الرئيسية » العمل البرلماني في تونس الديمقراطية جدا صار غطاء سياسيا لمفسدة جزائية

العمل البرلماني في تونس الديمقراطية جدا صار غطاء سياسيا لمفسدة جزائية

كم نائبا في تونس الديمقراطية جدا تعلقت و متعلقة به قضايا منشورة لدى المحاكم ؟ و بما أن العمل البرلماني صار غطاء سياسيا لمفسدة جزائية فلا بد من التسريع في تعديل الأمور و تصويب الإخلالات، فالحصانة البرلمانية ليست غطاء يحتمي به النائب من المساءلة الجزائية و إلا أصبحت السياسة ملاذا لكل الفاسدين.

بقلم توفيق زعفوري *

لم تنفع أخلقة الحياة السياسية، و لا مواثيق برلمانية في جعل العمل السياسي و خصوصا البرلماني ذي قيمة و نجاعة كما يجب أن يكون خدمة للصالح العام، و هو ما جعل طيفا واسعا من التونسيين ينظرون باحتقار كبير إلى العمل السياسي و البرلماني و إلى السياسيين و السياسة عموما، و المطالبات بحل البرلمان لم تأت من فراغ، و لم تكن معزولة، كما لم تأت من فراغ الدعوات الملحة للعودة إلى النظام الرئاسي و القطع النهائي مع “الشبه شبه”. لقد فشلنا حتى في اختيار النظام السياسي ولم نعرف أين نتموقع، لم نختر لا النظام البرلماني الصرف و لا الرئاسي الصرف، ما جعل الرئاسات الثلاث في تصادم شبه دائم، و سيظل التصادم ما ظل هذا النظام الهجين و هذه القوانين المُفسدة.

عبير موسي تسجل النقاط على حساب سيف الدين مخلوف الذي تجاوز كل الخطوط الحمر

ليس هنا مجال مراجعة طبيعة النظام – و لو أننا سنأتي يوما ما لهذا و نكون بذلك قد تأخرنا كثيرا و ضيعنا وقتا ثمينا على الدولة – و لكن مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة تعود حليمة لعاداتها السافرة وتسجل عبير موسي النقاط على حساب سيف الدين مخلوف الذي تجاوز كل الخطوط الحمر و لابد من إيقاف هذا العبث و هذا العابث لسبب بسيط، لا أخلاقي و لا سياسي، و لكن لعدم تعريض أطفالنا لمثل هاته السلوكيات و الحد من منسوب العنف الجارف في الشارع، و عدم محاسبة هؤلاء و غيرهم في وقته و ساعته، يجعل وتيرة العنف تتصاعد و تتصاعد وتيرة الإفلات من العقاب، و سياسة دعه يعمل دعه يُفسد، و قد تصاعدت و إنتهى الأمر! 

أول أمس أمني من نابل تطاول على الأخلاق وعلى النواميس و على الدولة و على المواطن و على كل شيء، يقع إيقافه بفضل نجاعة الفيسبوك ( حمدا لله )، و أظنه يتساءل عن سبب إيقافه، طالما من هم تحت قبة البرلمان يؤتون تقريبا نفس الأفعال و نفس التجاوزات، و لا أحد تدخل لإيقاف المهازل التي تكاثرت و تناسلت و لم نعد نعرف إلى أين نحن سائرون.

سيدي الرئيس، لمَ أدفع ضرائبي لهؤلاء؟

ليست مشكلتي مع عبير او سيف او غيرهما، مشكلتي مع من لا يلتزمون بالنواميس و القوانين من كل الأطراف، و هذه التجاوزات أصبحت تخنقنا كل يوم و أصبحت ترهقنا و تكلفنا الكثير و لا شيء فيها تغير منذ عشر سنوات. 

منذ عشر سنوات هناك حالة من الفشل الخرافية، استعصى معها الحل كفيروس كورونا، ليس هناك قرار شجاع واحد و نافذ بقوة الفعل و قوة القانون يطبق على الجميع، و هذا خلل كبير و أصل المشكل.

ترى كم نائبا تعلقت و متعلقة به قضايا منشورة لدى المحاكم، أجزم أنهم أكثر من النصف، و بما أن العمل البرلماني صار غطاء سياسيا لمفسدة جزائية فلا بد من التسريع في تعديل الأمور و تصويب الإخلالات، فالحصانة كما قلت منذ أيام، هي استقلالية و ليست غطاء يحتمي به النائب.

سيدي الرئيس، مازلنا نؤمن ببعض ما تؤمن به و مازلنا ننتظر التفعيل و لا شيء غير التفعيل، القوانين موجودة و النصوص موجودة و آليات التنفيذ موجودة و كل شيء موجود، ينقص شيء واحد، هو التفعيل و لا شيء غير ذلك..

هؤلاء و غيرهم من الفاسدين يستغلون ضعف أجهزة الدولة و يعرفون ثغراتها، و يركبون موجة المصالحة و العدالة الإنتقالية و يستفيدون من ضل الدولة ليبقوا في حالة تمعش دائم و قد تكاثروا حتى صاروا عصابات يتحدّونها في كل مرة.. نحن نضيع، أليس فيكم رجل حكيم!؟ 

* محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.