الرئيسية » حتى لا تسير تونس نحو الانتفاضة الثالثة

حتى لا تسير تونس نحو الانتفاضة الثالثة

في التدوينة التالية الأستاذ الجامعي و خبير القانون و الوزير السابق للعدل يحذر الفاعلين السياسيين من ردود فعل الشعب التونسي الذي يعلم كل شيء و لم يعد يقبل للأخطاء مهما كان مصدرها وهو مستعد للنزول إلى الشارع في أي وقت لفرض إرادته على السياسيين الذين فقد معظمهم كل مصداقية.

بقلم أ.د. الصادق شعبان *

نحن الآن بالتأكيد نسير نحو الجمهورية الثالثة… الرغبة الشعبية واضحة و عزم الرئيس واضح… لكن… لكن لا شيء مضمون… فالرهان ليس وطنيا فقط … إنه إقليمي أيضا، و دولي لحد ما… ليس لتونس للأسف كل أدوات السياسة المستقلة… فالفقر كافر…

إنهاء منظومة جانفي دون رجعة…

هناك دون شك شيء يطمئن… نعم… يطمئن فعلا… ذلك ان إنتفاضة 25 جويلية 2021 نابعة من الشعب… انتفاضة وطنية فعلا غير مستوردة كسابقتها و لا هشة… ليست قرطاسية أو ضوضائية… كذلك انتفاضة جويلية لم يركبها أحد لحد الآن… الإرادة شعبية باقية و العزيمة متواصلة : إنهاء منظومة 14 جانفي 2011 دون رجعة… أطراف هذه المنظومة أنفسهم عرفوا انهم لم يكونوا في المستوى، و أن النظام التمثيلي كاذب و تقاسم المؤسسات و التعيينات في شكل الغنيمة خطير… ظلم الناس لا يغتفر و غياب المصالحة كان قاتلا… كذلك من يلعب بالقضاء يصبح لعبته… و من يهدم الدولة يصبح تحت ركامها… و تلاقي المال مع السياسة خطير و الفساد ثعبان يأكل صاحبه…

كل هذه نصائح ابن خلدون… اقرؤوا “المقدمة”، متوفرة في كل اللغات… لا أحد اليوم يقدر على فرض شيء مخالف لإرادة هذا الشعب… مسالم لكنه عنيد… خرج ليحرق… و خرج ليحتفل بالانتصار… و كل الأرقام تكذب من يرى خلاف ذلك… أخفقت بعض القيادات في تقدير حجمها… شاخت و نعمت بالجاه… لم تكن تقدر هول الابتعاد عن الواقع…

قيادات تعودت على المعارضة لا على الحكم

هذا شعرت به شخصيا منذ 2008 و حاضرت فيه و كتبت… مارس 2010 كانت المحاضرة الصادمة في قلب دار الحزب… و بن علي يتابع و مقتنع بما كنت أقول… أحزاب منتفخة متورمة، و قيادات تعودت على المعارضة لا على الحكم… المشهد الحزبي الحالي انتهى… يجب التفكير في الجديد… الأرقام القديمة “بيريمي”… لم تعد صالحة للاستهلاك… ورشات يجب أن تفتح… علماء السياسة مدعوون للمشاركة و ليس فقط مفسري نصوص القوانين… نظرة جديدة لإطار جديد و عصر جديد… الخروج من النظام البرلماني و إضعاف صلاحيات البرلمان سوف يهمش الأحزاب… الدخول في نظام رئاسي لن يعطي هامشا كبيرا للمؤسسة الحزبية و انما يسلمها للقيادات الفردية المتميزة…

إنهاء نظام التمثيل النسبي هو الآخر سوف يضعف هيمنة الأحزاب في ترشيح الممثلين و في الانضباط عند التصويت… كل هذا يعني أن فرص البروز للترشحات الفردية المستقلة أصبحت كبيرة… الطبقة السياسية سوف تتغير… بشرى للكفاءات النظيفة : لن تحتاجوا إلى حزب يزكيكم و لا إلى زعيم يمن عليكم ببركاته… عصر من يتماشي بكتفيه و الناس مصطفون للتصفيق انتهى… استعدوا للجديد… إنه انتقال عميق في الحياة السياسة…

تونس اليوم لا تتقبل أي خطأ

لكن… دائما لكن! يجب الانتباه في هذا المسار… و تسريع السير نحو الإصلاحات… و عدم تعميق اليأس أو الخوف أو الغضب … تونس اليوم لا تتقبل أي خطأ… نحن في زمن الصفر أخطاء… الشعب هو الشعب لم يتغير و لن تؤثر فيه الإدعاءات الكاذبة كما في السابق… يعرف كل صغيرة و كبيرة… و من خرج في جويلية لافتكاك الشارع قد يخرج في أي شهر آخر… عندها… عوض الجمهورية الثالثة… نسير نحو الانتفاضة الثالثة…

* أستاذ جامعي و خبير القانون و وزير سابق للعدل.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.