الرئيسية » إضراب التعليم العالي: مسألة التمثيلية النقابية بين القانون وأهواء وزير التعليم العالي

إضراب التعليم العالي: مسألة التمثيلية النقابية بين القانون وأهواء وزير التعليم العالي

بقلم  نسرين الجديدي بنور

 

تعيش الجامعة العمومية اليوم على وقع إضراب إداري تخوضه نقابة الأساتذة الجامعيين الباحثين (إجابة) منذ جانفي 2018 على خلفية جملة من المطالب التي و لئن أقرت سلطة الإشراف مشروعتيها إلا أنها رفضت الجلوس على طاولة المفاوضة مع النقابة المعنية مستندة على أن هذه النقابة لا تشكل “النقابة الأكثر تمثيلية ” و هو ما أدى إلى تعميق الأزمة و احتدام حالة الاحتقان في الأوساط الجامعة في ظل تشبث الوزير بالتفاوض مع “النقابة الأكثر تمثيلية” حسب تعبيره و التي هي -حسب تقديره الشخصي المحض- الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلميFGESRS مستندا في ذلك على مجلة الشغل و بذلك أخذت الأزمة بعدا حقوقيا و قانونيا.

 

فما مدى وجاهة موقف وزير التعليم العالي و البحث العلمي من الناحية القانونية ؟ و محاولة منا لإنارة الرأي العام إرتأينا أن نقسم مقالنا الصحفي إلى النقاط الآتية:

• الحرية النقابية و الحق النقابي قواعد ذات قيمة دستورية
. لئن اقتضت أحكام الفصل 35 من دستور 27 جانفي 2017 أن ” حرية تكوين الأحزاب و النقابات و الجمعيات مضمونة” فإن الفصل 36 منه قد نص “على أن “الحق النقابي بما قي ذلك حق الإضراب مضمون”. و الحرية النقابية و الحق النقابي تعتبران اليوم من الحقوق والحريات الأساسية للإنسان ذات البعد الكوني التي نص عليهما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالفقرة الرابعة من الفصل 23 و كذلك نصت عليه عدة مواثيق و معاهدات دولية صادقت عليها تونس و نذكر هنا بالخصوص اتفاقيات المنظمة العالمية للعمل OIT رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية و حماية الحق النقابي و 98 رقم المتعلق بحق التنظيم و المفاوضة الجماعية و المادة الرابعة من اتفاقية العمل الدولية رقم 151 المتعلق بعلاقات العمل في الوظيفة العمومية و المصادق عليه بمقتضى القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2013 في 1 أفريل 2013.

• حق المفاوضة الجماعية شرط أساسي لقيام تعددية نقابية حقيقية:
حق المفاوضة الجماعية يعتبر أساسا لتمثيل المصالح الجماعية و هو يستند إلى الحرية النقابية و يجعل التمثيل النقابي ذا معنى. فوجود النقابات ليس غاية في حد ذاته. و بذلك فإن حق المفاوضة الجماعية مرتبط ارتباطا لا ينفصم بالحرية النقابية. إذ يعتبر القاضي الإداري التونسي في الحكم عدد 139135 بتاريخ 26 جوان 2015 أن ” لا جدال في أن من المهام الأساسية الدفاع عن منظوريها و توسل السبل القانونية المشروعة للغرض من ذلك المفاوضة مع الأجراء أو الجهات الإدارية بخصوص الوضعية البادية لمنخرطيها أو من جهة تحسين ظروفهم…” فوجود نقابات قوية و مستقلة و الإقرار الفعلي في الحوار الاجتماعي بما في ذلك المفاوضة الجماعية تعتبر أداة رئيسية للتوصل إلى حلول مثمرة قادرة على إيجاد حلول مناسبة للنزاعات الحاصلة أو المحتملة .
• فراغ تشريعي بالنسبة لتأطير المفاوضة الجماعية

يخضع الأستاذ الجامعي الباحث إلى القانون عدد 112 لسنة 1983المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية. و تجدر الملاحظة أن هذا القانون يحتوي على فصل يتيم يعنى بالحق النقابي و هو الفصل الرابع الذي ينص على أن : “الحق النقابي معترف به للأعوان العموميين ويمكن لنقاباتهم المهنية الخاضعة لأحكام مجلة الشغل أن تتقاضى لدى أي محكمة”.

