الرئيسية » تونس في الحرب على وباء الكورونا : الوعي الصادق للجيش الأبيض و الرسوب المدوي للطبقة السياسية

تونس في الحرب على وباء الكورونا : الوعي الصادق للجيش الأبيض و الرسوب المدوي للطبقة السياسية

لم نلاحظ في تونس خلافا يذكر حول إدارة أزمة وباء فيروس الكورونا والخطط المرسومة لدحره والتقليل من ضحاياه وهذا يدل عن مستوى التعاون الجاري بين النخبة العلمية والحكومة والوعي الصادق بدقة المرحلة. ولكن من المؤسف أن نقف أمام عجز النخبة السياسية عن تنظيم صفوفها وتوحيد كلمتها والتعامل مع المستجدات بروح التعاون والتضامن.

بقلم العقيد (م) محسن بن عيسى *

إنّ لكل دولة رموزا يمثلون قيمها ويوجهون المجتمع نحوها، ورمزنا اليوم الجيش الأبيض بالمستشفيات العمومية والخاصة. لقد امتُحن هذه الأيام بالنفس والنفيس واسترخَصَ كل شيء من أجل القيام بواجبه على الوجه الأكمل.

الجيش الأبيض على الخط الأول

لقد أنجبت تونس أجيالا في القطاع الصحي لا يستهان بعلمها وكفاءتها، أجيال أثبتت – رغم الظروف الصعبة – أنها قادرة على الحفاظ على جوهرها الأصيل وقيمها الأساسية في مرحلة أضاعت الأيديولوجيات إنسانية الإنسان وغرست التوحش والانتقام.

لطالما ضايقني أنّ أصحاب التضحيات يُنسَون دوما، خصوصا تلك التضحيات التي تفرضها الظروف غير الطبيعية والتي لا يمكن لدائرة الضوء أن تعكسها بتفاصيلها مهما كان الاجتهاد. لقد أبرزت الحوارات حول الأزمة علامات نضج وثقة في النفس لدى المتدخلين و تمييز واضح بين المعارف والحقائق، مع الميل إلى التفاؤل والاستماع لصوت الضمير. لقد غيّبت الأزمة المتكلمين في السياسة وفسحت المجال للنخب المدافعة عن شرف المهنة وكرامتها وإنسانيتها، نخب لم تُجافي العقل الضابط للحقيقة والمستنير بالعلم.

ضغط واقع ادارة الأزمة

لم نلاحظ خلافا يذكر حول إدارة الأزمة والخطط المرسومة وهذا يدل عن مستوى التعاون الجاري بين النخبة العلمية والحكومة والوعي الصادق بدقة المرحلة. ولكن من المؤسف أن نقف أمام عجز النخبة السياسية عن تنظيم صفوفها وتوحيد كلمتها والتعامل مع المستجدات بروح التعاون والتضامن.

إنّ الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد اليوم هي المجال الحقيقي الذي من المفروض أن يبرز فيه دور الدولة وقياداتها ومؤسساتها وقدرتها على مواجهة هذه الظروف ومواجهتها والتعامل معها. أظن أن الأمر جليّ و من الخطأ تواصل إضاعة الوقت في المناقشات فمن أبجديات إدارة الأزمة تنظيم تدخل السلط العمومية وملاءمته مع المستجدات والتطورات المفاجئة مع اعتماد آليات وإجراءات استثنائية مثل تركيز قاعة عمليات واعتماد خطة اتصالية فعالة، وتنظيم عمليات الاجلاء والتدخل الاستعجالي وتفويض السلطات بما يساعد على التعامل مع الواقع بدرجة عالية من السرعة والتفاعل.

إنّ الأزمات تتمدّد في الفراغ الذي نُحدثه عند التخلي عن العلم وعند العجز عن قيادة أنفسنا.

* ضابط متقاعد من سلك الحرس الوطني.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.