الرئيسية » إلى متى ستظل النهضة تعرقل المسار السياسي في تونس وتعطّل تشكيل الحكومة؟

إلى متى ستظل النهضة تعرقل المسار السياسي في تونس وتعطّل تشكيل الحكومة؟

إذا واصل راشد الغنوشي خزعبلاته السياسوية فإنه سيعبد طريق السلطة أمام عدوته اللدودة عبير موسي.

لا حق قانونيا ولا دستوريا يمنح الشيخ راشد الغنوشي أن يوقف مسار الحكومة الجديدة، ولا حقّ له مرة أخرى أن يتدخل في شؤون غيره، فلئن كان التغيير في حزبه أو حركته فذلك شأنه، ولكن إذا كان الأمر يمسّ الشعب التونسي فعليه أن يتوقف عن التدخلات غير المجدية وغير المفيدة للشعب التونسي، وأن يكفّ عن فرض إرادته وشروطه على رئيس الحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ وأن يعلم أنه فرد من أفراد الشعب التونسي قبل أن يكون رئيس حزب أو رئيس برلمان، من حقه أن يعبر عن رأيه لكن ليس من حقه أن يفرض واقعا جديدا على كل الأحزاب.

بقلم فوزي بن يونس بن حديد *

مرة أخرى تعرقل حركة النهضة في تونس جهود تشكيل الحكومة التي لم تُولد بعد، ومرة أخرى يتدخل الشيخ راشد الغنوشي من أجل فرض واقع جديد في تونس، ومرة أخرى تثبت النهضة أنها متذبذبة في مواقفها السياسية إلى حدّ كبير، فبينما كانت بالأمس تعِد الشعب التونسي أنها لا تضع يدها في يد حزب قلب تونس بزعامة السيد نبيل القروي، لأن رئيسه متهم بالفساد ولأن الشعب التونسي اختار الحرب ضد الفساد، ها هي اليوم تنادي بعدم الإقصاء في أي حكومة مقبلة، وتصر على إشراك حزب قلب تونس في الحكومة المقبلة وتهدد بإفشال تمرير الحكومة في البرلمان، وهو موقف لا شك مُريب ومُخيف من حركة دأبت على التمسك على مبادئ معينة أمام شعب سال لعابه وما زال يسيل من أجل تشكيل حكومة متوازنة تعمل من أجل الشعب التونسي لا من أجل الأحزاب.

الحسابات الضيقة لحركة النهضة تعطل مسار الحكومة

هذه الحسابات الضيقة لحركة النهضة ستعطل مسار الحكومة المقبلة وتجعل رئيس الجمهورية السيد قيس سعيد في حرج شديد أمام الشعب، لأنه هو الذي اختار السيد إلياس الفخفاخ لتكوين حكومة جديدة، واحتكمت كل الأحزاب إلى هذا المسار ورضيت بما سيختاره رئيس الجمهورية لكن النهضة اليوم تشاكس المسار السياسي وتفرض أجندة جديدة من شأنها أن تربك الحياة السياسية في الأيام القادمة، ونتيجة لمصالح شخصية وحزبية لا أقل ولا أكثر، حيث يفرض الشيخ راشد الغنوشي رئيس الحركة مسارا جديدا آخر مخالفا لما يريده الشعب التونسي ويصر عليه كما فعل في رئاسة البرلمان، وعقد صفقة مع حزب قلب تونس كما عقدها من قبل مع حزب نداء تونس ورئيسه الباجي القايد السبسي، وهذا أمر غريب ومربك، حيث تتحول المبادئ والقيم والثوابت وتتغير من أجل التمسك بالكرسي، وما على هذا تأسست حركة النهضة، التي تسعى دائما إلى أن تكون في صف الشعب لا في صف الحسابات الحزبية.

في حالة انتخابات جديدة ستخسر النهضة كثيرا من المقاعد في البرلمان

ومرة أخرى ترفض حركة النهضة التوقيع على وثيقة التعاقد الحكومي في حين وافقت عليها جل الأحزاب ما عداها لأنها تريد أن تشرك فيها حزبا تحوم حوله شبهات فساد، واليوم وبعد رفض السيد إلياس الفخفاخ إشراك قلب تونس في الحكومة المقبلة هددت حركة النهضة بانتخابات جديدة، وإن حدثت فعلا فإنه حسب استطلاعات الرأي العام ستخسر الحركة الإسلامية كثيرا من المقاعد في البرلمان ولن تكون الأولى هذه المرة بل قد يسبقها الحزب الدستوري الحر بقيادة عدوتها اللدودة عبير موسي وسيأخذ حزب ائتلاف الكرامة عديدا من المقاعد من حركة النهضة لأنه أقرب من الشباب التونسي التي ملّ من الوعود الكاذبة وإخلاف الوعد ولم تقدم حركة النهضة شيئا ملموسا يُذكر خلال تسع سنوات مضت.

هذا التعنت الذي صدر من الشيخ راشد الغنوشي قد يوقعه في صدام داخل حزبه وقد نشهد في المستقبل انشقاقات في صفوفه لاختلاف الرؤى والثوابت وهذا سيجعل الحركة تعيش الموت البطيء في ظل تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وما اختيار السيد قيس سعيد للسيد إلياس الفخفاخ إلا بعد نظر وتروّ، والآن على حركة النهضة أن تقبل بذلك وأن تعمل من أجل تحقيق آمال الشعب التونسي لا من أجل تحقيق آمال رئيسها ومصالحه الشخصية، أو مصالح حزبه، لأن الشعب التونسي لا يغفر له إن هو توانى عن أداء رسالته التي أقسم عليها أن يحافظ على الوطن وأن يعمل من أجل الوطن وأن يحقق للشعب التونسي ما يرنو إليه.

تعيش حركة النهضة هذه الأيام اضطرابا سياسيا كبيرا

وفي الحقيقة تعيش حركة النهضة هذه الأيام اضطرابا سياسيا كبيرا أدهش مناصريها واستغرب منها مؤيدوها واستغلها أعداؤها لتوجيه التهمة والنيل من هيبتها وهو ما يحصل اليوم من الحزب الحر الدستوري بزعامة السيدة عبير موسي.

على حركة النهضة إذا أرادت أن تعمل من أجل الوطن أن تثبت جدارتها التي اهتزت لأنها تبحث عن مصالحها في المقام الأول وتريد أن تكون الحركة قوية دائمة لا تضعف أبدا، وهذا من المحال لأن الواقع يفرض أجندته على الأحزاب وأن الشعب له كلمة الفصل في الإعجاب، فالحزب الذي لا يقدم شيئا يشعر به المواطن في حياته اليومية لا ينتخبه في المرة القادمة، ويحاول أن يبحث عن الذي يقدم وعن الذي يعمل بجد وإخلاص وتفان من أجل الشعب التونسي، لا الذي يقدم وعودا جوفاء ويبحث عن مصالحه الخاصة فتلك قمة الضوضاء والغوغاء والفوضى السياسية التي لا يقبلها الشعب الذي نذر نفسه من أجل التغيير ومن أجل أن تكون هناك حكومة متوازنة ومنسجمة مع الرئاسة والبرلمان.

* صحفي ومحلل.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.