و يتضح من خلال صياغة الفصل أنه لم يقم بالإحالة إلى قانون الشغل إلا في ما يتعلق بالنظام القانوني ” لنقاباتهم المهنية” و المقصود بذلك الإحالة إلى الباب الأول من الكتاب السابع من مجلة الشغل (الذي يمتد من الفصول 242 إلى257) الذي إعتنى بإقرار بحرية تأسيس النقابات و الإنضمام إليها ثم بتحديد النظام القانوني للنقابات بداية من تكوينها و نشاطها و طرق حلها.
بالإضافة إلى ذلك لم يتعرض هذا القانون مطلقا إلى مسار المفاوضة الجماعية و لم يقم بتقنينها ووضع القواعد الإجرائية و الموضوعية اللازمة مثل ما تقتضيه المعايير الدولية على غرار التشاريع المقارنة. و بناء على ذلك كانت من أبرز التوصيات التي رفعها مؤتمر تحديث الوظيفة العمومية في جوان 2012 إفراد باب خاص بالحق النقابي بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية و الإرتقاء بالقانون المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية إلى مرتبة القانون الأساسي.

وبالنسبة للقطاع الخاص فإن مجلة الشغل الصادرة منذ 1966 لم تتولى ضبط نظام قانوني لمسار المفاوضة الجماعية و إكتفت بالتطرق إلى تنظيم ثمرة المفاوضة الجماعية في القطاع الخاص و هي الإتفاقية المشتركة ( la convention collective)على المستوى القطاعي و على مستوى المؤسسة.

• مبدأ التمثيلية لا يتعارض مبدئيا مع الحرية النقابية

إن المهمة الطبيعية للنقابات هي تمثيل العاملين في القطاع العام و الخاص على حد السواء و يمكن للسلطات العمومية أن تلتجأ إلى معيار أو معايير التمثيلية قصد فرز أو اختيار أو تنظيم النسبة التمثيلية المائوية للمنظمات النقابية التي لها صلاحيات ممارسة الامتيازات النقابية من ذلك المفاوضات الجماعية. و يرجع للسلطة التشريعية أو الترتيبية تحديد معايير التمثيلية من جهة و الامتيازات المرتبطة بصفتها التمثيلية.
و في هذا الصدد تعتبر منظمة العمل الدولية في التوصية رقم 91 المتعلقة بالمفاوضة الجماعية أن اللجوء إلى تمثيلية المنظمات النقابية بصفة عامة و كذلك لغاية المفاوضة الجماعية غير متعارض بالضرورة مع الاتفاقية. و تقر بإمكانية إسناد صفة التمثيلية “التفاضيلية” أو التمثيلية “الحصرية” و لكن بشرط أن يكون تحديد المنظمة أو المنظمات النقابية الأكثر تمثيلية مبني على أساس معايير موضوعية محددة مسبقا )وهي لا تنحصر بالضرورة في معيار كمي) لتجنب كل إمكانية تعسف و إنعدام الحيادية مع التشديد في الشروط الضمانات في صورة إقرار حق التمثيل الحصري” الذي يسند حق التفاوض للنقابة الأكثر تمثيلية دون سائر المنظمات النقابية الأخرى .

• مجلة الشغل تقر التمثيل النسبي و إمكانية التفاوض مع أكثر من نقابة واحدة
إن القراءة المتأنية لمجلة الشغل -وعلى فرض قبول إنطباقها على القطاع العام- تقر إمكانية التفاوض مع أكثر من نقابة واحدة: فمن ناحية أولى نجد أن الفصل 38 ينص على أن “الاتفاقية المشتركة تبرم بين المنظمات النقابية للأعراف و العمال التي تمثل أكثر من غيرها من فروع النشاط المعني بالأمر في المنطقة التي سيقع تطبيقها “.

