الرئيسية » تونس : من يهدد حياة الرئيس قيس سعيد ؟

تونس : من يهدد حياة الرئيس قيس سعيد ؟

قيس سعيد في مقبرة الشهداء ببنزرت يوم عيد الجلاء الجمعة 15 أكتوبر 2021.

هل هناك أيادي خارجية تريد اغتيال الرئيس قيس سعيد و هل هناك حالة تشابك مصالح بين بعض أجهزة المخابرات الأجنبية بما فيها الموساد في علاقة بتصريحات الرئيس المناوئة لإسرائيل؟ هل تعتبر حركة النهضة أن الوقت قد حان للتخلص الجسدي من الرئيس لخلط الأوراق و استعادة حضورها في المشهد السياسي و هل تحصلت الحركة على الضوء الأخضر للقيام بعملية الاغتيال؟ ما هو دور المؤسسة العسكرية في صورة حدوث الاغتيال و وجود شغور في أعلى هرم السلطة؟

بقلم أحمد الحباسى *

لا تخلو حياة الرؤساء من التهديدات الخفية و المعلنة و لا يوجد على سطح الأرض رئيس دولة غير مهدد بالقتل، لذلك كان لافتا أن  يتكون موكب الرئيس قيس سعيّد عند تحوله لإحياء ذكرى عيد الجمهورية بمدينة الجلاء بنزرت من ذلك العدد الخيالي من السيارات المصفحة و الرباعية الدفع و غيرها المجهزة بأحدث أنواع تكنولوجيا التشويش و الرصد إضافة إلى أعداد من القوات الأمنية المختلفة الاختصاصات فضلا عن تحوير واضح و مفاجئ في خط السير و التنقل إلى مقبرة الشهداء و محاولة البروتوكول الرئاسي تجنيب الرئيس ما يعبر عنه بالحمام الشعبي أو  التعطيل مهما كانت الأسباب. 

لقد كان واضحا للمتابعين أن جهاز البروتوكول و جهاز الأمن الرئاسي قد تدخلا بقوة و بحزم لإثناء الرئيس عن عادته المعروفة المتمثلة في عدم رفضه التواصل المباشر مع المواطنين و مطالبته بمنتهى الوضوح بضرورة إتباع صارم لضرورات الحماية الأمنية اللصيقة و عدم مباغتة تلك الحماية بتصرف أو تحرك خارج خط السير المتفق عليه مسبقا.

أصابع الإتهام تتجه لحركة النهضة و جهازها العسكري السري 

لعل مشهد موكب الرئيس قد أثار التساؤل و لعل هناك من ربط تواجد هذا العدد الهائل جدا من سيارات المرافقة الأمنية بما يتبعها من عديد و عتاد متطور بكلام الرئيس عن وجود تهديدات بالقتل موجهة إليه من بعض خصومه السياسيين و هنا يغمز البعض في اتجاه اتهام حركة النهضة و جهازها العسكري السري و لعل هناك من تذكر إصرار الرئيس على عبارة “أموت شهيدا” بما توحيه هذه العبارة  من جدية و خطورة التهديدات التي وصلت الرئيس عبر بعض الرسائل المشفرة. 

لا بد أيضا من التذكير بحكاية محاولة تسميم الرئيس بواسطة طرد مشبوه و ما تبع ذلك من تبادل للاتهامات بين الرئيس و  من سماهم بالفاسدين الذين يشتغلون في الزوايا لمظلمة و الذين يبدو أن الرئيس قد كلف من يتبعهم و يستقصى عن تصرفاتهم من باب الحذر و الوقاية.

لا يمكن النظر إلى التهديدات التي يتحدث عنها الرئيس دون نسيان أو تجاوز التسريبات التي تحدثت عن تعرض الرئيس الراحل الباجى قائد السبسى إلى موت بالسم و توجيه أصابع الاتهام إلى نفس الجهة الحزبية و نفس الجهاز العسكري السري.

