الرئيسية » للتأمل فقط – تونسيون في أحضان الإرهاب المعولم : هذه هي الأسباب وهؤلاء هم المسؤولون !

للتأمل فقط – تونسيون في أحضان الإرهاب المعولم : هذه هي الأسباب وهؤلاء هم المسؤولون !

منفذ العملية الإرهلبية الأخيرة بمدينة نيس الفرنسية تونسي عمره 21 عاما.

دأب التونسيون ، خلال السنوات العشر الأخيرة ، على وضع أيديهم على قلوبهم كلما تداولت وسائل الإعلام خبر حدوث عمل إرهابي بالخارج وذلك خوفا من أن يكون مقترف الجريمة الإرهابية تونسيا ! وقد تنفسوا الصعداء، منذ أيام، عندما علموا أن الذي قطع رأس الأستاذ الفرنسي صمويل باتي إرهابي شيشاني وليس تونسيا ! لكن إطمئنانهم على سمعة بلادهم لم تدم طويلا فبعد مدة قصيرة جدا أستيقظوا على جريمة كنيسة نوتردام في مدينة نيس الفرنسية والتي إقترفها إرهابي تونسي.

بقلم : مصطفى عطية *

حول المد الإرهابي الخطير الذي إكتسح العالم في السنوات الأخيرة الآمال والطموحات إلى كوابيس بعد أن ٱعتقد المتفائلون بالداخل والخارج أن ربيعا جديدا للحرية والديمقراطية والإستقرار والرفاه سيزهر في المنطقة العربية بالخصوص، بٱعتبارها الأكثر إنتاجا للإرهابيين وتضررا من جرائمهم، لكن الأحداث والوقائع والمستجدات أثبتت العكس تماما، فما تشهده بلدان كاليمن وسوريا والعراق وليبيا والبحرين والسودان من إقتتال وحروب أهلية، وما تواجهه تونس ومصر والسعودية والمغرب والجزائر والأردن من تحديات إرهابية كبرى أسقط آخر الأحلام وبقايا الآمال والتطلعات، خاصة وقد ثبت بالحجج والبراهين أن ما حدث، في نهاية الأمر، ليست “ثورات” حرية وديمقراطية وحقوق إنسان وإنما هي حركات فوضوية وتدميرية تغذيها قوى مشبوهة بعضها يلتف بالدين وبعضها الأخر ينهل من مرجعيات تخريبية لم تعد خافية على أحد.

من الخطاب التحريضي المسموم إلى التفجير والقتل

حان الوقت لٱستنفار كل القوى في البلاد لمواجهة الإرهاب بكافة أنواعه المعنوية والمادية والفكرية والإعلامية والدعائية والتبريرية، وهي مواجهة تتطلب مقاربة إستراتيجية شاملة تبدأ أساسا من إجتتاث جذوره وتجفيف منابعه وتعطيل محامله وأبواقه في فضاءات التنشئة والتكوين ومجالات الإعلام والتبليغ والدعاية وفي تلك الجمعيات والمنظمات المشبوهة ذات المظاهر “الخيرية” والمقاصد الشريرة، بعيدا عن منطق الثورجيين وٱنتهازية الحقوقجيين وشعارات الشعبويين فأكثر الدول ممارسة للديمقراطية وصيانة لحقوق الإنسان والحريات في العالم كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وغيرها هي أشدها صرامة أمنية وعسكرية وردعية، أما نحن و بضغط مفضوح وسيء النية من جهات داخلية وخارجية، فنتقاعس في ٱتخاذ الإجراءات اللازمة وتفعيل القوانين وتطبيق أحكامها بجدية.

لا أرى شخصيا فارقا كبيرا بين ما يقترفه الإرهابيون من جهة والخطاب التحريضي المسموم الذي يروج له بعض “الدعاة” المتشددين والمتطرفين والكثير من السياسيين الشعبويين المفلسين من جهة أخرى، لأن الإرهاب المادي هو مرحلة تنفيذية للإرهاب الفكري والسياسي والإعلامي، والمشرع في الديمقراطيات الكبرى لا يفرق بين منفذ الجريمة والمحرض عليها.

الإرهاب المعولم وفشل حكومات ما بعد ” الثورة”

لا شك أن المسألة في جوهرها تخرج عن نطاقنا التونسي المحلي لأن المتمعن بدقة وموضوعية في وقائع التاريخ الإنساني، يكتشف بيسر أنه مصبوغ، في جانب كبير منه، بالتشدد والتطرف، ولم يسلم من تداعياتهما الكارثية أي دين أو إيديولوجيا في كل العصور، فقد كانت صناعة العنف والحقد والكراهية والإرهاب تنشط بٱستمرار، وغالبا ما تصل ذروتها الدرامية فتحول العالم إلى دمار وخراب، كما حدث في الحروب الإقليمية والكونية على مر تاريخ الإنسانية، ولم تكن تونس خلال تاريخها الطويل، ومنذ تدمير قرطاج، في مأمن من مخاطر “الإرهاب” بكل أنواعه، بمعنى أن المسألة ليست حديثة كما قد يعتقد البعض، ولكنها أخذت أبعادا أخرى بحكم طوارئ هذا الزمن اللعين وظهور تنظيمات إرهابية المرجعيات وإن اختفت وراء يافطات وشعارات دينية وأخرى سياسية، ولكنها تندرج في منظومة موصوفة هي “الإرهاب المعولم”، التي برزت معالمها الأكثر كارثية في التطرف الإسلاموي المبني على قراءات خاطئة للدين الإسلامي، لكن الأخطر في الأمر هو ما تفيد به البحوث والدراسات التي أنجزتها هيئات ومنظمات أممية مختصة من أن التطرف المنسوب إلى التيارات والتنظيمات الإسلاموية يجد زخما كبيرا ومحاضن متنوعة في الأوساط الشعبية بالبلدان العربية ومنها تونس، لأسباب متعددة، منها بالخصوص، فشل سياسات الأنظمة المتعاقبة على الحكم في السنوات الأخيرة في تطوير مناهج التربية والتنشئة والتثقيف وإرساء العدالة الإجتماعية وتأمين الحقوق والحريات مع ضمان سلطة القانون، بالإضافة إلى تسلل الكثير من المتشددين من أصحاب الأجندات الإرهابية إلى وسائل الإعلام والأحزاب وهياكل الدولة ومؤسسات السلطة والقرار بتواطؤ مفضوح من قوى إقليمية ودولية.

* صحفي و كاتب.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.