الرئيسية » صرخة غضب لجامعية تونسية في قطر : اسحبوا عني الجنسية… اقطعوا حبل الأمل…

صرخة غضب لجامعية تونسية في قطر : اسحبوا عني الجنسية… اقطعوا حبل الأمل…

مقر السفارة التونسية بقطر.

الكاتبة أستاذة جامعية تدرس بالدوحة، وهي تروي في هذا النص ما تكبدته من صعوبات عندما طالبت (مع مواطنين و مواطنات تونسيين) من سفارة بلده في العاصمة القطرية أن تنظم عودتها إلى تونس بعد أن انتهت السنة الدراسية في ذلك البلد بسبب وباء الكورونا.

بقلم روضة القدري *

هكذا … “لا عين ترى ولا قلب يوجع” مثلما يقول المثل التونسي… هكذا إذن لا أحسب نفسي تونسية، ولا أتشبّث بحقي في العودة …ولا أبكي حقوقي كمواطنة ولا أحنّ … ولا أنتمي … ولا أبحث عن “العروق” أصلا … لمن أعود ؟ وآش ناقصني في الدوحة ؟

ما أسعدني هنا في بيتي وحيدة… تحتجزني الحرارة الخارجية… مع نهاية السنة الجامعية.

لم أر وجها منذ ما يقارب الشهرين، وأمامي ثلاث أشهر عطلة أكاديمية… هل هناك أجمل من هذا الوضع؟؟

منذ ما يقارب ثلاثة اسابيع، أكتب و أتّصل و أنوح … أطالب بحقي في العودة الى بلدي …

يأتيني الردّ… “انت مقيمة مرفّهة، ابقي حيث انت”… اصبري … انتظري… عسى… ربّما…

فبحيث…

كتبت رسالة جماعية موقّعة من طرفي وعدد من الزملاء يتقاسمون وضعية مشابهة، أرسلتها للسفارة التونسية و لوزارة الخارجية وكل من النواب المشتغلين على المسألة…

وتواصلت مع السفارة هاتفيا مرات ومرات… لا داعي ان اقول انني تلقيت اللاّ اجابة …

واليوم … اكتمل المشهد بالذهاب على عين المكان الى السفارة التونسية… لا أراك الله مكروها…

عشرات التونسيين ملتفون حول رجل فهمت انه مساعد السفير أو نائبه، ولا تباعد احتياطي يذكر…

مواطنون لم يتم استقبالهم داخل مبنى السفارة بل أمامه، تحت الشمس الحارقة والرطوبة الخانقة…

مواطنون يبدو على وجوههم مزيج من الغضب واليأس والنقمة والتوسّل، في نفس الوقت… يتكلمون، بل يتصايحون معا وتتداخل اسئلتهم ممزوجة بعبارات حنقهم واستنفاذ صبرهم…

مسؤول لا يجيبهم عن شيء… يكفي أن نعلم ان رحلة يوم 21 افريل، اي الثلاثاء، لا يعلم أحد من هم راكبوها ولم يتواصل معهم احد… ولكنها قائمة جاهزة أتت من وزارة الخارجية…

المسؤول لايعلم ان كانت هناك رحلات قادمة، وكيف على الذين فقدوا عملهم ان يتعاملوا مع نقص الموارد، وماهي السياسة التي ستعتمد إزاء الملفات المختلفة، ويؤكد انه لا يملك في السوق لا بقرة ولاشاه … أما المقيمون، أيا كان وضعهم… فلا يحق لهم حتى طرح سؤال العودة.

هل فهمتم لماذا أطالب بأن يأخذو مني جنسيتي؟؟؟

لأنه لا ديارَ تعترف بأحقية عودتي غير القابلة للنقاش… لأن الخطاب السياسي التعيس، والاعلامي أحيانا، جعل المواطنين في تعارض وكأنهم أعداء لبعضهم البعض، يتبنون بشكل عدواني خطابا يفاضل بين الوضعيات…

هل أن معالجة وضع العالق أو المقيم أو أي حالة أخرى لا تكون إلا على حساب غيرها من الحالات ؟

هل فهمتم لماذا أطالب بأن يأخذوا مني جنسيتي؟؟؟

لأنني لم أعد أؤمن بعلوية دستور أو قوانين دولية تكفل حق العودة والمغادرة ؟؟؟ لأنني أصبحت أعيش أزمة هوية …
هل فهمتم لماذا اطالب بأن يأخذوا مني جنسيتي؟؟؟

لأن كل المسؤولين في بلادي، من رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان إلى عون السفارة، يردّون عن سؤال الآجال والترتيبات المعتمدة بجواب واحد : ” الصبر” : هل الصبر عملة مؤسساتية قانونية ؟ كيف أصرفها ؟ كيف أفهمها ؟ هل هي لغة الدولة؟؟؟ هل رأيتم في مكان آخر من العالم دولة تطلب الصبر عندما يُطلَب منها توضيح تخطيطاتها و آجال تنفيذها؟؟

أم كلثوم غنت للصبر حدود… ولم نطالب الا بمعرفة حدود زمنية لصبر طال و لغياب كامل للمنطق يستنزف مداركنا العقلية …

على أي أساس أعتبر نفسي اليوم تونسية ؟؟؟ على أساس الصبر، وغياب الأفق، والخذلان…

يا أخي اخلع عني هذه الجنسية واتركني في العراء دون أوراق… عسى ان تلصق بي جهة أخرى هوية تكون أقل مشاعرية وأكثر نجاعة و منطقية وتجانسا مع ذاتها…

الدوحة، 19 افريل 2020

* أستاذة علم الإجتماع بمعهد الدوحة للدريسات العليا في الانترويولوجيا والعلوم الاجتماعية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.