الرئيسية » أزمة الأحزاب في تونس : عبير موسي كمثال

أزمة الأحزاب في تونس : عبير موسي كمثال

قيس سعيد افتك من عبير موسي رأسمالها السياسي المتمثل في محاربة الخوانجية.

الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 أنهت مرحلة سياسية و افتتحت أخرى مختلفة تماما على كل المستوات لكن الأحزاب لم تدرك مدى هذا التحول و ما يستوجبة من مراجعات عميقة في تركيبتها و وسائل عملها و علاقتها بالناخبين.

بقلم الصحبي بن فرج *

عبير موسي أسست لنفسها سردية واضحة وبسيطة وناجحة :

*الاخوان المسلمون خطر على الدولة يجب إزاحتهم من المشهد(تحديد العدو)،

*أنا وحدي زعيمة المقاومة ضد الخوانجية والبقية إما عملاء أو أغبياء (احتكار الزعامة بذكاء)،

*الربيع العربي مؤامرة على الدولة الوطنية التي كان يديرها نظام غير ديموقراطي ولكنه أفضل من النظام الحالي لأنه متمسك بالسيادة الوطنية ونجح في إدارة الاقتصاد والمسائل الاجتماعية (التنمية والسيادة مقدّمان على الديموقراطية الشكلية).

جعلت عبير مجلس نواب الشعب والفضاء الافتراضي مسرحا لعملياتها واكتسحت عبرهما الرأي العام الشعبي لتصبح بلا منازع زعيمة الحزب الأول في عمليات سبر الآراء والمؤهلة طبيعيا للفوز في الانتخابات.

غاب ميدان المعركة، سقط العدو، وتراجعت الزعامة

فجأة، يوم 25 جويلة 2021، انسحب العدو بعد معركة خاطفة مع قيس سعيد الذي انتزع منها زعامة الحرب، وجاء بتنظيم إستثنائي ومؤقت للدولة يقدّم مسائل التنمية وسيادة القانون على المسألة الديموقراطية، وفي نفس الوقت أُغلق مسرح عملياتها المفظل (المجلس) فاكتسحت أخبار الزعيم الجديد لوحده الفضاء الافتراضي. وبالتالي، غاب ميدان المعركة، سقط العدو، وتراجعت الزعامة، ثم تحولت الدولة من ديموقراطية منفلتة ورخوة الى سلطة ممركزة أقرب إلى المثال الذي كانت تنادي به وأقرب إلى المزاج الشعبي.

حاولت عبير موسي استئناف مسيرة حزبها بنفس آليات المرحلة السابقة ولكن بدون زعامتها التقلبدية السابقة وفي غياب عدوها المفضل السابق وخارج ميدانها المفظل السابق وفي مواجهة سلطة هي أقرب إلى المزاج الشعبي وأقرب لما كانت تدعو إليه فخسرت الجولة (لم تخسر الحرب) لأول مرة منذ سنتين تقريبا.

غادرنا مرحلة سياسية انتهت وماتت ودفنت

اتخذت الحزب الدستوري الحر وعبير موسي فقط كمثال، ولكن كل الأحزاب معنية بهذا المثال، إذا لم تفهم الأحزاب وزعماء الأحزاب أننا غادرنا مرحلة سياسية انتهت وماتت ودفنت ولم تفهم طبيعة المرحلة الجديدة وميكانيزماتها وأشخاصها ومزاج الشعب والنخب… ولم يغيروا خطابهم وخططهم وهيكلتهم فإنهم سيخسرون الجولة تلو الجولة وقد يخسرون الحرب نهائيا.

* طبيب مختص في الأمراض القلبية و نائب سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.