و يستعمل الفصل صيغة الجمع و بذلك يمكن أن تطلق صفة المنظمة التي تمُثل أكثر من غيرها من الأشخاص الذين تشملهم الاتفاقية على أكثر من نقابة واحدة. و من ناحية ثانية نلاحظ في ما يتعلق بالفصل 39 أنه يعتريه تضارب ظاهري بين النسخة العربية التي تتحدث عن المنظمة”التي لها أفضلية التمثيل ” في حين أن نص الفصل في نسخته الفرنسية يشير إلى “تمثيلية المنظمة أو المنظمات النقابية” Au cas où un différend s’élèverait au sujet de caractère de la plus grande représentativité d’une ou plusieurs organisations syndicales » “. و مع ذلك فإن صيغة الفصل 39 في نسخته العربية لا تقصي منظمات نقابية أخرى باعتباره يتحدث عن النقابة التي لها “أفضلية التمثيل” و لم يقر صراحة “حصرية التمثيل” . و بذلك يبدو جليا اليوم أن هذه المجلة أصبحت مجالا واسعا للتأويل و أساسا قانونيا يستعمله العديد من الأطراف (و من بينهم وزير التعليم العالي) لفرض تعددية نقابية شكلية عقيمة تحرم المنظمات النقابية من تمثيل منخرطيها و الدفاع عن مصالحهم المشروعة.

• الإعتراف بغياب معايير التمثيلية و الوعد بإعداد مشروع في الغرض
بالرغم من تنصيص 39الفصل من مجلة الشغل على أنه في “صورة وجود خلاف حول صفة التمثيلية يصدر قرار عن وزير الشؤون الاجتماعية لتعيين المنظمة النقابية التي تتولى إبرام الاتفاقية و ذلك بعد استشارة اللجنة الوطنية للحوار” فإنه لا وجود لنص قانوني تشريعيا كان أو ترتيبيا في تونس يضبط المعايير المعتمدة لتقدير تمثيلية النقابات مثلما ما هو موجود في جل الأنظمة القانونية المقارنة مثل القانون الفرنسي (بمقتضى قانون 20 أوت 2008) أو البلجيكي ( بمقتضى قانون 19 ديسمبر 1974 الذي دخل حيز التنفيذ في قرة ديسمبر1984) أو الجزائري ( بمقتضى القانون رقم 90-14 مؤرخ في 2 جويلية سنة 1990 يتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي ) .

و في هذا الإطار جاء بتقرير لجنة الحرية النقابية عدد 383 لسنة 2017 أنه من بين التوصيات التي تقدمت لها اللجنة لتونس على خلفية شكوى تقدمت بها المنظمة التونسية للشغلOTT ضد الحكومة التونسية في ما يخص الأعمال المعيقة لنشاط المنظمة النقابية و التي من شأنها إنكار الحرية النقابية و التعددية النقابية هي أن تعمل على إتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب الآجال لتحديد معايير واضحة و محددة مسبقا للتمثيلية النقابية. و الغريب في الأمر أن الحكومة التونسية تؤكد في ردها للجنة الحرية النقابية أنها تعمل جاهدة لتصور نظام تمثيلية نقابية تكون محل توافق بين الشركاء الإجتماعيين والذي يأخذ بعين الإعتبارالواقع الإقتصادي و الإجتماعي و نظام العلاقات المهنية القائم بتونس. و أنه بمناسبة الحوار الإجتماعي بتاريخ 22 و 23 فيفري 2017 هناك ورشة عمل ثلاثية موضوعها معايير التمثيلية النقابية شملت إطارات من وزارة الشؤون الإجتماعية و ممثلين عن الإتحاد العام التونسي للشغل UGTTو الإتحاد العام التونسي للصناعة و التجارةUTICA …

