الرئيسية » تونس : موقف إتحاد الصناعة من الإضراب العام في القطاع الخاص بولاية صفاقس

تونس : موقف إتحاد الصناعة من الإضراب العام في القطاع الخاص بولاية صفاقس

أصدر الإتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية بتونس اليوم 28 أكتوبر 2021 بيانا ممضى من طرف رئيسه سمير ماجول في ردة فعل أولى عن إعلان الإضراب العام في القطاع الخاص بولاية صفاقس الذي ” لا تراعي الظرف العام الذي تعيشه البلاد”.

على اثر الإعلان عن شن إضراب يشمل أكثر من 170 مؤسسة إنتاج بولاية صفاقس يوم 28 أكتوبر 2021 على خلفية المطالبة بالزيادة في الأجور والتفاوض حول امتيازات مالية إضافية بالاتفاقيات المشتركة وبالمؤسسات، فان الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يستغرب هذه التصرفات التي لا تراعي الظرف العام الذي تعيشه البلاد.

وان كنا في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لا نهتم بالأسباب الداخلية وبالخفايا التي تقف وراء هذا التصعيد، فإنه من واجبنا التصدي لكل تهديد للمؤسسات الاقتصادية أو أي محاولة لضرب استقرارها وتعميق الوضع المتردي لجهة صفاقس التي تعيش وضعا بيئيا كارثيا واقتصاديا دقيقا ليس من المعقول ولا المقبول الزيادة في تعقيده باحتقان اجتماعي وتعطيل لحركة الإنتاج وتدمير لمواطن الشغل المباشرة وغير المباشرة.

إن من يسعى لإدخال شركاء الإنتاج في دوامة الصراعات الاجتماعية عبر الإضرابات غير المبررة ولا المعقولة والبلاد تعيش أزمة خانقة، إنما يدفع الجميع نحو حافة الانهيار ومزيد تسريح العمال وغلق المؤسسات والتأثير سلبيا على الاستثمار الوطني وعلى استقطاب الاستثمار الأجنبي الذين تحتاجهما بلادنا.

فهل من المعقول زرع بذرة الإضرابات وإيقاف العمل والاستفراد ببعض المؤسسات والضغط عليها وابتزازها وتهديد السلم الاجتماعية ونحن لم نتجاوز بعد الآثار السلبية لجائحة كورونا التي ستلازمنا بالتأكيد لفترة أطول من تعايشنا مع الفيروس نفسه؟

ألم يكن الداعين لهذا الإضراب العام حاضرين وشاهدين على الكم الهائل من ملفات الصعوبات الاقتصادية ومطالب البطالة الفنية والتسريح لأسباب اقتصادية المودعة طيلة سنتين ولايزال عددها في تزايد إلى اليوم…؟

ألا يدرك من يصر على منع حرية العمل والتنقل أنه يتحدى الجميع بجنوحه إلى استعمال القوة والعنف وأنه يهدد باقتراف أفعال يجرمها القانون وأنه ينسف ما يجب أن يتوفر من الثقة والتعاون بين الشركاء الاجتماعيين والاحتكام إلى قوة القانون لا قانون القوة ؟

إن الوضع الحالي لا يمكن أن يكون زمنا مناسبا للحديث عن زيادات في الأجور والامتيازات بما يثقل المؤسسات دون أن يعود بالنفع على العمال وبما يلهب الأسعار ويزيد من التضخم، ولينظر الجميع بكل جدية وواقعية إلى حصاد عشر سنوات من المطلبية المجحفة وغير المسؤولة كيف انتهى بنا إلى تراجع لتنافسية المؤسسات، وتفاقم للمديونية الخارجية وانخرام لتوازنات المالية العمومية، وتقهقر خطير لترتيبنا الائتماني منذ سنة 2011 لينحدر إلى الدرجة ( C) ، وكيف يدفعنا اليوم لضرورة الانخراط كرها لا طوعا في مسارات الضغط على المصاريف وتقديم التضحيات.

إن الغاية الأساسية للحوار الاجتماعي هي   تجاوز الأزمات وتحقيق التوازنات على قاعدة التعامل مع الواقع بوعي وبروح المسؤولية بعيدا عن التوظيف والمزايدة، وأن الزيادة في الأجور ليست عملية آلية بل هي تتويج طبيعي لتحقيق نمو اقتصادي وخلق قيمة مضافة يقع توزيع ثمارها على كل عوامل الإنتاج، أما في غير تلك الحالات وخاصة ونحن لازلنا لم نتعافى بعد من مخلفات الكوفيد 19، فان الزيادة في الأجور ستكون نتائجها حتما عكسية على العمال وكارثية على فاقدي الشغل والفئات الفقيرة والهشة من عائلات معوزة وغيرها.

علينا اليوم جميعا العمل والسعي لتدعيم القدرة الشرائية عبر التحكم في الأسعار والضغط على مواطن الكلفة في حلقات الإنتاج والخزن والتوزيع وكذلك السعي   إلى إعادة تأهيل المنظومات وتدعيم طاقاتنا الصناعية وحمايتها من التهريب والتوريد العشوائي والتجارة الموازية.

إن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بقدر ما يحترم الحق النقابي واللجوء إلى ممارسة الإضراب بقدر ما يتمسك بالحق في حرية العمل، وهو يطالب اليوم بدسترة الحق في حرية العمل واستدراك ما غفل عنه المؤسّسون أو غيّبوه عند صياغة الدستور. وهو أيضا بقدر استماتته في الدفاع عن مصالح مؤسسات الإنتاج وحماية التشغيل بكل الوسائل القانونية والمشروعة، بقدر ما يأمل أن تدار الأمور بمنطق التحاور الجدي والمسؤول الذي يراعي الظرف العام الذي تعيشه البلاد بعيدا عن التصعيد والتوظيف والممارسات غير السلمية.                                                                      

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.