الرئيسية » كيف يقع تأطير المجتمع في تونس؟

كيف يقع تأطير المجتمع في تونس؟

منذ منذ ثورة 14 جانفي 2011 غاب تأطير المجتمع و لم نعالج و لو للحظة واحدة مهام و مسؤوليات العمد و المعتمدين و الولاة في إطار نظام ديمقراطي و لم تتمكن أجهزة الأمن من تعويض مصادر استخباراتها خاصة في السنوات الأولى التي تلت الثورة مما جعلها تفقد قدرتها الاستباقية السابقة حتى ضد من هدد كيان الدولة و انسجام المجتمع بعد أن طبعت قوى سياسية حاكمة مع قوى الردة و الإرهاب.

بقلم فوزي بن عبد الرحمان *

قبل 2011، كان تأطير المجتمع التونسي أمنيا و اجتماعيا… أمنيا من طرف المؤسسات الأمنية (أمن و حرس) و كذلك بجزء من السلط المحلية (العمد و المعتمدين و الولاة) و كذلك عن طريق الحزب الحاكم و شعبه الترابية و المهنية. واجتماعيا، عن طريق السلط المحلية كذلك و بجزء من الحزب الحاكم و كذلك عن طريق بعض المؤسسات و الصناديق التضامنية.

إتصفت السلطة السياسية السابقة بقراءتها الأمنية و الجزرية ضد كل صوت مخالف و كان هذا الهدف الرئيسي من منوال التأطير السائد مما كان يسمح للسلطة السياسية بمعرفة دقائق الأمور و باستشراف ما سيأتي… و لكنها في نفس الوقت لم يكن لها مشروع تنموي و اجتماعي إدماجي حقيقي بل سياسة مراهم تعالج ظواهر المرض و لا تعالج أسبابه و سبب ذلك توحد سياسي لم يسمح بالتقاط الإشارات الحيوية… عوارض توحد سياسي جعلها تستمع و لكن لا تسمع أو لا تريد أن تسمع.

تغلبت عقلية القبيلة و الغنيمة التي أتت بها النهضة

بعد الثورة، و على خلفية الصراع على السلطة أي على الحكم أصبحت المؤسسات الأمنية و السلط الجهوية و حتى الإدارة ساحات صراع مواقع… تغلبت عقلية القبيلة و الغنيمة التي أتت بها النهضة منذ 2011 على كل ما من شأنه إدارة الشأن العام و تبعها في ذلك أحزاب الوسط الذين تحالفوا معها و اكتشفنا معنى المحاصصة و اقتسام الغنيمة أي الدولة.

غاب تأطير المجتمع منذ الثورة و لم نعالج و لو للحظة واحدة مهام و مسؤوليات العمد و المعتمدين و الولاة في إطار نظام ديمقراطي و لم تتمكن أجهزة الأمن من تعويض مصادر استخباراتها خاصة في السنوات الأولى التي تلت الثورة مما جعلها تفقد قدرتها الاستباقية السابقة حتى ضد من هدد كيان الدولة و انسجام المجتمع بعد أن طبعت قوى سياسية حاكمة مع قوى الردة و الإرهاب.

أصبحت مناصب الدولة في السلط المحلية القريبة من المواطنين أدوات للأحزاب الحاكمة لخدمة مصالحها الحزبية خلافا لمرسوم الأحزاب و خلافا للمصلحة العامة التي كان لا بد أن تفرض حياد هذه السلط لهدفها السامي في تأطير المجتمع.

تعامل الأحزاب الحاكمة منذ 2011 لم يتغير عن تعامل حزب التجمع قبل ذلك

الأحزاب لم يكن لديها تصور حقيقي لدور السلط المحلية في تأطير المجتمع و الاستماع إليه في وضع ديمقراطي و كان ينبغي أن يعاد تصور هذه المؤسسات و أن يقع تكوين الأفراد و المجموعات و أن توضع الآليات الضرورية للقيام بهذه المهمة الهامة جدا.

تعامل الأحزاب الحاكمة لم يتغير عن تعامل حزب التجمع عن إعتيار هذه المؤسسات إمتدادا للأحزاب لبسط هيمنتها و نفوذها. أما حزب الإدارة فهو يعتبر هذه السلط إمتدادا طبيعيا للأحزاب و قبل بذلك بدون تفكير.

أما عن جماعة “الشعب يريد” و “الهرم المقلوب” فتصورهم لتأطير المجتمع ينبع من خيال أو طوباوية لم و لن توجد في عالم البشر… بالرغم من بعض المفاهيم القليلة القابلة للنقاش الإيجابي. أن نفكر كيف ينبغي أن تتنظم السلط الجهوية بين منتخبي الشعب و ممثلي الدولة المهنيين و الحرفيين، و كيف ينبغي أن تتنظم السلط الأمنية وطنيا و محليا و كيف ينبغي أن تتوفر المعلومة السياسية و الإجتماعية حينيا للسلطة السياسية لأخذ القرارات المناسبة…

هذا ينبغي أن يكون في قلب إهتماماتنا لارساء نظام ديمقراطي عصري و عقلاني.

* وزير سابق للتكوين المهني والتشغيل.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.