الرئيسية » نهاية الجمهورية الثانية في تونس

نهاية الجمهورية الثانية في تونس

المشهد السياسي المخزي في تونس اليوم هو نتيجة لعشر سنوات من العبث اشترك في صناعته كل من اشتغل بالسياسة منذ ثورة جانفي 2011 الى اليوم بدرجات متفاوتة، وهو أيضا اخر علامات احتضار نظامنا السياسي التعيس.

بقلم الصحبي بن فرج *

الكواليس تؤكد أننا سائرون الى مزيد من العبث في عملية تشكيل الحكومة القادمة بين حركة النهضة التي تعمل على “استعادة” حكومتها التي أهدرتها مع الحبيب الجملي وبين القطب المكون من التيار، الشعب وتحيا، والمدعوم من رئيس الجمهورية قيس سعيد والذي يراهن على تشكيل حكومة خالية من النهضة.

كل التكتلات شديدة الهشاشة وقابلة للسقوط

لكن السياسة لا تكون بالاماني وإنما بتجميع أوراق القوة والتصرف على أساسها : النهضة لها اغلبية نظرية ب105 نواب، إضافة الى نواب “الديماكس” (إشارة إلى بعض المهربين الذين انتخبوا في جهاتهم – المحرر)، يعني النهضة أغلقت “الطرح” وستجلب إليها 16 نائبا اخر من مختلف التوجهات.

أما الجبهة المعارضة للنهضة فلها تقريبا تسعون نائبا ثابتين وعشرة نواب تقريبا من الممكن إقناعهم بصعوبة للانضمام إلى حلف يقصي النهضة من الحكومة.

ميزان القوة اليوم يميل بوضوح الى حركة النهضة ولكنه ميزان شديد الهشاشة وقابل للسقوط في أي لحظة وبالتالي لن يؤدي لا إلى استقرار ولا إلى إنجازات وسيكون لوحده في مواجهة الغضب الشعبي القادم.

بيضة القبان بين الفريقين هي كتلة قلب تونس و رئيس حزبها نبيل القروي، والكتلة المحددة بعدها ستكون الدستوري الحر هذا هو الحساب، وأي تغيير في الميزان يتطلب نقل كتلة القروي من ضفة الى ضفة (وهذا شبه مستحيل) واستمالة كتلة عبير.

هذا التمشي له ثمن سياسي يجب على التيار والشعب والرئيس دفعه ويتطلب فريق عمل من المحترفين ولا من الهواة كما أشاهد حاليا. في نفس الوقت حكومة بهذه التركيبة ستكون قابلة للانفجار في ساعات، وبالتالي أيضا لا أمل في استقرار ولا إصلاحات ولا هم يفرحون.

الحل يبقي تكوين حكومة مستقلة عن الأحزاب

رأيي الخاص، لا أتصور حلا موضوعيا غير حكومة تتكون من كفاءات مستقلة عن الأحزاب مكلفة بإنقاذ البلد إقتصاديا وتتعهد بتنظيم انتخابات خلال عام أو عامين على أن يتولى الرئيس رعاية حوار وطني للانقاذ لتعديل المنظومة القانونية التي ستؤطر الانتخابات المبكرة القادمة لا محالة.

باستثناء هذا الحل، سيتواصل السرك السياسي الحالي مع حتمية التقائه بالانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي لينتج كل العناصر اللازمة للتغيير العنيف وعندها فقط سنستفيق ونتعرف على حجم الخسارة.

* نائب سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.