الرئيسية » القنوات السرية بين عبير موسي و قيس سعيد : تقارب أم تضارب ؟‎‎

القنوات السرية بين عبير موسي و قيس سعيد : تقارب أم تضارب ؟‎‎

يبدو من خلال ما تسرب من خارطة الطريق المزمع إعلانها أن أغلب الأحزاب السياسية تعارض ما جاء فيها، التيار الديمقراطي و النهضة و قلب تونس أو ما تبقى منه، تحيا تونس و كذلك كتلة الإصلاح، ليس في المشهد سوى عبير موسي و الحزب الدستوري الحر تتفق مع الرئيس على ضرورة تدوير و إعادة تشكيل المشهد برمته مع اقتناعنا أن التوافق في الرؤى أو النظر في نفس الإتجاه لا يعني بالضرورة تقاربا و انسجاما.

بقلم توفيق زعفوري *

لم يقابلها و لو مرة واحدة في القصر خلافا لرئيس المنظمة الشغيلة و رئيس منظمة الأعراف و بعض النواب الآخرين المحسوبين عليه، من التيار الديمقراطي أو حركة الشعب مثلا، حتى أنها ترفض الحضور أصلا و من الناحية المبدئية ما أبعد الشكوك حولها جملة و تفصيلا و ظلت عبير موسي و الحزب الدستوري الحر رغم القطيعة الظاهرة في دائرة التنافر الخفي و أحيانا يكون الانتقاد دون ذكر الأسماء، تلميحا لا تصريحا، خلافا لسلوك النهضة العدائي و تصريحات بعض قيادييها العلني و خصوصا رفيق بوشلاكة، صهر رئيس الحركة، و كأنه يتكلم باسمه! 

التقارب الموضوعي بين قيس سعيد و عبير موسي

تتقاطع أهداف عبير موسي و الرئيس قيس سعيد في عديد النقاط رغم التباعد “الجوهري”و الظاهري، فكلاهما يرفض توظيف الدين في السياسة و يتفقان في ضرورة إعادة الهيبة السياسية للمؤسسات عبر إزاحة كل أشكال التمكين، كما يتفقان على إعادة تنظيم الحياة السياسية و فرض سلطة الدولة و إعادة النظر في النظام السياسي إستفتاءً أو انتخاباً و خاصة في إبعاد أو إزاحة رئيس البرلمان من المشهد، و مراجعة كل الإتفاقيات السابقة و إعادة النظر في مسار المصالحة و خاصة إعادة النظر في قضايا السفير و التمويل الأجنبي و غيرها… كلها ملفات على مكتب الرئيس. 

عبير فعلت المستحيل في البرلمان، و ربما ما كان يحصل فيه من شغب كشف ضعف راشد الغنوشي في تسيير المؤسسة البرلمانية وهو ما كان دافعا قويا للرئيس ليضع حدا للتعطيل و التهريج و التجريح فيه، و من خلال وضع إمضاءات كتلتها البرلمانية على ذمة كل طرف يريد سحب الثقة من رئيس البرلمان حتى و إن كانت تختلف معه جوهريا، و قد تقاربت و لو وقتيا مع التيار الديمقراطي الذي ظل ينفي التقارب و كأنه تهمة مع أنهما يريدان الوصول إلى نفس الهدف، و هو إزاحة الغنوشي من رئاسة البرلمان، و الحقيقة كانت كل الكتل تسعى إليه ما عدى النهضة و حزامها.

كانت هناك محاولتان و في كلتيهما كانت عبير موسى تساهم في إخراج الإسلام السياسي من باردو… في السياسة ليس هناك أعداء دائمون أو أصدقاء دائمون، لطالما صرّح راشد الغنوشي أنه لن يتحالف مع نبيل القروي زعيم حزب قلب تونس و اتهمه بالفساد و لكنه انتهى بالتحالف معه من أجل البرلمان و العكس صحيح، نبيل القروي يصرح أنه سيتحالف فقط مع من يشبهه ليكتشف أخيرا أن شبهه و توأمه هو راشد الغنوشي، و سيف الدين مخلوف… الأمر ينطبق على كل العائلات السياسية تقريبا، فلمَ نستبعد أن يكون الرئيس قد تحالف و لو شكليا مع عبير موسي بشكل سري أو خفي؟

القنوات السرية و العلاقات الخفية أكثر نجاعة و جدية من القنوات العلنية

هي سياسة موجودة في أي مفاوضات و في أي اتفاقات سياسية تجري القنوات السرية و العلاقات الخفية أكثر نجاعة و جدية من العلاقات العلنية و تأتي أكلها في غالب الأحيان وهي نوع من الديبلوماسية أو من “سياسات ترك الأبواب مواربة”… و نحن على بعد سويعات من إعلان الرئيس عن إجراءات أخرى و الخروج من الحالة الاستثنائية، نتوقع أن يكون ذلك مساء الأحد 12 أو ليل الاثنين 13 سبنمبر، لعدم التشويش على اليوم الخامس للتلقيح المكثف.

هل استبقت عبير إجراءات حل البرلمان بوضع استقالة نوابها تحت تصرف الرئيس، لتسهيل أي آلية دستورية لحله ؟ و مع استقالة البعض الآخر من الكتل البرلمانية قلب تونس و ائتلاف الكرامة و تفكك البعض الآخر و دخول بعض النواب إلى السجن و وجود غيرهم في الخارج، هو مؤشر واضح أنه لم يعد هناك برلمان لحله، فهو في عداد المحلول و إعادة النفخ فيه و لو بصورة أخرى هو مجرد مضيعة للوقت لا علاقة له بالمسار الديمقراطي، و لا أعتقد أن الرئيس يفكر في إعادته للحياة .

يبدو من خلال ما تسرب من خارطة الطريق المزمع إعلانها أن أغلب الأحزاب السياسية تعارض ما جاء فيها، التيار الديمقراطي و النهضة و قلب تونس أو ما تبقى منه، تحيا تونس و كذلك كتلة الإصلاح، ليس في المشهد سوى عبير موسي و الحزب الدستوري الحر تتفق مع الرئيس على ضرورة تدوير و إعادة تشكيل المشهد برمته مع اقتناعنا أن التوافق في الرؤى أو النظر في نفس الإتجاه لا يعني بالضرورة تقاربا و انسجاما غير أن بقاء عبير و الرئيس في نفس الجهة يضعهما في تقابل مع جميع الأحزاب الأخرى التي أعلنت صراحة عدم رضاها عن نسف المسار السياسي القديم، و هو ما يضعهما في مجال التقارب لا التضارب…

*محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.