الرئيسية » التلاعب بأوزان المنتوجات من قبل المصنعين لتضليل المستهلك

التلاعب بأوزان المنتوجات من قبل المصنعين لتضليل المستهلك

لم يعد إرتفاع أسعار المنتوجات الإستهلاكية الشاغل الوحيد للمواطن التونسي لاختياره بين مختلف السلع المعروضة بل أصبح عديد الأحيان ضحية تعمد المنتجين التلاعب بالعناصر الضرورية حسب قانون تأشير المنتوجات وخاصة التلاعب والتنقيص من الأوزان الصافية لهذه المواد الاستهلاكية .

بقلم فيروز الشاذلي

أمام الزيادات المتتالية لمختلف المنتوجات الاستهلاكية التي يقبل عليها المواطن في حياته اليومية، عمدت عديد الشركات المصنّعة إلى مغالطة المستهلك العادي من خلال إيهامه باستقرار سعر المنتوج وعدم الزيادة في سعره بل في بعض الأحيان يتم التخفيض في سعره ضمن بيوعات تنموية وهذا كله مقابل الإنقاص في الوزن.

زيادة في أسعار المنتوجات بصفة مقنّعة

هذه الطريقة وجدتها الشركات المنتجة حلّا سهلا لمزيد الربح على حساب المستهلك والشفافية والثقة التي من المفروض أن تحكم العلاقة بين الطرفين فهذه العملية تعد تحيلا على المستهلك فهي زيادة في أسعار المنتوجات بصفة مقنّعة.

لقد انتشرت هذه الظاهرة بصفة كبيرة خلال السنوات الأخيرة وقد شملت أغلب المنتوجات الحرّة التي لا ينطبق عليها نظام تأطير المنتوجات وتسعيرها من قبل وزارة التجارة، من بين أهم المنتوجات التي لاحظ عموم المستهلكين الإنقاص المفرط في وزنها هي الشكلاطة ومشتقاتها بجميع علاماتها التجارية، مع ملاحظة أن جميع هذه العلامات المنتجة محليّا تعود لنفس الشركة المنتجة بتونس، حيث أصبحت بعض أنواع الشكلاطة محلّ تندّر من قبل المستهلكين بحكم التقليص الحاد في وزنها إلى أن أصبحت مثل الرقائق، كما أن مسحوق الشكلاطة الذي يخلط بالحليب من كثرة إنقاص الوزن المعبأ بصفة متتالية ( تقريبا تم التنقيص في الوزن كلّ سنة). عندما تفتح العلبة تلاحظ أن المسحوق بالكاد يملأ ربع العلبة بحكم فقدانها لقرابة 30% من وزنها الأصلي على عدة مرّات متتالية ولكن في نفس الوقت حافظت على كبر شكلها الخارجي لتسهل عملية مغالطة المستهلك وإيهامه بعدم وجود نقص في الكمية المعبأة من مسحوق الشكلاطة.

مواد التنظيف كذلك أصبحت تخضع إلى عمليات تلاعب بالوزن والأسعار فتم التنقيص في الوزن عديد المرات خلال السنوات الفارطة ونظرا لحالة المنافسة الشديدة في هذا القطاع لجأت جميع الشركات المنتجة بدون استثناء إلى التنقيص في الوزن فيما يشبه الاتفاق الضمني وهو ما يعاقب عليه القانون المتعلق بالمنافسة حيث كانت هذه التخفيضات حسب الوزن الأصلي للمنتوج فكانت كمية النقص تصل إلى 500 غ بالنسبة لمسحوق الغسيل ذي الوزن الكبير.

أما بالنسبة لأكياس مسحوق الغسيل الصغرى فالنقص عادة لا يتحاوز 50 غ لعدم لفت انتباه المستهلكين بصفة كبيرة.
آخر المنتوجات التي شملها التنقيص في الوزن هذه الصائفة هي مشتقات الحليب خاصة ياغورت الأجبان والياغورت الذي يحتوي على إضافات أخرى كالشكلاطة و الغلال و الفواكه، لكن هذا التنقيص في الوزن لم يشمل الياغورت العادي حجم 110 غرام فبالرغم أنه كان مبرمجا تنقيص 10 غرامات في كل علبة منتجة، وهذا الأمر كان سيتم القيام به من طرف عديد الشركات المصنعة للياغورت، إلاّ أنه تم العدول على ذلك والاعتماد على زيادة مباشرة في السعر، لأن هذا الصنف بالذات من الياغورت العادي استهلاكه منتشر بصفة كبيرة وحجمه معروف لدى عامة المستهلكين وإن وقع نقص في الوزن سوف يسهل ملاحظته، لذلك تم العدول عن هذه الفكرة و الاقتصار على التنقيص في أوزان الأنواع الأخرى من علب الياغورت.

