الرئيسية » حتى لا تدخل تونس تحت طائلة قرار مجلس الأمن عدد 1373 (2001) بسبب احتضانها لفرع الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

حتى لا تدخل تونس تحت طائلة قرار مجلس الأمن عدد 1373 (2001) بسبب احتضانها لفرع الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

راشد الغنوشي و يوسف القرضاوي : الأسلام السياسي من أقصر الطرق إلى الإرهاب.

إنه من باب الحكمة والتعقّل والضرورة أن تبادر كلّ مؤسسات الدّولة التونسية وعلى رأسها الحكومة ورئاسة الجمهورية بحلّ الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) ومحاسبة المشرفين عليه لكونه يمثّل تهديدا جدّيّا للأمن القومي والإقليمي والعلمي.

بقلم الأسعد بوعزي *

في ديباجة قرار مجلس الأمن عدد 1373 (2001) الذي تم اتخاذه في الجلسة عدد 4385 بتاريخ 28 سبتمبر 2001، يؤكّد المجلس على التصدّي بكل الوسائل وفقا لميثاق الأمم المتحدة لكل المخاطر والتهديدات الإرهابية التي تهدّد الأمن والسلام العالميين. هذا القرار الذي تمّ تمريره على إثر الهجمات الإرهابية التي استهدفت البرجين العالميين بنيويورك ومبنى وزارة الدّفاع الأمريكية بواشنطن تمّ تبنّيه بالإجماع بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما يجعل منه قرارا ملزما لجميع الدّول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة.

إن تونس وهي الدولة التي صادقت على كلّ المعاهدات والمواثيق الدولية وخاصّة منها تلك التي تتعلق بمحاربة الإرهاب (وعددها 16) أصبحت تعاني من الإرهاب وهي مطالبة اأكثر من أيّ وقت مضى بالتصدّي الى هذه الآفة التي جعلتها من بين أولى الدّول المصدّرة للجهاديين إلى بؤر التوتّر.

جمعيات تتستّر بالدّين للقيام بأعمال مشبوهة

ولعلّ ما يجب التركيز عليه في الحرب ضدّ هذا الاخطبوط الذي بدأ يتغلغل في البلاد هي تلك الجمعيات الخيرية التي تمّ تكوينها وفقا للمرسوم عدد 88 (2001) بصفة اعتباطية في وقت شهدت فيه الدّولة الكثير من الضّعف والوهن لكونها جمعيات تتستّر بالدّين للقيام بأعمال مشبوهة تدخل ضمن تمويل الإرهاب والدّعاية له والتكوين لفائدته.

على رأس هذه الجمعيات المشبوهة التي تشغل بال التونسيين هذه الأيّام والتي قد تتسبّب في توريط الدّولة التونسية في جرائم تتعلق بالإرهاب بما يعرّضها للعقوبات بمقتضى قرار مجلس الامن عدد 1373 (2001) نذكر الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس وكلّ الجمعيات التابعة له أو التي ترتبط به من قريب أو من بعيد.

هذا السيناريو المرعب وهو إن تمّ سوف يكون كارثيّا على البلاد التي قد تجد نفسها تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يحتّم علينا البحث في الموضوع من أجل تقديم مقترحا من شأنه أن يجنّب البلاد أيّة تتبعات وهنا وجب الإجابة عن سؤالين: هل أن الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) على علاقة بالإرهاب وإن ثبت ذلك هل تدخل الدولة بمقتضاه تحت طائلة القرار 1373 (2001) ما لم تتخذ التدابير الواجب اتخاذها وفقا لقوانين البلاد وطبقا للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها؟

1- ما علاقة الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) بالإرهاب؟

للإجابة على السؤال الأول وجب الرجوع الى العرض الذي قدّمته الأستاذة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحرّ يوم 22 نوفمبر 2020 في خيمة اعتصام الغضب من أمام مقرّ التنظيم في شارع خير الدين باشا بتونس العاصمة. اعتمد هذا العرض على وثائق رسمية تمّ الحصول عليها وفق قانون النفاذ الى المعلومة وهو ما يجعل منه وثيقة مرجعية لمعرفة حقيقة هذه الجمعية. ولكي تأتي على كلّ التفاصيل المتعلّقة بهذا الملف، اتبعت السيدة موسي مخطّطا يقوم على خمسة محاور أساسية:

1-1- فكرة تأسيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين:

خلص المحور الأوّل الى أن التنظيم (الذي انعقد مؤتمره التأسيسي بلندن سنة 2004 وتوجد إدارته الحالية في قطر) قد يكون على صلة بتنظيم القاعدة إذ أن هناك بعض الوثائق (التي لم تقم تونس بنفيها أو تأكيدها) منسوبة الى بن لادن يتحدّث فيها عن ضرورة إنشاء مجلس لتوحيد المسلمين ويكون بمثابة نواة لحكومة قد تتولّي إدارة دولة القاعدة متى تمّ إنشاؤها. وبذلك فإن العلاقة تصبح ثابتة بين تنظيم القاعدة والإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أفتى رئيسه السابق يوسف القرظاوي بتفجير النفس بطلب من الجماعة ودعى الى ارتكاب الجرائم الإرهابية وهدر الدم العربي وإشاعة الفوضى في بعض الدول العربية بعد 2011.

1-2- تأسيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس):

تمّ تأسيس هذا الفرع بتونس وفقا للمرسوم 88 (2011) المتعلق بالجمعيات وبموجب إعلان نُشر بالرّائد الرسمي عدد 50 بتاريخ 26 أفريل 2012.

إن ما يسترعى الانتباه في الملف التأسيسي لهذا الفرع هو أن المؤسسين استغلّوا ضعف المؤسسات والإدارة التونسية عقب أحداث جانفي 2011 للتحيّل على الدولة وتقديم وثيقة مزوّرة ضمن ملف التّرخيص.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الفصل الثالث من النظام الأساسي للجمعية الأم ينصّ على ضرورة أن تعمل الفروع وفق نظامه الأساسي غير أن ما قام به مؤسّسو فرع تونس هو التستّر على بعض الأهداف المبيّنة بالقانون الأساسي عند تقديم ملف الترخيص عن طريق عدل منفّذ. تمّ ذلك بحذف أو تحريف صياغة المواد عدد 24 و25 و27 وهي مواد يتعارض محتواها مع القانون التونسي إذ منها ما يدعو الى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنها ما يدعو الى استعمال كل الوسائل المتاحة لمحاربة من يسمونهم بالتيارات الهدّامة (في إشارة الى المعارضة والقوى الحداثية) علاوة على الدّعوة الى إقامة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية وهو ما يتعارض مع دستور البلاد ومبادئ الديمقراطية.

1-3- هل هناك حزب بعينه على علاقة بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

تفيد الوثائق المضمّنة بملف الترخيص المتعلق بفرع تونس أن رئيس الجمعية ليس هو سوى أحد قياديي حزب بعينه. فهو الذي ترأس قائمته الانتخابية عن دائرة مدنين في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 وهو الذي كتب وثيقة الهوية والأصول لهذا الحزب ذو التوجه الإسلامي سنة 1986 كما تولّى عضوية مجلس الشورى وكلّف بإدارة لجنة العلاقات العامّة والشؤون الخارجية وهو اليوم يتمّ تقديمه على أنه عالم دين وسياسة وهو في حدّ ذاته دليل واضح على عدم جدّية هذا الحزب في الفصل بين النشاط الدّعوي والسياسي.

هذا، ويفيد الملفّ أيضا بأن المسؤول عن الكتابة العامّة لهذه الجمعية هو قياديّ آخر سبق للحزب أن سعى الى ترشيحه لعضوية المحكمة الدستورية كما يبرز أن منصب أمين المال تمّ إسناده الى المكلّف بلجنة النّظم واللّوائح داخل الحزب وهو نفسه من تولّى خطّة المقرّر في مكتبه التنفيذي.

أمّا علاقة هذا التنظيم السياسي بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (المنظمة الأم) فهي تتجسّم في شخص رئيسه الذي كان عضوا في مجلس الأمناء الى غاية 2018 حيث تمّ تعويضه بإحدى القياديات التي سبق لها ان كانت عضوا بالمجلس الوطني التأسيسي وهي اليوم أحد أعضاء هيئة مشائخ تونس التي تعمل على أن تكون دار إفتاء رديفة في البلاد التونسية.