و في إنتظار صدور هذا القانون لنا نطرح تساؤلين : هل أن هذه اللجنة إحترمت في تركيبتها مبدأ التمثيلية؟ أين بقية الأطراف الإجتماعية و نذكر بالخصوص إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثينIJABA أو المركزية الفلاحية ETAP أو الإتحاد التونسي للشغل UTT أو الكنفدرالية العامة التونسية للشغل CGTT أو ؟ و كيف لنا أن نتصور قانونا يؤسس لنظام تمثيلية نقابية لم يراع مبدأ التمثيلية في إعداده؟ و هو ما يجعلنا نخشى من إمكانية إرساء نظام تمثيلية نقابية “على القياس” في مكاتب مغلقة تكون فيها المقاعد محجوزة مسبقا و حصريا لأطراف العقد الإجتماعي الذي تم إمضاءه بتاريخ 14 جانفي 2013…

• إثبات التمثيلية
تقر القواعد العامة للإثبات بالفصل 420 من مجلة الالتزامات و العقود أنه “على القائم الإثبات”. و هو ما يستوجب إعطاء حق إثبات النقابات تمثيليتها و القطع نهائيا مع قرينة التمثيلية حتى و لو كانت قرينة بسيطة و محكمة التعقيب الفرنسية و مجلس الدولة الفرنسيين يعتبران أن عبئ الإثبات يحمل على النقابة التي تدعي ذلك و ليس على من ينازع فيها. وهذا يعني أنه ليس من مشمولات وزير التعليم العالي النظر أو الحسم أو التقرير في هاته المسألة على عكس ما يدعيه في تصريحاته الإعلامية. و الغريب في الأمر أن السلطة التنفيذية لم تكلف نفسها حتى إصدار قرار عن وزير الشؤون الاجتماعية يعين النقابة الأكثر تمثيلية. و في ذلك خرق واضح للقانون.

• رفض التفاوض مع » إجابة« هو قرار غير شرعي:
نظرا لكون الحرية النقابية و الحق النقابي ينتميان إلى زمرة الحقوق و الحريات المضمونة دستوريا فإن ممارستهما لا يمكن أن تخضع إلا لضوابط و حدود و فق ما اقتضاه الفصل 49 من الدستور التونسي الذي ينص على “أنه تحدد القوانين الضوابط المتعلقة بالحقوق و الحريات المضمونة بهذا الدستور و ممارستها بما لا ينال من جوهرها. و لا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية و بهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة”.
ونظرا لكون الفصل 65 من الدستور يوجب أن تتخذ شكل قوانين أساسية “النصوص المتعلقة ب(…) تنظيم الأحزاب و النقابات “و كذلك “الحقوق و الحريات”.

و بالنظر لما سبق بيانه نستطيع القول أنه و في غياب قانون أساسي يضبط حدود ممارسة الحق النقابي و خاصة في مما يتعلق بإرساء نظام للمفاوضة الجماعية من جهة و نظام للتمثيلية النقابية من جهة ثانية مثلما ينص عليه الفصلين 49 و 65 من الدستور.فإن الإدارة غير قادرة بمقتضى سلطتها التقديرية على تقيد ممارسة الحق النقابي . و بالتالي فإن رفض سلطة الإشراف التفاوض مع المنظمات النقابية يؤول إلى إفراغ مبدأ حرية ممارسة الحق النقابي من أهم مكوناته.

