نقل مع المشروع الإرهابي ضد سوريا، مع الجريمة العالمية المنظمة ضد المقاومة وحصن المقاومة في بلاد الشام.

يشمئز السيد كريشان من النظام السوري، ينقل حرفيا ما “تنشره” الجزيرة يوميا في أذهان ما تبقى من متابعيها، لا يراجع الرجل تاريخ سوريا، لا يريد أن نفهم أنه مع المؤامرة على سوريا، أنه إذا كان لشخص أن يشمئز فان المواطن العربي هو من يشمئز من النظام القطري، من الجزيرة، من أعوان الجزيرة، من مشروع الجزيرة. طبعا يريد أن نصدق أنه مع المقاومة، لكن لو سحبنا سوريا، إيران، وحزب الله من ساحة المقاومة من يتبقى ؟ قطر ستقاوم بدلا عن إيران، السعودية ستعطى السلاح إلى المقاومة الفلسطينية، الأردن ستفتح الجبهة للمقاومين العرب ؟ من سيقاتل، من سيدافع، من سيدفع، من يسلح، من… ؟

الإنحياز للإعلام السلفي الظلامي

لا يصدق السيد كريشان أن هذه “الثورة” السورية القذرة المتآمرة قد ولدت ميتة كغيرها من أحلام الإخوان و أحلام الأمريكان والصهاينة، مثلما ماتت مبادرة الملك السعودي في المهد، مثلما دفنت الحقوق الفلسطينية بفعل مفاوضات محمود عباس وما كشف فيها من خيانة المفاوض الفلسطيني، مثلما فشلت “مبادرة” خالد مشعل بالهروب إلى قطر. لا يصدق الرجل أن ما نراه من فيديوهات في قناة الجزيرة هو صنع ”محلى” لا علاقة له بالحقيقة السورية، لا يسعى أبدا للتحرر من المؤامرة، من أبالسة المؤامرة، بقى كفيفا لا يرى الحقيقة لا بعينه ولا بقلبه، غشاوة قطرية مؤلمة تنسحب على كثير من عملاء الإعلام الخليجي، من الأنظمة العربية، من مثقفي هذه الأمة المنكوبة فى نخبتها.

ليعذرنا “صديقنا” محمد كريشان عندما نقول أنه مشارك بالتضامن وبالفعل في جرائم ضد الإنسانية، مشارك بالإيحاء بجريمة ضد النظام السوري، مشارك بتضليل الحقيقة وإيهام الرأي العام والتستر على إرهاب الجماعات المتطرفة التكفيرية، مشارك بالصمت على ما تبثه قناة الجزيرة، مشارك بالتمعش المادي من التضليل الإعلامي، مشارك بالتحريض على النظام السوري، مشارك في تبييض الإعلام القطري الفاسد، مشارك في الإيحاء بسقوط النظام السوري ونشر الفزع والترويع في النفوس السورية الآمنة، مشارك في إخفاء حقيقة الدور الخليجي في مؤامرة إسقاط النظام السوري، مشارك في التعتيم على الدور الصهيوني في المؤامرة على سوريا، مشارك في إرجاع سوريا 50 سنة إلى الوراء، مشارك في تعزيز القدرات الصهيونية بالمساهمة في التعتيم على ما تفعله الجماعات الإرهابية، مشارك بتبرير كل ما يحدث في سوريا، مشارك بالمساهمة الفاعلة القصدية في تثوير الشعب السوري ودفعه إعلاميا للتقاتل والفتنة و الحرب الأهلية.

“ما الذي يمكن أن يقوله الآن كل من اختاروا الوقوف مع النظام السوري منذ بداية الاحتجاجات، كم يشتاق المرء إلى جلسة مع أحد من هؤلاء المثقفين… عساه يلمس منهم تعديلا صغيرا أو كبيرا في معزوفة المؤامرة التي يتعرض لها نظام الممانعة ضد إسرائيل و واشنطن وقوى الإستكبار العالمي كما يحلو للبعض تسميتها ”… هذا ما قاله السيد كريشان بتاريخ 8 مارس 2011 في مقال بعنوان ”عاشت سوريا الممانعة”، الممانعة يقولها الرجل الغارف من الأموال القطرية بلغة التسخيف و الاستهزاء.

نرد، ما الذي يمكن أن يقوله الآن محمد كريشان وكل من وراءه، على يمينه، على شماله، فوقه، ممن انحازوا للكلمة المنافقة، للإعلام السلفي الظلامى، للمشروع الصهيوني، عساه يلمس تعديلا صغيرا في معزوفة “الثورة” السورية القذرة التي ينفذها نظام الامتناع من العروبة القطري كما يحلو لنا أن نقول، ماذا عسى السيد محمد كريشان يقول و هو يرى بعين ”الجزيرة” بداية النهاية لهذه المؤامرة في القصير وكثير من المدن السورية، ماذا عسى يقول كريشان عن الانتصار السوري على قوى الإرهاب الخليجي الصهيوني، ماذا سيقول السيد محمد كريشان عن وعود قطر بإنهاء نظام الأسد بعد ساعات تحولت الى سنوات دون جدوى بعد أن ظهر أن المحميات الخليجية لا تصنع انتصارا حتى في لعب الورق… أما عن الممانعة، فخير لك أن لا تعرف، لأنك لا تعرف، ولن تعرف، المشكلة ليست في الحقيقة، المشكلة أن هناك من لا يريد الحقيقة.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.