ما نستخلصه من المحور الثّالث هو أن الإتحاد علماء المسلمين (فرع تونس) تنظيم من تأسيس حزب تونسيّ بعينه وهو حزب على علاقة مباشرة بالمنظمة الأم أين يشغل بعض أعضائه مناصب قيادية. ويتضح ممّا ورد ذكره أن فرع تونس لهذه المنظمة ومن ورائه هذا الحزب إرتكب عدّة مخالفات قانونية من أهمها:

  • مخالفة الفصل الثالث من المرسوم 88 لسنة 2011 الذي يلزم الجمعيات بضرورة احترام مبادئ دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان،
  • التحيّل على الدولة لتكوين جمعية عبر حجب بعض الحقائق التي تتعلق بأهداف الجمعية الأم،
  • مخالفة الفصل التاسع من المرسوم 88 (2011) الذي ينصّ على ضرورة ألاّ يكون مؤسسو الجمعية ممّن يتولّون مسؤوليات حزبية.

1-4- ما هي الأفكار التي ينشرها الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس):

تضبط وثيقة العلماء في ثوابت الإسلام المصادق عليها سنة 2017 المبادئ العامّة للتعليم والتكوين في مختلف فروع الإتحاد. ومن بين هذه المبادئ التي تتعارض مع النظام الجمهوري والديمقراطية نذكر “تنزيل العلماء في منزلة ورثاء الأنبياء في الأرض” وحصر مساواة المرأة بالرجل “إلاّ في ما هيّأته لهم طبيعة الخلق” وضرورة الجهاد في سبيل الله ووجوب السّمع والطّاعة في المنشإ والمكره وهي كلّها أفكار تدعو إلى القتل والتكفير وإلى التمييز على أساس الدين والجنس وعدم إحترام حقوق الإنسان ومناهضة الفنون وغيرها من الأعمال النّيرة.

1-5- موارد الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين:

ينص النظام الأساسي لهذا التنظيم على أن تمويله يتأتّى من الاشتراكات السنوية لأعضائه ومن التبرعات والهبات والوصايا والأوقاف التي يتقبلها الإتحاد سواء كانت موجهة لغرض معيّن (كل الاحتمالات تبقى واردة بما فيها العنف) أو لدعم الإتحاد ونشاطه وكلّ الموارد المشروعة الأخرى (دون تفسير كيفية مشروعيتها علما وأن الاحتطاب يعدّ عملا مشرّعا لدى هذا التنظيم).

وقصد التثبت من هذه التمويلات والتحقق من عدم توجيهها بصفة مباشرة أو غير مباشرة الى الأحزاب السياسية، تقدم الحزب الدستوري الحرّ بطلب النفاذ الى المعلومة الى كلّ من البنك المركزي التونسي وإلى بنك الزيتونة (أين يوجد حساب التنظيم) غير أن مطلبه قوبل بالرفض بدعوى عدم التدخل في حسابات الغير أو المحافظة على السرّ البنكي.

وأمام هذا الوضع، بادرت كتلة الحزب الدستوري الحرّ بالإتصال بمختلف الوزارات ذات الصلة بنشاط الجمعيات لتستفسر عن مدى علمها بأنشطة الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) حيث نفت كلّها (وزارة المرأة والأسرة والطفولة ووزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ ووزارة الشؤون الدينية) معرفتها ببرامج التكوين ومناهج التعليم التي يعتمدها هذا المركز.

وعلى ضوء هذه النتيجة طلبت الكتلة الدستورية من الكاتب العام للحكومة أن يتصرّف وفق القوانين التونسية وخاصة منها المرسوم 88 (2011) والقانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأعمال لوضع حدّا لجرائم هذا التنظيم.

وتجدر الإشارة في هذا المجال الى أن الأستاذة موسي أتت في المحور الأخير من العرض على شرح كلّ الجرائم التي تورّط فيها فرع تونس من هذا التنظيم طبقا لقانون الإرهاب وطالبت بمحاسبته وكلّ من تورّط معه في تهديم أسس الدولة والعمل على تغيير النظام ونمط العيش ونشر التطرّف وضرب الاقتصاد الوطني.

