الرئيسية » تونس : ألم يحن وقت المحاسبة و كشف الأوراق ؟

تونس : ألم يحن وقت المحاسبة و كشف الأوراق ؟

من الثابت أن هناك عديد الملفات التي تستحق الطرح و تحتاج إلى أجوبة و لا تزال هناك مناطق ظل كثيرة و لا يزال هناك غموض حول حقيقة ما حصل ليلة 14 جانفى و حول الأموال المنهوبة من حركة النهضة و حول الأسرار الخفية لعملية تهريب أبو عياض و كيف تمت سرقة حاسوب الإرهابي الفار أحمد الرويسى من خزينة المحكمة… و عليه فلا مجال اليوم لمساندة قرارات الرئيس قيس سعيد إلا بشرط  فتحه لهذه الملفات.

بقلم أحمد الحباسى *

بداية، من مول سفر بعضهم للخارج للتدريب على كيفية صنع الثورة في الشارع؟ من مول تلك الوجوه المشبوهة التي رأيناها بأم العين تقود المظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة ساعات قبل انهيار نظام الرئيس زين العابدين بن على؟ بعض تلك الوجوه تنتمي كما كشفت وسائل الإعلام العربية و العالمية إلى تيار أو مجموعة “طلعت ريحتكم” وهي مجموعة  لبنانية من النشطاء تكونت على مواقع التواصل الاجتماعي تحت يافطة التنديد بسوء التعامل  الحكومي مع مشكلة تكدس أكوام القمامة في لبنان.

هؤلاء العملاء الذين “صنعوا” ما سمي ب”الثورات العربية”

تعددت الإشاعات لكن المؤكد أن هناك شخوصا لبنانية مشبوهة دربتها المخابرات الأمريكية للإطاحة ببعض الأنظمة بحيث لاحظ المتابعون أن المظاهرات التي حدثت في تونس لها شبه قوى و مثير للانتباه بالمظاهرات التي سميت “بالثورات الملونة” التي اجتاحت صربيا سنة 2000 و تصاعدت بعد ذلك في أوكرانيا و جورجيا و قيرقستان و لبنان في عملية استنساخ غريبة.

لقد حان  الوقت لمعرفة السر المريب و معرفة “الشبح” الذي مول هذه الجماعات لأنه من المؤكد أن هناك من موّل هذه التحركات بذلك الزخم و اللافتات الجاهزة و سرعة التواصل الإعلامي مع قنوات مشبوهة بعينها بحيث يتساءل المتابع كيف استطاعت تلك المجموعات أن تحشد تلك الأعداد المهولة بسرعة و تنظم الساحات و تطبع الشعارات و تأتي بالمشاركين من كل الولايات؟

لقد كان هناك مخطط استراتيجي وضع خارج البلاد و أن “الناشطين” لم يلتقوا بالصدفة بل هم و كما  تسرب من بعض التقارير الإعلامية جزء من منظمة مشبوهة تدعى”مينابوليس” مقرها في تركيا متخصصة في تدريب الناشطين على التغلغل في المظاهرات الشعبية الرامية لتغيير الأنظمة العربية بحيث لعبوا أدوارا خبيثة و نوعية في الثورة التونسية، 

من بين هؤلاء العملاء مروان معلوف، عماد بزّى، نزار غانم. كاترين ماهر الذين تم تفويضهم حسب بعض التسريبات الإعلامية للانتقال إلى تونس للمساهمة  الفاعلة في المظاهرات و تبادل الخبرات و المعلومات  كما أنهم كانوا من أبرز المشجعين لعدة ناشطين تونسيين لتلقى “دروسا” معينة بمكاتب هذه المنظمة و المشاركة في دورات تدريبية ناهزت السنة و النصف مع زملاء من لبنان و مصر و ليبيا و اليمن.

