الرئيسية » القصرين: “أفروديت” فضاء ثقافي متنقّل في الصّخيرات.. بحث عن معنى الحياة على حدود “الموت” (فيديو+ صور)

القصرين: “أفروديت” فضاء ثقافي متنقّل في الصّخيرات.. بحث عن معنى الحياة على حدود “الموت” (فيديو+ صور)

الثقافة حيثما ولّيت وجهك، الثقافة لكلّ الآنام دون استثناء، شعار رفعه الفنان التونسي الشاب بلال العلوي، فنّان يؤمن بالهامش فضاء للخلق والإبداع والتفكّر وإعادة إنتاج المعاني، فنّان يقارع العدم ويولّد الوجود من رحمه، ويبعث الحياة على حدود ” الموت”.

في منطقة منسيّة مهمّشة لا تحظى بنظرة ودّ من القافة وتمظهراته، بالمنطقة الحدوديّة الصخيرات التابعة لمعتمدية ماجل بلعبّاس من ولاية القصرين التي تراوح مصادر الزرق فيها بين الفلاحة والتهريب، غادرت “أفروديت” شرنقة الحلم وصارت واقعا احتضنه الصغار والكبار واحتفوا به.

و”أفروديت” قرية ثقافية متنقّلة، هي الأولى من نوعها، فكرة مختلفة ومتفرّدة أراد لها باعثها ان تكون خارجة عن السائد والمّألوف بعيدا عن الجدران وما قد تؤتيه من تكلّس وركود فالأمر هنا يتعلّق بخيام، خيام ملوّنة بألوان الحياة في قلب دوار أولاد مرزوق.

لأنه يفقه جيّدا معنى الحرمان من الثقافة وهو الذي يحمل الهامش وهمومه في قلبه حيثما حلّ، يعانق بلال العلوي الثقافة ويحملها بين ذراعيه إلى المناطق التي تناستها السياسيات الثقافية، ليكون تصوّره الثقافي الجديد المدعوم من وزارة الشؤون الثقافية نضالا من اجل حقّ الجميع في الثقافة.

أطفال وشباب وكهول وشيوخ، نساء ورجال، خيام وألوان وموسيقى ونظرات تعجز الكلمات عن البوح بأسرارها، دموع فرح تترقرق في الأعين وابتسامات يسكنها الأمل، ما أشبه فضاء افتتاح “أفروديت” بالفسيفساء وما أبلغ دلالات المكان والزمان.

المكان منطقة حدودية ألفت طرقاتها السيارات رباعية الدفع وصارت رائحة الوقود فيها جزءا من النسيم والزمان يوم أحد تمكّنت فيه وحدات الحرس الوطني من القضاء على على عنصر إرهابي خطير، دلالات رمزية كثيرة لهذه الحدث لعل أبرزها المقاومة.

وفيما تقاوم الوحدات العسكرية الإرهاب بالسلاح والخطط الامنية والعسكرية المحكمة، يقاومه أهل الثقافة بالحب والفن، مقاومة يحاولون من خلال ملامسة الأرواح والقلوب لعلّهم يفلحون في تحصينها من كل مظاهر “الموت” المادّية منها والمعنوية.

فرح ودهشة وبعض المشاعر المبهمة، صبغت وجوه الحاضرين في الحدث الثقافي الأول من نوعه في المنطقة الحدودية ويكفي أن تشيح بناظريك إلى الأمام حتّى يتجلّى لك دوار “أولاد عبيد” الواقع في بئر العاتر التابعة للجزائر.

أما الخيام التي آوت ورشات مختلفة من بينها الرسم وحركات المهرج وفن العرائس والسينما والموسيقى، فقد ازدحمت فيها كلمات الأطفال وزيّنتها ضحكاتهم وتلوّن الأثير بالحلم والأمل وارتفع لواء الثقافة عاليا على وقع النشيد الوطني التونسي وصوت الطلقات النارية من بنادق فرسان من المنطقة.

وأنت تتأمّل تفاصيل افتتاح الفضاء الثقافي الذي من المنتظر أن يشدّ الرحال إلى مناطق حدودية أخرى، لن تنظر إلى هذه التجربة في ظاهرها بل ستحاول التوغل في فلسفة باعث المشروع الذي نذر وقته وجهده لتذليل الفوارق بين المركز والهامش، ف”أفروديت” حكاية  خطّت من أمل وحلم وجلد وقصّة أعمق من صدق ابتسامات الاطفال وأكبر من الامل الساكن في عيونهم.

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.