2) هل تدخل الدولة التونسية تحت طائلة القرار 1373 (2001) إن لم تبادر بتنفيذ قوانينها على الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس)؟

ممّا لا شكّ فيه أن الدولة التونسية إن لم تطبّق قوانينها على الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) وإن تمّ تدويل القضية بعد ثبوت ارتباطه بتنظيم الإخوان المسلمين الذي تمّ تصنيفه منظمة إرهابية من طرف بعض الدول العربية سوف يجعل منها دولة متستّرة على أنشطة هذا التنظيم وعلى تمويلاته المشبوهة بل لعلّه يجعل منها دولة راعية للإرهاب بسبب ارتباط أحد الأحزاب الحاكمة بهذا التنظيم وهو ما قد يجعلها تحت طائلة قرار مجلس الأمن عدد 1373 (2001) المتعلق بمكافحة الإرهاب والذي يلزم كلّ الدّول بتطبيقه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وفي هذا المجال لابدّ من الإشارة إلى أن قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال لسنة 2015 تمّ استصداره طبقا للتوصيات المنبثقة عن قرار مجلس الأمن عدد 1373 (2001) الذي ينصّ في ديباجته عل “ضرورة إكمال التعاون الدّولي بتدابير إضافية تتخذها الدّول لمنع وقمع أيّة أعمال إرهابية أو الإعداد لها في أراضيها بجميع الوسائل القانونية”.

ويُفهم من عبارة “الإعداد للأعمال الإرهابية” ويندرج ضمنها كلّ الأفكار التي ينشرها الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وفق المبادئ المبيّنة في وثيقة العلماء لثوابت الإسلام.

2-1) ما حُكم القرار 1373 (2001) على أنشطة الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

إن الأفكار التي يدعو إليها هذا الفرع تتنافى مع ما جاء في قرار مجلس الأمن لكونها تحرّض على التكفير والتطرف وتشجّع على الكراهية والبغضاء وعلى عدم احترام حقوق الإنسان. وفي هذا المجال فإن القرار يُعرب في ديباجته عن “بالغ القلق إزاء تزايد الأعمال الإرهابية بدافع التعصّب والتطرّف في مناطق مختلفة من العالم ويهيب بجميع الدول لكي تتعاون بصفة عاجلة على منع الأعمال الإرهابية من خلال تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالإرهاب”.

إن هذا التعاون الذي يدعو إليه القرار يشمل جميع الأنشطة المتعلّقة بالإرهاب ويمنع احتضان الدول لهذه الانشطة على اراضيها طبقا لنصّ القرار “وإذ يعيد (مجلس الأمن) تأكيد المبدإ الذي أرسته الجمعية العامّة الصّادر في أكتوبر 1970 وكرّر تأكيده مجلس الامن في قراره عدد 1189 (1998) على أنه من من واجب كلّ دولة عضو الامم المتحدة أن تمتنع عن تنظيم أيّ أعمال إرهابية في دولة أخرى أو التحريض عليه بالمساعدة أو المشاركة فيها أو قبول أنشطة على أراضيها بهدف ارتكاب تلك الأعمال”.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى أن مجلس الأمن كلّف هيئة مكافحة الإرهاب (وفقا للقرار عدد 1624 (2005) بإعانة الدول على منع التحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية ودعوتها إلى التوقّي من وقوع هذا التحريض.

وعليه، فإنه يتضح بما لا يدع مجالا للشكّ أن ما ينشره الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس يدخل تحت طائلة هذا القرار ممّا يستوجب اتخاذ التدابير القانونية في شأنه.

2-2) ما حكم القرار 1373 (2001) في التمويلات الخاصّة بفرع تونس؟

بسبب تعنّت هذا الفرع في عدم الكشف عن مصادر تمويلاته ونشر حساباته طبقا للفصل 41 من المرسوم 88 (2011) وأمام عدم تعاون البنك المركزي التونسي وبنك الزيتونة في ما يتعلق بمصادر تمويل هذا الفرع فإن كلّ هذه التمويلات تبقى مشبوهة.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى أن الفقرة الأولى من القرار 1373 (2001) تنصّ في المادّة (أ) على “منع وقمع تمويل الأعمال الإرهابية” كما تدعو في الفقرة (ب) الى “تجريم تعمّد رعايا الدول الأعضاء القيام بتوفير الأموال أو جمعها على أراضيها بأيّة وسيلة وبصفة مباشرة أو غير مباشرة لتستخدم في أعمال إرهابية”.

و في هذا المجال لا بدّ من التذكير بأن قرار مجلس الأمن عدد 1535 (2004) طلب من الإدارة التنفيذية لهيئة مكافحة الإرهاب أن تساعد الهيئة في جهودها المتعلقة برصد ما مدى التزام الدّول بتنفيذ القرار 1373 (2001).