تمويل أجنبي و تغطية إعلامية مشبوهة

نحن لا نذيع سرا عندما نتحدث عن تمويل أجنبي و عن مشاركة و مساندة و تغطية إعلامية مشبوهة كما  أنه ليس سرا أن وزارة الخارجية الأمريكية قد خصصت اعتمادات مالية ضخمة  لتدريب و توفير  العدد البشرى اللازم و الكفء لوضع تلك الكفاءة  على ذمة المتظاهرين حتى تكون هناك تكتيكات و خطط و تصرفات مدروسة بعناية شديدة لإعطاء المظاهرات طابعا سلميا مدلسا كما أنه كان مطلوبا من هؤلاء “الثوريين المحترفين” أن تكون المظاهرات منظمة بشكل يشتت انتباه و قدرة المؤسسة الأمنية لتسهيل قيام بعض “المتظاهرين” بعمليات نوعية تستهدف مقرات أمن الدولة و أرشيف وزارة الداخلية، يؤكد المتابعون أن هذه التكتيكات المتبعة في تونس  هي من تستخدمها منظمات مثل فريدوم هاوس و مينابوليس مرتبطة بالإدارة الأمريكية لإسقاط الأنظمة العربية التي باتت مغضوبا عليها بحكم تآكلها أو بسبب كونها قد أصبحت عقبة أمام سرعة تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة خاصة بعد سقوط نظام الرئيس العراقي المرحوم صدام حسين.

منذ أشهر فاجأ موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” متابعيه بحذف مئات الصفحات إضافة إلى بعض الحسابات المزيفة بعد أن اكتشف أنها تدار من طرف شركة إسرائيلية تستهدف التأثير في سير الانتخابات التونسية و أن شركة “أرخميدس” الإسرائيلية قد أنفقت ملايين الدولارات لبث إعلانات مغرضة للتلاعب بالرأي العام و التأثير عليه للتصويت لفائدة مرشح معين.

اهتمام المخابرات الصهيونية بتأزيم الوضع في تونس

طبعا لا يعتبر هذا الخبر جديدا  لأن اهتمام المخابرات الصهيونية بتأزيم الوضع في تونس ليس وليد اليوم أو وليد الصدفة بل يدخل في نطاق تحييد  الوجدان التونسي المعادى للوجود الصهيوني الغاصب للأرض الفلسطينية، في هذا السياق يجمع الملاحظون أن الأطراف التي دفعت الأموال الملوثة سنة 2011  لإسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن على و إعطاء فرصة الصعود للحكم للإسلام السياسي في إطار صفقة قذرة لا تزال خفاياها محل نقاط استفهام كثيرة وهي نفس الأطراف تقريبا  التي تدعم ما يسمى بالربيع العربي وتسعى اليوم بنفس الأساليب ذاتها لفرض ضغوط على الرئيس قيس سعيد لإيقاف اندفاعه و إجباره على عدم اتخاذ قرارات ضد حركة النهضة أو إغلاق وكر يوسف القرضاوى في تونس.

لماذا “اختفى” ملف القناصة من التداول و لماذا لم تظهر نتائج التحقيق في ملف اغتيال الشهيد محمد الزواري؟ أين ملف الأمن الموازى و ما أشيع عن تسليم وثائق سرية تابعة لجهاز أمن الدولة  لعملاء مخابرات دولة خليجية؟ هل سيفتح ملف المطار مجددا لمعرفة الجهة التي غطت على عملية تسفير الإرهابيين إلى سوريا و قدوم حقائب الأموال الخليجية المشبوهة؟ ما هي المعلومات التي تتستر عليها المخابرات الأمريكية في ملف الهجوم على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس؟ ما هي الأسرار المخفية في ملف تناسل “المدارس القرآنية”؟ ما هي علاقة حركة النهضة ببعض الأجهزة الاستخبارية الأجنبية؟ كيف تم ترحيل البغدادي المحمودى و من هي الجهة التي دفعت الأموال و من قبضها لتتم الصفقة؟ لماذا تم “إنشاء” ائتلاف الكرامة و ما هو الدور الحقيقي الموكول لسيف الدين مخلوف؟

هذه بعض الأسئلة فقط لكن من الثابت أن هناك عديد الملفات الأخرى التي تستحق الطرح و تحتاج إلى أجوبة. بطبيعة الحال لا تزال هناك مناطق ظل كثيرة و لا يزال هناك غموض حول حقيقة ما حصل ليلة 14 جانفى و حول الأموال المنهوبة من حركة النهضة و حول الأسرار الخفية لعملية تهريب أبو عياض و كيف تمت سرقة حاسوب الإرهابي الفار أحمد الرويسى من خزينة المحكمة و عليه فلا مجال اليوم لمساندة قرارات الرئيس قيس سعيد إلا بشرط  فتحه لهذه الملفات.

* كاتب و ناشط سياسى.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.