الرئيسية » عريضة سحب الثقة من الغنوشي : هل يقطع الحَبْل السُّرِّي عند التصويت السري ؟

عريضة سحب الثقة من الغنوشي : هل يقطع الحَبْل السُّرِّي عند التصويت السري ؟

غدا الخميس 30 جويلية 2020  ينظر مجلس نواب الشعب في لائحة سحب الثقة من راشد الغنوشي، الذي لم يكن راشدا و موفقا في رئاسة المجلس منذ انتخابه على رأس المؤسسة التشريعية. فهل يكون التصويت السري المفروض وسيلة تسمح لبعض النواب بقطع الحيل السري مع الأب المتجبر ؟

بقلم فتحي الهمامي * 

وقد عدد المبادرون بعريضة سحب الثقة منه جملة الاخلالات والتجاوزات التي طبعت توليه تلك المهمة، والتي انحرفت بمهام المؤسسة الدستورية، وأوقعتها في أزمة  لعل أخطرها الشلل الذي أصابها. لهذا يشكل يوم سحب الثقة لحظة هامة في عمر المجلس لتصحيح مساره و العودة به إلى أساس دوره بعيدا عن التوظيف الفئوي، أو الانخراط في أجندة هذا أو ذاك في الداخل و الخارج على حد سواء.

لحظة ديمقراطية إيجابية في مسار انتقال ديمقراطي متعثر

و لا ريب أن في نجاح لائحة سحب الثقة والتوصل إلى إزاحة راشد الغنوشي بطريقة ديمقراطية تتحقق مصلحة وطنية عليا، تتمثل في إنقاذ المؤسسة الدستورية من حالة العجز و الانفلات التي تعيشها مذ فترة. و لعلي أقول أن لائحة التنحية ذاتها تشكل لحظة ديمقراطية إيجابية في مسار انتقالنا الديمقراطي المتعثر، بما أنها تبعث برسالة مفادها ان الشرعية الانتخابية ليست مقدسة يتحول  بمقتضاها صاحبها إلى نبي أو قديس. فالشرعية الديمقراطية قابلة أن تخضع للمراجعة و للسحب إذا خرجت عن مهام التفويض، ونقضت العقد المتفق عليه. فذلك من مبادىء الديمقراطية الحقة وضوابطها.

الغنوشي يتمرد على الدستور والقانون والأخلاقيات

فوقوف الغنوشي – إذن – يوم 30 جويلية أمام النواب للمحاسبة السياسية من خلال هذه العريضة مرده تمرده على مقتضيات ذلك العقد، من دستور و قانون و أخلاقيات تنظم مجلس النواب ورئاسته. فهو قد أَلْقَى الحَبْلَ على الغارِب. ورغم أن تلك المحاسبة ستتم عن طريق التصويت السري والذي أصرت رئاسة المجلس عليه (في معارضة للنظام الداخلي للمجلس و لمنطق الشفافية حسب راي غالبية النواب)، فإن هذه الطريقة يمكن ان تكون كمثل ذلك السحر الذي ينقلب على الساحر! إذ هي ربما توفر الفرصة للبعض من نواب حركة النهضة ينتهزونها لقطع حبل السُّرَّةُ مع الأب بما يمثله من ماض و إرث ثقيلين، ومن رمزية تحيل إلى عناوين عدة منها ان فكر الغنوشي قد تجاوزه الزمن. فانكسار ذلك الرابط أراه سيكون الانطلاق لهم  للتحرر من سطوة الأب المهيمن ويعطيهم الفرصة  لتجديد  ما بأنفسهم، وإعادة بناء منظمتهم على أسس التونسة والالتزام بالدولة المدنية الديمقراطية. فهل من مجيب؟

* ناشط في مجال حقوق الانسان.
      

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.