الرئيسية » نحو إطلاق إسم المحامية والمناضلة النسوية جيزال حليمي على إحدى شوارع حلق الوادي

نحو إطلاق إسم المحامية والمناضلة النسوية جيزال حليمي على إحدى شوارع حلق الوادي

في رسالة موجهة إلى رئيسة بلدية حلق الوادي؛ السيدة آمال القصير لمام، مجموعة من الشخصيات الوطنية النسائية تطالب بإطلاق شارع باسم المحامية والمناضلة النسوية الفرنسية من أصل تونسي جيزال حليمي التي نوفيت مِؤخرا في مدينة حلق الوادي. و في ما يلي نص الرسالة…

إلى عناية السيدة آمال القصير لمام، رئيسة بلدية حلق الوادي؛

ودّعت مدينة حلق الوادي يوم 28 جويلية إحدى بناتها، المحامية المناضلة جيزال حليمي، وبدوره فَقد هذا العالم الرحب الذي تَعوزه المعرفة بدفاتر الحالة المدنية لمدينتكم أيقونة من أيقونات النضال النسوي. أوليس من البديهي سيدتي، وبعد ورود المئات من رسائل التكريم الوافدة من كل حدب وصوب، أن نعيد التذكير بأنها تنتمي إلى هذه المدينة التي تحفَظ تفاصيلها عن ظهر قلب؟

سيدتي الكريمة؛ عندما نتحدث عن مدينة حلق الوادي، نحن بصدد تصفّح إحدى فصول مسيرة هذه المرأة التي كانت مُتيمة بريشة انطوان سانت اكسبيري، الفنان الذي قال ذات يوم: “إن الطفولة هي هذا المهد العظيم الذي أطلّ منه كل من على البسيطة. من أين أنا؟ أنا سليل طفولتي. أنا ابن هذه الطفولة وهذا البلد…”

لقد كانت جيزال منذ البدء ابنة حلق الوادي…منذ رأت النور في سنة 1927، أوجلت هذه الطفلة والديها التونسيين الفقيرين ذوي الأصول اليهودية والبربرية، “فورتيني” و”إدوارد”، وقد تطلّب إعلان خبر هذه الولادة أسبوعين كاملين، بل تطلبت الأمور برمتها أكثر من ذلك للتكيّف مع ملامح هذه الطفلة الفذة وهي تُسابق الصبيان حافية القدمين في أزقة مدينة حلق الوادي وشوارعها، أو أن تُرَى مُعتدّة بذاتها لا تَلين ولا تتنازل، رافضة أن تكون مجرّد فتاة خاضعة لمحيطها الذكوري.

لقد اعترضت “جيزال” على هذه الصورة النمطية للمرأة منذ نعومة أظافرها، وفي سن الثالثة عشر دخلت في إضراب جوع لمدة ثلاثة أيام احتجاجا على واجب الخدمة المنزلية. كما اعتبرت، رغم صغرها، أن عهد المُسَلّمات واليقينيات قد ولّى. وفي سن الثامنة عشر، عندما قررت الشابة أن تتخصص في دراسة الحقوق والآداب والعلوم السياسية في باريس، بات من غير الممكن كبح جماحها. مع نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح يتردد على مسامعنا ولأول مرة مصطلح “محامية”، وكان لجيزال شرف فرضه على الساحة الحقوقية والسياسية عندما ارتدت العباءة السوداء سنة 1948 للمرافعة في المحاكم التونسية. ولأنها مُشبعة بالانتماء لطفولتها عادت جيزال للترافع في بلدها الأم، ودافعت عن النقابيين وأصبحت محامية الوطنيين في المحاكم العسكرية، بعد أن قضّت مدة وراء القضبان بمناسبة أحداث العنف التي جدت سنة 1952. وفي الأثناء أيضا أصبح الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة -وهو أحد منوبيها-من أكثر المقربين منها.

بعد مرور سنوات على هذه الأحداث، كان لجيزال موعد مع الجزائر حيث رافقت حركة التحرير الجزائرية الكثير من المآسي، فصدح صوتها في محاكم الجزائر العاصمة لتَحول دون إعدام مناضلي الحركة الوطنية الجزائرية وجبهة التحرير الوطني، على غرار جميلة بوباشا التي رأت فيها أختا ورمزا من رموز الجزائر الصامدة في وجه المستعمر.

