الرئيسية » قراءة فوزي عبد الرحمان للبرنامج الاقتصادي و الاجتماعي لالياس الفخفاخ و رأيه في اقتصاد الريع

قراءة فوزي عبد الرحمان للبرنامج الاقتصادي و الاجتماعي لالياس الفخفاخ و رأيه في اقتصاد الريع

من بين النقاط التي قدمها رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في مخططه الاقتصادي و الاجتماعي، خلال الجلسة البرلمانية المخصصة لتقييم عمل فريقه ل100 يوم عمل، اليوم الخميس 25 جوان 2020 و التي شدت اهتمام فوزي عبد الرحمان الوزير السابق للتشغيل هي اقتصاد الريع الذي يجعل منه منظومة حكم أكثر من من منظومة اقتصادية.

و تمنى عبد الرحمان ان يكون لدى رئيس الحكومة و فريقه الحكومي نظرة شاملة لتأسيس منوال تنموي اقتصادي و سياسي جديد. هطا ما كتبه عبد الرحمان في تدوينة نشرها هذا المساء على صفحته الرسمية بالفايسبوك:

“السيد رئيس الحكومة في تدخله مبينا أولويات برنامجه الإقتصادي و الإجتماعي فيما بعد الكورونا. و من بينها التصدي لإقتصاد الرّيع (Économie de rente). أول رئيس حكومة يتكلم على هذا معتبرا إياه آفة تستوجب وضعها ضمن أولويات البرنامج الحكومي و هذا يحسب له.

و تكلم السيد رئيس الحكومة على تفعيل (أكره هذه الكلمة كرها شديدا لترادفها مع مفهوم دولة اللا قانون) دور و قرارات مجلس المنافسة.

مجلس المنافسة هيئة مستقلة منذ 1995 و لها دور إستشاري لوزارة التجارة في كل ما يتعلق بالمنافسة و الأسعار و له دور قضائي للبت في كل الدعاوى المرتبطة بالمنافسة.

يقول رئيس الحكومة أن للمجلس 540 قرارا (أفهم قضائيا) بقوا حبرا على ورق. و هذا في حد ذاته مؤشر جدي لإقتصاد الريع الذي يستبعد آليات المنافسة الحرة و الشريفة و هذه نقطة ستحسب لرئيس الحكومة في حال تبعت الأفعال الأقوال طبعا. من الضروري فهم أسباب عدم تنفيذ أحكام قضائية تهم المنافسة في بلادنا.

إقتصاد الريع له خصائص أخرى تجعل منه منظومة حكم أكثر من منظومة أو آليات إقتصادية. لم يكن المجال متاحا لرئيس الحكومة التعرض إليها في خطابه أمام النواب و إني أتمنى أن تكون لديه و لدى كل فريقه الحكومي نظرة شاملة تجعل من العنوان برنامج متكاملا يؤسس لمنوال تنموي إقتصادي و سياسي جديد.

1. إقتصاد الريع هو إقتصاد مرتبط بالسلطة السياسية، محاربته يعني الإقرار بإستقلالية الإقتصاد عن السلطة السياسية في الإتجاهين و هذا يستدعي إعادة نظر في زوايا عديدة من المناخ القانوني و الإجرائي. إستقلال الإقتصاد يعني تفكيك تدخلات الدولة، رقمنة خدماتها، مناخ شفافية إزاء الفاعلين الإقتصاديين، مراجعة التشريعات و الإجراءات الوصائية ثم حذف الرخص للإستثمار و الممارسة و خاصة منها المتعلقة بالقطاعات التنافسية.

إستقلال السياسة عن الإقتصاد يعني إعادة النظر في تمويل الأحزاب و الجمعيات و جعلها خارجة عن مجالات التأثير الزبوني.

2. إقتصاد الريع هو إقتصاد لا يشجع المنافسة النزيهة و الحرة و هو بذلك يحتكر النشاطات الإقتصادية المربحة لدى عدد قليل من الفاعلين الذين يتمتعون عندها بوضعية كارتل أين تنتفي المنافسة و يحل الوفاق غير معلن بين المتحكمين في العرض و السوق . و هو بذلك يمنع دخول فاعلين جدد في قطاعات عديدة و يجعلها حكرا على نفس الفاعلين. أهمية مجلس المنافسة للإضطلاع بدوره هام جدا و لكنه يبقى غير كافيا و وجب النظر في القطاعات لرفع حواجز الدخول.

3. إقتصاد الريع يكرس عدم المساواة بين الفاعلين و بين المواطنين و بين الجهات و بين الأجيال.. و لذلك أيضا ضرورة النظر خاصة في المجال المصرفي و قدرته على مساهماته الفعلية في الإقتصاد بدون أي تمييز إلا تقدير المخاطر الذي هو في صلب مهامه.

4. إقتصاد الريع لا يشجع التجديد و الإبتكار و تطوير القيمة المضافة و لذلك وجب وضع برامج تشجيع على البحث التطبيقي بين مؤسسات البحث العلمي و المؤسسات الإقتصادية. و نستطيع الإستئناس بتجارب في بلدان أخرى نجحت في ذلك.

5. الريع لا يتعايش مع الإقتصاد المنتج و لذلك وجب وضع كل الرهانات على تطوير القطاعات المنتجة و هي بالأساس الفلاحة و الصناعات الغذائية و الصناعات المعملية و كذلك الإقتصاد المنتج اللامادي أي تطوير البرمجيات و الخدمات ذات القيمة المضافة العالية. هذه القطاعات المنتجة لا تمثل اليوم أكثر من 35 بالمئة في المنتج القومي. ما هي الخطة للمرور الي 50 بالمئة في مرحلة أولى. ما هي الخطوات لمضاعفة القيمة المضافة الإجمالية للقطاع الفلاحي؟

و ما هي آليات تمويل و تحفيز الإقتصاد الإنتاجي؟ علما و أن بلادنا تعرف منذ بعض السنين تدهورت خطيرا في نسبة الإستثمار الصناعي.

هذه بعض الخواطر و الأفكار (و رأيي صواب يحتمل الخطأ) لمجابهة إقتصاد الريع و في الخاتمة أؤكد أن محاربة منظومة الريع لا يعني الهجوم على رأس المال الموجود . نحن نحتاج إلى حكمة و بيداغوجيا كبيرة في التعامل مع رأس المال الوطني.. شيطنة رأس المال لا ينفع الا في إضعاف النسيج الإقتصادي.

التصدي لإقتصاد الريع هو تشجيع لتفجير طاقات هذا البلاد من كل الاجيال و من كل الجهات و في كل القطاعات لان هدفنا أن نمر من منتوج قومي ب 100 مليار دينار إلى 300 مليار دينار.

نحن لا نحتاج حروبا بين الفئات أو الجهات و لكن نحتاج نسيجا إقتصاديا منتجا و مندمجا و متعاونا و ذو قيمة مضافة عالية و له قدرة تنافسية عالية”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.