الرئيسية » في البرامج التلفزية التونسية : الإشهار يقتل الإعلام…

في البرامج التلفزية التونسية : الإشهار يقتل الإعلام…

في إحدى البرامج التلفزية المختصة على قناة خاصة انتحل أحدهم صفة مهندس معماري ليتحدث في مسائل لا يفهمها، والعملية تعتبر جريمة في نظر القانون… لذلك تفاعلت نقابة المهندس المعماريين مع الموضوع وقدمت شكاية حتى تحسم المحاكم مثل هذه المخالفات الخطيرة. ولكن الجريمة أوسع و أعمق بكثير من هذا الحدث العرضي. فهي تهم الضعف الفادح للإنتاج الإعلامي وخاصة التلفزي في تونس الذي لا يفرق بين الإشهار والإعلام.

بقلم خديجة مشارك *

مع كل احتراماتي للزملاء المشاركين فيها فإن هذه البرامج التلفزية إشهار متنكر يستبله المشاهد.

كاتالوغ ، عرض للسلع… المشاهد لا يتمتع بإبداع المزوق، بقدر ما يتعرف على أنواع الأقمشة المتوفرة في المحل المستشهر مثلا، و غيرها من المنتوجات الجميلة المعروضة.

المشاهد يمكن ان ينتفع بالأفكار المعروضة، ولكن ليس هذا هو الهدف من برنامج تلفزي. يكفي ان نتابع حلقة من نفس البرنامج في الولايات المتحدة مثلا (عاصمة الراسمالية) لنلاحظ أن الأولوية فيها لمهارات المهندس، للأفكار،وليس للمركات التجارية، وفيها خاصة منشط مطلع ويفرض نفسه، ومخرج متمكن، لا يحتاج لتلفيق الإشهار والماركات حتى يصنع برنامج ناجح… و نسبة المشاهدة مضمونة، والشهرة، إلخ …

هذه الظاهرة تشمل أغلبية البرامج، كحصص الطبخ و برامج الترفيه و حتى برامج الاطفال، حيث تشجع بعض الصحفيات الصغار على تناول مواد مصنعة من الماركة الفلانية، والكل يعلم ان التوجه العام هو إبعاد الناشئة عن هذه المستحضرات و تشجيعهم على استهلاك الخضر والغلال الطازجة والطبيعية لأنها أفضل بكثير من المستحضرات الصناعية لنمو أجسادهم.

أخطاء صحفية، جرائم في حق المهن، فقر فكري، فشل في الخلق والإبداع لاستقطاب المشاهدين… المشهد التلفزي في تونس يعاني للأسف من كل هذه الظواهر وغيرها، في حال أن المواهب موجودة مما لا شك فيه. ولكن القرار ليس في أيدي المبدعين بل في أيدي تجار القنوات التلفزية و مستشهريهم.

* مهندسة معمارية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.