الرئيسية » تونس : ماذا يضمر قيس سعيد للقضاة!؟

تونس : ماذا يضمر قيس سعيد للقضاة!؟

المجلس الأعلى للقضاء الذي تأسس في فترة رئاسة الباجي قائد السبسي هل ينتهي مع قيس سعيد ؟

السؤال المطروح في تونس اليوم هو التالي : هل يمكن أن يضمر قيس سعيد للسلطة القضائية (بمؤسساتها وقضاتها) ما آلت إليه السلطة التشريعية (بصلاحياتها ونوابها) وأن ترفع الحماية الدستورية عن القضاة وأن يحقق رئيس الجمهورية -فوق ما له من سلطات- تصوره لقضاء ينبثق عن إرادته ويغدو مجرد وظيفة من وظائف الدولة!؟


بقلم القاضي احمد الرحموني

من أواخر تصريحات قيس سعيد حول القضاء قوله عند استقباله لرئيسة الحكومة يوم 10 جانفي الجاري “يجب أن نوفر كل العناصر التي تمكن القضاة من القيام بمهامهم السامية في ظروف تحفظ لهم استقلاليتهم… نحن لا نستهدفهم بل نطلب منهم…!”

كيف لو كان الرئيس سعيد يستهدف القضاة حقا!؟

لا شك أن كثيرا من المتابعين قد استغرب صدور مثل هذه التصريحات عن قيس سعيد خصوصا في سياق حملة ضد القضاء -ممثلا في أشخاصه ومؤسساته- على امتداد الأشهر السابقة، كان الرئيس بنفسه من أبرز المحرضين عليها والمساهمين فيها من ذلك التعرض لبعض القضاة وتهديدهم والهجوم المتواتر على الهيئات القضائية فضلا عن التعليق على القضايا الجارية و انتقاد الأحكام الصادرة والتلويح بتطهير القضاء وكشف الملفات الشخصية والتشكيك في اعتبار القضاء من ضمن سلطات الدولة وإرباك المجلس الأعلى للقضاء وهرسلة أعضائه واتهامهم بالتحيز والتحزب واستغلال النفوذ وتكليف وزيرة العدل بإعداد مشروع بقصد تنقيح القانون الأساسي للمجلس خارج إطار الأحكام الدستورية وبمقتضى مرسوم رئاسي… الخ.

ومن الثابت أن تلك المواقف الموجهة ضد المؤسسة القضائية تحت عنوان إصلاح القضاء وتطهيره قد شجعت جهات متعددة، إعلامبة و سياسية، وأطرافا غير معروفة تدعي ارتباطها ببرنامج رئيس الجمهورية على المساس بأعراض عدد من القضاة وتلطيخ سمعتهم والدعوة إلى حل المجلس الأعلى للقضاء والاستعداء ضد أعضائه وترويج تصورات  حول تركيبتة الجديدة والحديث عن قوائم إسمية لعدد من القضاة تعدها رئاسة الجمهورية بقصد إعفائهم ومحاسبتهم…

ولذلك فإن حديث قيس سعيد عن المهام السامية للقضاة وحفظ استقلالهم ونفي كل استهداف لهم من شأنه أن يوقع السامعين في حيرة شديدة بين مواقف معلنة وتوجهات مكشوفة يتم تأكيدها في كل مرة وبين التفصي  الآن من استهداف القضاة (ومن ورائهم القضاء!). فكيف لوكان يستهدفهم حقا، ماذا كان سيفعل!؟

ضغوطات غير مشروعة تهدد وجود السلطة القضائية

قد لا يخفى على أحد (وهذا ما أكده المحلس الأعلى للقضاء في بلاغه الأخير) ان تلك المواقف المعادية للقضاء وما ترتب عنها من حملات ضد القضاة ومختلف المحاكم والدعوات الرامية إلى حل المجلس الأعلى للقضاء تمثل سلسلة من الضغوطات غير المشروعة التي تهدد وجود السلطة القضائية وتزعزع بناءها والثقة العامة فيها.

وربما لا يدرك “النافخون في النار” مبلغ التاثيرات غير المحسوبة لتلك الضغوطات على حقوق الناس وحرياتهم، إضافة إلى الأضرار الفادحة التي تطال سمعة القضاء التونسي وصورته في الداخل والخارج.! فهل يمكن أن يضمر قيس سعيد للسلطة القضائية (بمؤسساتها وقضاتها)  ما آلت إليه السلطة التشريعية (بصلاحياتها ونوابها) وان ترفع الحماية الدستورية عن القضاة وأن يحقق رئيس الجمهورية -فوق ما له من سلطات- تصوره لقضاء ينبثق عن إرادته ويغدو مجرد وظيفة من وظائف الدولة!؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.