جيزال؛ تلك الطفلة التي تعرّضت خلال طفولتها إلى سوء المعاملة، أسّست صحبة سيمون دي بوفوار حركة “اختيار قضية النساء” ووقّعت بيان الـ 343 امرأة اللاتي طالبن بتشريعات حول الإجهاض، وقد كانت قاب قوسين أو أدنى من السجن.

مهّد نضال جيزال المتواصل الطريق في فرنسا لسن قانون “فاي” سنة 1975، وساهم في الاعتراف بالاغتصاب كجريمة يعاقب عليها القانون. وتمظهر البعد الأممي لهذه النسوية المتمردة، التي ولدت في بلد مستعمَر، في تنديدها بالمجازر التي ارتُكِبت في حق الفلسطينيين العزّل فالتحقت سنة 2009 بلجنة “برترو روسيل” التي تأسست للدفاع عن الفلسطينيين، وأصبحت بذلك إحدى محاميات مروان البرغوثي.

ولم تكن جيزال بمنأى عن رياح الانتفاضات التي هبّت على العالم العربي منذ سنة 2011، فقد كانت بدون مواربة نصيرة للشعوب في معركتها الدامية من أجل التحرر والانعتاق الاجتماعي.

السيدة رئيسة البلدية؛

نحن على يقين تام أنكم تعرفون الكثير عن جيزال، ابنة مدينتكم، وأنكم وددتم مثلنا أن تُتَرجم المؤلفات الخمسة عشر لجيزال حليمي إلى اللغة العربية. يبدو أن هذه المحامية والمناضلة والناشطة السياسية التي كانت عضوا في البرلمان الفرنسي من أصول تونسية قد تركت هذا الارث العظيم لأنها ما انفكت تنهل هذا الإصرار من أزقة مدينتها الأم التي غذّت فيها تعطشها للمساواة لفائدة النساء والشعوب. تنتمي جيزال حليمي لحلق الوادي والعالم بأسره، فنضالها الكوني خطَى خطواته الأولى على ضفاف مدينتكم، على شاطئ هذا المتوسط الذي كان الرومانيون يسمّونه “أمنا”. لقد انتمت جيزال للإنسانية، والأمواج التي ما فتئت ترتطم على أبواب مدينتكم لم تكن غريبة عنها بل إنها كانت ملهمتها ومصدر مواساتها.

السيدة رئيسة بلدية حلق الوادي، وعلى سبيل الختام؛

لقد سُعدنا أيما سعادة عندما انتُخبتم يوم 14 جويلية 2018، وللمرة الأولى في تاريخ المدينة، سيدة على رأس البلدية، لذلك ستكون عائلة جيزال بالمعنى العلائقي والنضالي الكوني ممتنّة لو تكرّمتم بأن يحمل أحد شوارع مدينة حلق الوادي اسم جيزال حليمي. سيكون ذلك رسالة استثنائية للشابات والشبان التونسيين. ونعرف أن جيزال ستبتسم من ضريحها عندما تشاهد أول رئيسة بلدية في تاريخ حلق الوادي تدشن شارعًا باسمها.

للراغبات والراغبين في الانضمام إلى هذه المبادرة المواطنية، نرجو إضافة توقيعكن.كم على العريضة الالكترونية في الرابط التالي.

الإمضاءات :

1.صوفي بيسيس، مؤرخة
2.لطيفة لخضر، أستاذة جامعية ووزيرة ثقافة سابقة
3.خديجة الشريف، جامعية
4.سعيدة قراش، محامية وناطقة رسمية باسم رئاسة الجمهورية
5.جاء بن سلامة، أستاذة بجامعة منوبة
6.بشرى بالحاج حميدة، نائبة سابقة ورئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة
7.يسرى فراوس، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
8.ليلى طوبال، كاتبة وممثلة ومخرجة مسرحية
9.ناء بن عاشور، أستاذة قانون ورئيسة جمعية بيتي
10.سهير بالحسن، الرئيسة الشرفية للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان
11.نزيهة رجيبة، صحفية
12.قمر بندانة، جامعية
13.نائلة الزغلامي، الكاتبة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
14.مريم اللغماني، نائبة بمجلس نواب الشعب
15.نبيلة حمزة، جامعية
16.شريفة التليلي، أخصائية نفسية
17.سلمى حجري، طبيبة، جمعية توحيدة بالشيخ
18.أمنة عوادي، نقابية وعضوة بجمعية النساء التونسيات للحث حول التنمية
19.منية بن جميع، أستاذة قانون
20.راضية وزيني، رئيسة سابقة لجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.