وفي هذا الصدد طلبت الهيئة من الإدارة التنفيذية إعداد دليلا تقنيّا يتمّ استخدامه كوثيقة مرجعية في تقدير الجهود التي تبذلها الدّول الأعضاء بالمنتظم الأممي في ما يتعلق بتنفيذ هذا القرار.ويتناول هذا الدليل كلّ فقرة من فقرات القرار 1373 على حده.

وإذ يؤكد القرار في فقرته الأولى على ضرورة أن تتخذ جميع الدول عددا من التدابير من أجل منع وردع تمويل الإرهاب فهو يؤكد أيضا على ضرورة أن تسترشد هذه الدّول في تنفيذ هذه التدابير باتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصّلة فضلا عن القواعد والمعايير الواردة في التوصيات الأربعين والتوصيات التّسع الخاصّة المكمّلة لها وهي كلّها توصيات صادرة عن فرقة العمل المالية المعنيّة بمكافحة غسل الأموال والتي حُظيت باعتراف جميع الدول بوصفها الهيئة الدولية المخوّلة بوضع المعايير المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولدعم الجهود الرّامية إلى غسيل الأموال بادرت مجموعة العمل المالي – GAFI – التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية – OCDE – إلى إصدار ثمانية توصيات خاصّة des recommandations spéciales تتجاوز في مضمونها ما يدعو إليه القرار 1373 لتشمل الإرهاب. ومن أهمّ هذه التوصيات تلك التي:

  • تدعو إلى إتخاذ إجراءات رقابية لمنع الجمعيات الغير ربحية من أن يتمّ إستعمالها في تمويل الإرهاب وهو ما قد ينطبق على الإتـحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس)،
  • مراقبة النّظم الغير تقليدية لتحويل الأموال،
  • جمع المعلومات حول التحويل الألكتروني virements télégraphiques .

يتضح ممّا سبق ذكره أن الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) جمعية أجنبية لها تمويلات مشبوهة وعلى علاقة بتنظيم الإخوان المسلمين الذي تمّ تصنيفه تنظيما إرهابيّا من طرف بعض الدّول العربية.
إنّ النظام الأساسي لعلماء المسلمين وكلّ ما ورد بوثيقة العلماء لثوابت الإسلام وكلّ الكتب والنشريات والفتاوي الصّادرة عن هذا الإتحاد تدعو الى تفجير النفس بطلب من الجماعة وإلى إهدار الدّم العربي وقتل الأمنيين والعسكريين بوصفهم طغاة في خدمة الحكّام الكفرة.

إن هذه الأفكار البغيضة التي نادى بها يوسف القرضاوي الرئيس السابق لهذا التنظيم الارهابي تدعو أيضا إلى التكفير وعدم احترام حقوق الإنسان والى التمييز والكراهية والتحريض على الإرهاب وإذكاء روح الفتنة وهي كلّها أعمال تجرّمها المعاهدات والمواثيق الدولية.

إن قرار مجلس الأمن 1373 (2001) يقرّ بأن كل عمل إرهابي دولي يمثل تهديدا للأمن والسلام العالميين وهو ما يستوجب على كلّ الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة محاربته وفقا للمادّة 25 من ميثاق الأمم المتحدة.

إن تونس البورقيبية التي صادقت على كل المعاهدات الدولية والتي تؤمن بالحرّية وتحترم المبادئ الكونية لحقوق الإنسان وهي الدولة التي حرصت منذ استقلالها على إرساء الأمن والسلام العالميين أصبحت يشار إليها بالإصبع بوصفها من أولى الدّول المصدّرة للجهاديين إلى بؤر التوتّر.

إنه من باب الحكمة والتعقّل والضرورة أن تبادر كلّ مؤسسات الدّولة وعلى رأسها الحكومة ورئاسة الجمهورية بحلّ الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين (فرع تونس) ومحاسبة المشرفين عليه لكونه يمثّل تهديدا جدّيّا للأمن القومي.

أخشى ما أخشاه أن يتمّ تدويل هذه القضية إن لم يتمّ فتح هذا الملفّ وهو لعمري أمر إذا ما تمّ سوف يضع تونس، لا قدّر الله، تحت طائلة قرارات مجلس الأمن وهو ما قد تتولّد عنه عواقب وخيمة نحن في غنى عنها.

*ضابط سامي سابق في البحرية الوطية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.