الرئيسية » قصيد جديد لمحسن مرزوق : “صفاقس”

قصيد جديد لمحسن مرزوق : “صفاقس”

رئيس حزب مشروع تونس لا ينسى أنه شاعر و أنه أصيل مدينة صفاقس التي ولد و ترعرع و قضى طفولته و شبابه في حاراتها و أزقتها و ساحاتها و تعلم فيها الشعر و النضال و السياسة و الوطنية… و لعل منظر الزبالة المكدسة في كل أرجائها بسبب سوء تصرف السلط الجهوية المعنية قد أثار في نفسه ثورة صاغها في القصيد التالي…


لوجهك المفتوح على بحر حوامض الكبريت
وشعرك المصفوف
بأكياس الزبالةْ
أمدّ أناملي
يا سيدتي التي علمتني
كيف أشتمُ القوّادين بكلّ لغات الحوت
وأطير بدون أجنحة في حضرة سيدي منصور
وكيف أكتب الشعر والمقالةْ
لسورك الذي جبّست حجارته
دماء التجار ونفات وأولاد مهذّب والمثاليثْ
لأبوابه التي حفظت كل أنواع الحديثْ
لحوانيته وبيوته التي
صارت دواميس للحثالةْ
أفتح ذاكرتي
يا سيدتي التي أرشدتني
من بيت يتمي لمدرستي
ولقّنتتي
كيف ينبت وشم جدّي بخاصرتي رسالةْ
للمراكب تسجدُ أشرعتها البيض للشمس
وتمضي دون دليل بين “الشرافي” المزمنةْ
لأعناب وتين قرقنةْ
لبحارة الليل ينتشرون بين الصنانير
والقلال المدمنةْ
ويرضعون قلوب النخيل المُسالةْ
للزياتين التي سطّرها بعلٌ
لكي تعشق الماءْ
خطوطا خطوطا
من الارض تمضي لبيت السماءْ
وحين تحط علي القلب بالصقع طيور الشتاءْ
تفركُ بالزيت الدافئ اجسامنا
⁃ اشرب “نُضوحكَ” يا ولدي حتى الثمالةْ
لعيون أمّي التي انطفأت
أمام ماكينة الخياطة في زقاق “بحي الحبيبْ”
للعيد يأتي برائحة الخبز
والحوت المالح
والبصل المعجون على مهلٍ بالزيت والزبيبْ
لموّال الصالحي لا يتلعثم في صدر “خليفة الأديبْ”
لقهقهات الطفولة المحتالةْ
أنحني الليلة مثل سنديان عجوزْ
وأريد سيدتي أن تغفري لي
فأنا مذنب في ما يجوز وما لا يجوزْ
وأريد أن أطلق طرف لساني من مزاليجه
وان أتحرّر من زانيات الرّموزْ
فأمام جرحك مرضعتي
لا تفيدُ المجازَ إحالةْ
أيّها الواقفون على رأس الجريحة انهضوا!
سيدي علي الكراي
يصلي جنب أبي إسحاق عند باب الديوان الليلة
لا تتوضؤوا بماء الحكومة فهو جنابة
تيمّموا بالنارِ
تجلّوا في الغبارِ
أنصتوا في دمكم لصوت السلالةْ
يا أمّ التي ولدتني
وبالملح باركتني
وفي لحاف الصوف قمّطتني
ومن حفنة الزمّيط أطعمتني
وتحت سرادق سيدي بوعكازين بالمحرس عوّذتني
من أولاد الحرام نبهتني
وعانقتني وهدهدتني ونغنغتني
وأبكتني وأضحكتني
ودرستني علوم الدّلالةْ
إليك أدعو النساء
إليك أدعو الرجال
إليك أدعو طيور البحر
إليك أدعو قدود الياسمين
إليك أدعو خيول القهر
إليك أدعو جياد الحلم
إليك أدعو العدالةْ
محسن مرزوق
بداية نوفمبر 2021
——-
إضافة.
بعد التلاوة الأولى، حشرجة ثم رجع صدى لصوت ضعيف:”
سبحان الذي أظهر ما أخفى
من رأس برج النار تشاهد الأنحاء أصفى
في الوطن الرّاعفِ
كلّهُنّ عند الصليب الواقفِ
الشماليات والجنوبيات والشرقيات والغربيات
الهطّاية
والوطّانةُ
والرحّالةْ
أنا يا ولدي بين السبيّات حالةْ”

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.