الرئيسية » بعد إسقاط البرلمان لحكومة الجملي : الذهاب إلى نظام رئاسي هو الحل الوحيد لتونس

بعد إسقاط البرلمان لحكومة الجملي : الذهاب إلى نظام رئاسي هو الحل الوحيد لتونس

فشلت، أول أمس، الجمعة 10 جانفي 2020، الحكومة المشكلة من طرف الحبيب الجملي، الشخصية المكلفة من طرف حركة النهضة، في نيل ثقة مجلس نواب الشعب، وهو ما كان متوقعا بعد أن رفضت الأحزاب الأخرى التشكيلة المقترحة، واتهمتها بأنها مقربة من الحركة الإسلامية، وصوتت ضدها، خاصة وأن بعض وزرائها متهمون بالفساد، أو أن بعضهم غير أكفاء لا يقدرون على ممارسة العمل السياسي…

بقلم فوزي بن يونس بن حديد *

وعلى أي حال، عبر النواب التونسيون عن آرائهم بكل ديمقراطية وكل حرية، لكن اللافت للنظر كلمتان لنائبين أثارا دهشة التونسيين، الأول الصافي سعيد الذي قال: “حضرت اليوم لأشهد جنازة الحكومة التونسية المقترحة، التي ولدت ميتة من الأساس”، والثانية للصحبي سمارة حينما بدأ كلمته بأبيات للشاعر الكبير محمود درويش، وذكر أن “هذه الحكومة ستسقط لأن هناك دولا خارجية حكمت عليها بالموت”، وقد صرح بذلك ضاحي خلفان في تغريدة على تويتر، وأكد أن الرئيس قيس سعيد هو أيضا مهدد في موقعه.

المرحلة الأصعب في تاريخ تونس الحديث

هذا الجو المشحون الذي شهده الشعب التونسي خلص إلى نتيجة أن حكومة الجملي تم دفنها، وعلى رئيس الجمهورية، في غضون أسبوع، أن يكلف شخصية قيادية أخرى لتشكيل الحكومة، وإذا اختار الرئيس شخصية، فعلينا أن ننتظر شهرا آخر، وربما تصل المدة إلى أطول من ذلك، حسب قدرة هذه الشخصية على حل المعضلة الحزبية التي يعاني منها مجلس النواب، وإذا فشل رئيس الحكومة المكلف في جمع كلمة الأحزاب التي يرى أنها يمكن أن تشكل حكومة أو في اختيار وزراء من الأحزاب إن لم تتفق هي نفسها على الاختيار أو في نيل الثقة من البرلمان، فإن الرئيس سيضطر إلى حل البرلمان و إجراء انتخابات جديدة. أما إذا نجح رئيس الحكومة المكلف فإننا نكون قد اجتزنا المرحلة الصعبة والأصعب في تاريخ تونس الحديث حيث لم يحدث أن تعرض تشكيل حكومة جديدة إلى مثل هذه النكسات.

وفي الحقيقة قد يلجأ الرئيس التونسي قيس سعيد في نهاية المطاف إلى حل البرلمان وإقامة انتخابات جديدة قد تغير المعادلات الجارية وتحدث المفاجآت وتبدل خارطة مجلس النواب، وقد تفقد النهضة أغلبيتها هذه المرة ومن المؤكد أنها ستفقدها بعد أن أعطاها الناخب الفرصة مرة أخرى ولم تنجح في اغتنامها وتصبح في مقاعد المعارضة، وبالتالي يبحث الناخب التونسي عن حزب آخر قد يكتسح الميدان و يحقق الفوز، ومن ثم ستكون له الكلمة الفصل في تشكيل الحكومة المقبلة ونصبح أمام حسابات معقدة جديدة قد لا ترى الحكومة النور من خلالها إلا بعد شهور.

يجب أن تكون الوطنية هي الواعزالأساسي لبناء تونس

ويبقى الحل في تونس قائما، للابتعاد عن هذه المشاكل السياسية الحزبية التي تعاني منها، في اعتماد النظام الرئاسي المقنن الذي يضع حدودا للرئيس ويجعله تحت الرقابة المستمرة لأي خرق للدستور يمكن أن يحصل، وهذا ما أشار إليه حسبما يبدو السيد قيس سعيد، رئيس الجمهورية، عندما تحدث عن القانون الانتخابي الجديد وإعلان دستور جديد للبلاد يحفظها من الانتكاسات، فتونس تعاني اليوم من عدم وجود قيادة مؤثرة يجتمع حولها الشعب التونسي، وتكون لها كلمة الفصل في القضايا التي تعرض عليها، وعلى الشعب التونسي أن يرتفع عن ايديولوجياته التي أهلكتنا وجعلتنا منقسمين في وطن ينبغي أن نحبه جميعا وهذه النقطة نلتقي فيها جميعا ينبغي أن نكون وطنيين لا إخوان ولا قوميين ولا شيوعيين ولا غيرها من المذاهب التي قسمت السياسيين التونسيين وجعلتهم يتصرفون وفق النظرة الأيديولوجية لا السياسية، وكونوا لأنفسهم أتباعا وقسموا على إثرها الشعب التونسي إلى جماعات عوض أن تكون الوطنية هي الدافع الأساس نحو مجد تونس وعزتها.

* صحفي و محلل.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.