وبناء على ما سبق بيانه يبدو جليا أن قرار الإدارة, ممثلة في وزارة التعليم العالي بوصفها سلطة الإشراف, بعدم التفاوض مع إتحاد الأساتذة الجامعيين “إجابة” مجانب للصواب ولا يستقيم قانونيا وقد تكون دوافعه سياسية ولا تمت لعلوية الدستور و”دولة القانون” في شيء. وهو بذلك قرار إداري فاقد للشرعية و يمكن الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية بدعوى تجاوز السلطة.
و في ختام تحليلينا القانوني للأزمة, يبدو أنه بات من الضروري اليوم اعتماد تشريع تكميني للمفاوضة الجماعية نحو بناء أسسٍ لديمقراطية نقابية “مرنة” تمكنها من البقاء و الاستمرار في التحرك و الدفاع عن حقوق العاملين في القطاع الخاص و العمومي على حد السواء و لا تعرض المنظمة النقابية للخروقات الخارجية و الأهواء السياسية المميتة في بعض الأحيان مثلما هو حاصل الآن. لكن بودّنا كذلك التذكير بفشل سياسة الوزارة أخلاقيا ومهنيا

لا يخفى على كل متتبّعي الأزمة الخانقة التي تمرّ بها الجامعة التونسية منذ 2 جانفي 2018
تاريخ دخول نقابة “إجابة” في إضراب إداري مفتوح أن وزارة التعليم العالي فشلت فشلا ذريعا في إدارة الأزمة على الصعدين الأخلاقي و المهني :

أولا أخلاقيا : من خلال احتراف بث المغالطات للرأي العام وذلك يتجلى في عدّة أمثلة لعلّ أبرزها التأكيد على أن “إجابة” خسرت القضية الإدارية المتعلقة بتطبيق سلّم التأجير في الوظيفة العمومية في حين أن الدعوى المرفوعة من قبل النقابة كانت تخص دعوى استعجالية في إيقاف تنفيذ الإجراءات التعسفية التي كانت الوزارة تزمع تنفيذها ضد الأساتذة المضربين. كما نستطيع أن نورد العدد الهائل من البرقيات ومختلف وسائل الترهيب والتهديد الذي مارس ضغطا رهيبا على المضربين وجعل بعضهم يتراجع خوفا من آلة قمعية استبدادية عادت للدوران بسرعة بعد الثورة بعد أن خلنا انقضاءها إلى الأبد. من بين المغالطات التي أتى بها الوزير أيضا ادّعاه بأن نقابة “إجابة” لم تطلب التفاوض وأنه قام بمبادرة شخصية لدعوتها للحوار ( وهذا مردود عليه كذلك فهنالك بيانات رسمية تفنّد هذا القول وتدعو فيها النقابة الوزارة رسميا إلى التفاوض)

ثانيا : مهنيا : إضراب ممتدّ لأكثر من مائة في أكثر من ثمانين جزء جامعي وسنة جامعية مهدّدة بالبياض والوزير لم يحرّك ساكنا ولم يكلّف نفسه مشقّة الإصغاء إلى نخبة النخبة فهل بعد هذا الفشل فشل ؟ وهل بهذه الطريقة تعامل تونس الحداثة عقولها النيّرة التي قادت مرحلة التحرير من الاستعمار وتشجبت عناء بناء الدولة الحديثة وقاطرتها العلم والمعرفة عبر تكوين أجيال وأجيال في الجامعة العمومية التونسية؟ هل ستحلّ الأزمة بهذه الطريقة في ظل وجود مسؤولين أداروا بظهرهم على هموم القطاع و ساهموا بطريقة أو بأخرى في ضرب الجامعة العمومية ، مكسب دولة الاستقلال لعموم الشعب وبوابة المصعد الاجتماعي وأمل المهمشين والفقراء والمستضعفين في بلادنا لحساب أجندات خصخصة شرسة لقطاع التعليم العالي وما التخفيض المستمر من ميزانية وزارة التعليم العالي ومن ميزانية البحث العلمي وعدم المبالاة لنزيف هجرة الآلاف من الأدمغة وعلى رأسهم الجامعيين وعدم فتح خطط الانتداب للدكاترة المعطّلين عن العمل إلا أدلة حيّة وقرائن قوية تؤكّد المنحى الذي اتّجهنا فيه.

 

*نسرين الجديدي بنور هي مدرسة بكلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة في قسم القانون الخاص

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.