الرئيسية » تونس : انتقلت المعركة من الفضاءات السياسية إلى الشوارع والساحات المشتعلة

تونس : انتقلت المعركة من الفضاءات السياسية إلى الشوارع والساحات المشتعلة

مظاهرات ليلية في عديد مناطق البلاد.

ما وقع البارحة السبت 16 جانفي 2021 مساءا من عنف ونهب وحرق وخاصة امتداد الشغب على مساحة واسعة وفي ساعات معدودة يؤكد أن انطلاق “الإحتجاجات” وانتشارها لم يكن عفويا ولا يمكن عزله عما يحدث منذ أسبوعين تقريبا في مراكز السلطة بداية من عزل وزير الداخلية توفيق شرف الدين وانتهاء بالاعلان عن تعديل الحكومة مرورا بأحداث مجلس النواب … بالتالي المعركة خرجت من المؤسسات الى الشوارع والساحات…

بقلم الصحبي بن فرج *

هنا يكمن الخطر لأن المؤسسات بنصوصها وأشخاصها صارت عاجزة عن إدارة الخلافات، عاجزة عن إدارة الدولة، عاجزة عن إدارة الأزمات (الصحية والمالية)، وأيضا لأن الشوارع والساحات عالم منفصل بذاته وميكانيزماته : لا أحد بإمكانه السيطرة والتحكم في مسار أحداثها، وأخيرا لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي كارثي إلى أقصى درجة بعد عشر سنوات من العبث المؤسساتي الرسمي، وبعد عام من أزمة صحية أبدعت الدولة خلالها في إساءة التصرف للأسف الشديد تبدو الطبقة السياسية الحاكمة وكأنها فعلا في كوكب آخر، لم تنتبه لما يحدث، لم تستشرف الخطر الداهم، لم تنتهز الفرص المتواترة لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وتصر على إنكار حقيقة فشل منظومة ما بعد الثورة سياسيا وقانونيا واقتصاديا، ولا يشغلها سوى تعزيز مواقعها و تصفية حساباتها.

هناك رقم أرجو أن نتذكره جيدا : الدولة مطالبة خلال الأشهر أو الأسابيع القادمة بتوفير 20 ألف مليون دينار لتغطية نفقاتها والإيفاء بالتزاماتها (أجور، جرايات، تنمية، ديون، مستحقات المزودين، الخ…) وهو تقريبا حجم العجز الوارد في الميزانية الرسمية علما بأن الاقتراض الداخلي مغلق، والاقتراض الخارجي فوق طاقتنا والموارد الضريبية في انكماش والمكينة الاقتصادية شبه متوقفة لا أحد يعلم كيف سيتم توفير ال20 ألف مليون دينار، ولا أحد من الذي في السلطة يتكلم عن هذا الإفلاس ولا أحد يعي عواقبه وتداعياته خاصة إذا انتقلت المعركة إلى الشوارع والساحات المشتعلة. ربي يقدّر الخير…

* طبيب و نائب سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.