هل هناك أيادي خارجية تريد اغتيال الرئيس قيس سعيد و هل هناك حالة تشابك مصالح بين بعض أجهزة المخابرات الأجنبية بما فيها الموساد في علاقة بتصريحات الرئيس المناوئة لإسرائيل؟ هل تعتبر حركة النهضة أن الوقت قد حان للتخلص الجسدي من الرئيس لخلط الأوراق و استعادة حضورها في المشهد السياسي و هل تحصلت الحركة على الضوء الأخضر للقيام بعملية الاغتيال؟ ما هو دور المؤسسة العسكرية في صورة حدوث الاغتيال و وجود شغور في أعلى هرم السلطة؟

هذه بعض الأسئلة الحارقة التي يتداولها المتابعون لموضوع التهديدات التي وصلت للرئيس من جهات تتكتم الرئاسة عن الإفصاح عن هويتها لكن و برغم الهدوء الذي تبديه قيادة حركة النهضة و محاولة الظهور أمام الرأي العام في ثوب الضحية المسالمة لكن المتابعين لا يستبعدون لجوءها للعنف و الاغتيال لضرب الاستقرار و بث الفوضى كما تشير دلائل كثيرة من أرض الواقع السياسي إلى أن النهضة لن تستسلم أمام قرارات سعيد المتوالية التي تزيد من تهميشها وتتعدد آليات المواجهة الإخوانية بين الإضرار بالمصالح العامة أو تنفيذ التفجيرات التي تستهدف شخصيات سياسية مهمة يأتي على رأسها الرئيس قيس سعيد كما تؤكده التجربة المصرية.

رحلة الجماعة الإسلامية مع العنف الدموي لا تزال متواصلة

لا يمكن تناول الوضع في تونس في معزل عن الوضع في مصر و لعل الملاحظين يدركون أن هناك تهديدات بل محاولات اغتيال متكررة استهدفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى تم إفشالها من طرف الأجهزة الأمنية المصرية و آخرها محاولة استهداف طائرته بصواريخ متطورة و لا بد من الإشارة إلى أن القدرة التسليحية و المالية و اللوجستية لجماعة الإخوان قدرة حقيقية لا يمكن الاستهانة بها إطلاقا و هذه القدرة هي نتيجة قرار قطري بتقوية شوكتها لضرب الاستقرار في تونس و مصر على وجه الخصوص و سوريا و الجزائر على وجه التعميم.

لا يمكن النظر إلى التهديدات التي تستهدف الرئيس قيس سعيد بمعزل عن النهاية المأسوية للشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمى  كما لا يمكن تجاهل حقائق تاريخية مهمة تقول أنه على مدى تسعة عقود ارتكبت جماعة الإخوان أعمالا إرهابية مروعة بالإضافة إلى أحداث عنف و عمليات اغتيال ضد رجالات الدولة من رؤساء و رؤساء حكومات و ضباط و مفكرين و قضاة و أن رحلة الجماعة مع العنف الدموي لا تزال متواصلة.

لقد تنوعت جرائم حركة النهضة بين الاغتيال و التفجير و تدريب العناصر الإرهابية و إخفائها لتصبح ذئابا منفردة و محاولة تفخيخ مؤسسات الدولة بعناصر من طابورها الخامس و أخيرا إلى حالة الغيبوبة التي لم تتخلص منها قيادات الحركة حتى الآن ممنية نفسها بأحلام العودة إلى المشهد السياسي من جديد، لذلك تحاول الحركة الاستعانة ببعض الرموز السياسية المفلسة مثل نجيب الشابى و حمة الهمامى و المنصف المرزوقي للإيحاء بوجود معارضة مختلفة المشارب لقرارات الرئيس و من ثمّ خلق مناخ موات لعملية الاغتيال حتى يتوزع دمه بين القبائل.

ليس غريبا أن تتصاعد الحملات الإعلامية المغرضة و المأجورة ضد الرئيس في هذه الفترة الحساسة و ليس غريبا أن يتم استهداف موكب الرئيس بالتهكم للإيحاء بخوفه و ليس غريبا أن يتولى الكونغرس الموضوع التونسي في هذه الفترة كما أنه ليس غريبا أن يتم إنزال الترقيم السيادي التونسي إلى أدنى درجاته فكل هذه العوامل مجتمعة ليست مجرد مصادفة عفوية بل أن وراء الأكمة ما وراءها.

* كاتب و ناشط سياسى.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.