غياب الشفافية حول وزن المنتوجات يعاقب عليها القانون

بداية يجب الإشارة أن القانون واضح أيّما وضوح بالنسبة لضرورة وضوح قيمة وزن المنتوج عند تأشير وعرض المواد الغذائية المعبأة من خلال قرار وزارة التجارة بتاريخ 3 سبتمبر 2008 والذي يشدد على ضرورة أن تكون عملية التأشير على المنتوجات تنص على جميع البيانات والخصائص المميّزة للمنتوج ومن ضمنها الوزن الصافي للعلبة و أي تهاون في ذلك أو محاولة مخادعة المستهلك من خلال التضليل بخصوص الوزن كعدم التنصيص على ذلك أو الكتابة غير الواضحة بصورة متعمّدة أو الصغيرة حدّا بطريقة غير مرئية تعرض صاحبها أو المصنع إلى التتبعات العدلية طبقا للقانون عدد 117 لسنة 1991 المتعلق بالجودة وحماية المستهلك خاصة الفصل 12 منه والذي يمكن ليس فقط من مخالفة المصنع بل كذلك حجز البضاعة وسحبها من السوق لمخالفتها التراتيب الجاري بها العمل.

من جهة أخرى نجد أن هناك مخالفات قانونية أخرى تتعلق بالتهاون أو الفعل القصدي لإنقاص الوزن المعبأ في العلب أي أن الوزن الحقيقي للمنتوج أقل بكثير من الوزن المكتوب ببيانات التأشير وهذا النقصان يعاقب عليه القانون إذا تجاوز الحد المعين الذي يكون بصفة عامة لا يتجاوز 5% من العينة التي تم وزنها عند القيام بعملية المراقبة الإحصائية عند الوزن وفي صورة تجاوز هذه النسبة من الاغتفار يتم تتبع المعني حسب العقوبات المنصوص عليها بالقانون عدد 40 لسنة 1994 المتعلق بالمترولوجيا القانونية كما تم تنقيحه بالقانون عدد 12 لسنة 2008.

دور هياكل الرقابة و الإشراف

هذه الممارسات غير الشفافة و الضارة بالمستهلك كانت على الدوام محل متابعة وردع من قبل فرق المراقبة الإقتصادية التابعة لوزارة التجارة وذلك من خلال مراقبة تقيد المنتجين بالتراتيب الحاري بها العمل في مجال تأشير المواد الغذائية ومطابقتها للواقع وخاصة القيام بحملات للمراقبة الإحصائية للوزن عند الإنتاج بهذه المصانع والقيام بمخالفة المتجاوزين وسحب المنتوجات غير المطابقة.

من جهة أخرى الدعوة مفتوحة للمركز الفني للتعبئة والتغليف التابع لإشراف وزارة الصناعة للقيام بمحهود أكبر في تأطير المنتجين على مستوى أهمية تأشير المواد المعبأة و احترام النصوص القانونية في الغرض لإضفاء مزيد من الشفافية على المنتوج الوطني.

المواطن مدعو لتنمية سلوكه الاستهلاكي

كما ذكرنا سابقا فإن المخالفات القانونية المتعلقة بالتلاعب بوزن المنتوجات الحرّة إما تتعلق بغياب البيانات الواضحة عند التأشير أو التنقيص في الوزن المعبأ خلاف ماهو مدوّن على تأشيرة المنتوج لكن يجب القول أن غالبية عمليات التنقيص في وزن المنتوجات تتم بصفة مدروسة من قبل المصنعين بحيث تكون مطابقة للقانون من حيث وجود البيانات الخاصة بالوزن الصافي عند تأشير المنتوج ومطابقة للوزن الفعلي للمنتوح وهنا التعويل على عدم نباهة المستهلك خاصة إذا كان حجم العلبة البلاستيكية أو الوعاء أو غيرها مازالت تحافظ على شكلها الخارجي السابق فلا يشك المواطن في قيام الشركة المصنعة بالتنقيص في الوزن فتضمن الشركة المصنعة الجانبين عدم مخالفة القانون من جهة وتضليل المستهلك في آن واحد لهذا لزاما على المستهلك تنمية أساليب دفاعية ذاتية في سلوكه الإستهلاكي اليومي عند قيامه بعملية الشراء من خلال تثبته من بيانات التأشير الموجودة على العلبة فالقانون يلزم المصنّع بعملية التأشير لإرشاد المستهلك على خصائص المنتوج ومن ضمنها الوزن الصافي لكي يستطيع المستهلك المقارنة بين المنتوجات ويحدد خياره حسب السعر وتوافق هذا السعر مع الوزن المصرّح به مما يجعله هو الحكم الفعلي في المنافسة بين المنتجين وعدم وقوعه ضحية لأساليب الغش و التحيل التجاري.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.