الرئيسية » مجموعة “جنازة مشمسة”، رسالة يكتبها محسن مرزوق الى الشهيد شكري (فقرة من المقدمة)

مجموعة “جنازة مشمسة”، رسالة يكتبها محسن مرزوق الى الشهيد شكري (فقرة من المقدمة)

نشر الشاعر محسن مرزوق رئيس حركة المشروع صباح اليوم الجمعة 5 فيفري 2021 على صفحته الرسمية بالفايسبوك فقرة من مقدمة مجموعة “جنازة مشمشة” (الصادرة عن دار بوابة للنشر و التوزيع يوم 3 فيفري 2021) التي سيقدمها عبد الحليم المسعودي غدا السبت تزامنا مع الذكرى الثامنة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد، خلال حصة توقيع بقاعة صوفية ڨلي بمدينة الثقافة بالعاصمة.

“رسالة إلى شكري عزيزي شكري، أقدّمُ لك هذه المجموعة في عام الوباء. سنةٌ أرادت الطبيعة فيها أن تبصق في وجه الإنسان الآثم الجاهل الجشع.

لعنتهُ فجمّدت حركته ثمّ زعقت بدون صوت ليسجد على ركبتيه ينظر لذاته أمام مرآة ذاته الحقيرة.

كان عقابها بسيطا وجهنميّا. دسّت له فيروسا ميكروسكوبيّا أوقف آلاته ومصانعه وطائراته وبوارجه وحواسيبه وحوّلته من صيّاد إلى صيد. أجبرته أن يعود مثل أيّ حيوان من حيواناتها لوضعه البدائيّ الأوّل يكافح من أجل البقاء بعد أن تصوّر أنّه قد صار إلاه الكون.

عزيزي شكري، لقد كانت بداية التزامنا الأول بقضايا الشأن العامّ موقفا ضد هذا الإنسان الظالم بالتحديد. ظالم أخيه الإنسان بالقهر الطبقي والاجتماعي. ظالم المرأة. ظالم الطبيعة. الإنسان حبيب الظلام عدوّ الحياة كما لعنه أبو القاسم الشابّي.

وكان التزامنا هو الوقوف إلى جانب المظلوم وهدفنا تفكيك منظومة الظلم بأيديولوجيتها وقبحها وعنفها ودولتها.

لذلك منذ عرفتك ونحنُ تلاميذٌ في المرحلة الثانوية كنّا نتقنُ بعدُ الربط بين النضال ضد الظلم في بلادنا ومحاربته في العالم. فقضية الإنسان هي ذاتها. كنّا وطنييّن وأممييّن. أنا أحاول البقاء كذلك طالما حييت، أمّا أنت، فإلى جانب حياتك فقد صيّرت استشهادك شعلة وطنيّة وأمميّة.

فالإنسان هو ذاته. الظالم هو ذاته والمظلوم هو ذاته. والشهيد هو ذاته. مهما اختلفت الأزمنة والأوطان. حتى الفيروسات هي ذاتها عزيزي. مهما اختلفت المجتمعات الطبيعية أو الاجتماعيّة ومهما تباعدت الأزمنة. ونحن نحارب في وطننا فيروسات كنت أشرت في أحد حواراتك الإعلامية المتميّزة لجذورها وشواهدها في تاريخنا الطويل.

هي نفس الحرب الطويلة ضدّ الطغاة والغزاة والغلاة. حاربنا الاستعمار. وحاربنا الطغاة. ونحارب الغلاة الذين قتلوك كما قتلوا قبلك جحافل المظلومين والمُنوّرين. هذا الكتيّب الصغير هو عهدٌ علنيٌّ لك أمام موتك، أريدُ أن أقرأه شعرا ونثرا ليكون شهادة منّي عليّ. ليس سياسة وليس فكرا. هو ألقٌ من الرّوح. كلّ كلمة فيه لم تخضع لغرابيل منطق الحساب أو استدراكات ما يجب أن يقال.

عهدٌ من عهود الحبّ بخطوط الدمّ. ألا فاشهد عليّ. (من مقدمة مجموعة جنازة مشمسة)”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.