الرئيسية » في مسألة الميراث قارب الرئيس قيس سعيد مجالا ليس من اختصاصه فزلت به القدم

في مسألة الميراث قارب الرئيس قيس سعيد مجالا ليس من اختصاصه فزلت به القدم

الرئيس سعيد يقول لنساء تونس أنه ضد المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة و سيدفع قريبا ثمن خطئه القاتل.

الكاتبة والباحثة ترد في التدوينة التي ننشرها أسفله على رئيس الدولة الذي عبر مرة أخري في خطابه بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية عن رفضه لأية مبادرة تهدف إلى إحلال المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة على أساس أن ذلك يتعارض مع نص القران. وهي تلومه لأنه تحدث في غير اختصاصه و قال كلاما غير دقيق بل مجانبا للواقع.

بقلم نايلة السليني *

“عندما أرسل عليّ ابن عبّاس إلى الخوارج لمحاورتهم قال له: لا تُخاصِمْهم بالقُرآن؛ فإنَّ القُرْآن حمَّالُ أوجُه، ذو وجوه، تقول ويقولون” . وأنت الليلة يا سيدي الرئيس خاصمتنا بالقرآن. وكان يمكن أن أسكت لكنّك لمست أمرا رأيت انّك غريب عنه.

حديثي إليك الليلة هو حديث أستاذة إلى أستاذ ، لأنّي لم أر فيك رئيسا، بقدر ما رأيت إنسانا حريصا على أن يتكلّم في جميع المواضيع والاختصاصات.

لم أعلّق على موقفك من الدستور لأنّي احترم الاختصاصات، وذاك عقد عرفي بيننا نحن الأساتذة، لكن، أن تدخل دون استئذان أهل الاختصاص إلى علم آخر، قد تكون هاويا فيه وأنت أعزل من آليات مقاربة ذلك العلم، فعندئذ لا استطيع ان أسكت، لأنّ في سكوتي إقرار ضمني بأنّ مسيرتي في التدريس ومقاربتي في بحوثي هي خارجة عن الموضوع وقائمة على أسس واهية.

ما فائدة الدستور إن كان القرآن تحدّث في كلّ شيء؟

نبرتك، أيّها الزميل واثقة وصارمة، وهي نبرة ترفض الجدل او النقاش، ومع ذلك أقول لك: لو فتحت المصادر القديمة في علوم القرآن والتفسير لتبيّن لك أنّ القدامى لم يكونوا بمثل هذا الوثوق في جميع مقالاتهم، وإنّما اتسمت مصنفاتهم بالحذر، وبالحرص على جمع المواقف مهما كانت مختلفة. وكم كانوا حذرين كلّما قاربوا النصّ القرآنيّ وكم رووا أخبارا تؤكّد على انّ المعنى القرآنيّ زئبقيّ وحذّروا من الاحتجاج به. واحتجّوا على أنّ القرآن بين دفتين لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال. أنا أعلم أنّك غير مطّلع على هذا الباب، لأنّك لو اطلعت عليه لكنت أشدّ تواضعا. لكن لا باس فلنواصل طريق الضياع الذي سلكت في تفسير القرآن:

اعتبرت المواريث قطعية الدلالة، وهذا دليل وحجة على خلط بين ما فهمه الفقهاء وما ورد في القرآن، وذهبت إلى أنّنا شعب نحتكم إلى قطعية الدلالة. وفي هذا القول انزياح خطير، خاصّة إذا صدر من مختصّ في الدستور، إذ ما فائدة الدستور إن كان القرآن تحدّث في كلّ شيء؟ وعلى هذا الأساس فالرجوع إلى تعدد الزوجات هو رجوع إلى الصراط المستقيم، وتطبيق أحكام العدّة من الدين، وأصبح نسخ التبنّي أمرا محسوما، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قطع يد السارق، وبصفة أخصّ اليد اليمنى. وما قولك في أحكام الحِرابة وقطع أيديهم من خلاف؟ آه نسيت الظِهار، بما أنّ النصّ أبانه حسب مذهبك. والمحلّل؟؟ أسالك هل هو من القرآن أم من تأويل الفقهاء؟ بما أنّك عالم بكلّ شيء…

سيدي الرئيس أنت مثل هاو أخذ قسرا موسى جرّاح وأراد ان يفتح قلبا عليلا

وختاما… يبدو أنّ إبطال العبودية زيغ و بدعة و بما أنّ كلّ بدعة ضلال،علينا أن نستردّ أحكامها. لكن شرط تطبيق جميع الأحكام التي تتصل بملك اليمين، واللي يلعب ما ينغرش، بما فيها تلك التي أجازها الفقهاء للمرأة، لأنّهم اعتبروا عورة المرأة أمام عبدها بين السرّة والركبتين…

أرأيت أين تذهب بنا حالتك التفسيرية؟؟؟ أرأيت في أيّ واد يهيم الإنسان عندما يقارب مجالا ليس من اختصاصه؟ أنت مثل هاو أخذ قسرا موسى جرّاح وأراد ان يفتح قلبا عليلا.

* أستاذة الجامعية المختصة في الحضارة الإسلامية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.