آمن التونسيون بقيس سعيد، الرّجل المتفاني، نَقِيّ السِّيرة، طيّب السّريرة، لأنه كان يُحِيلُهُمْ حتما لزمن المثاليات في الحلم القديم المتجدد و لذلك اختاروه ليكون رئيسهم رغم أنّه لم يَعِدْ كما وعد منافسوه و لا تكلّم على قدر ما تكلّموا و ربّما لهذا السّبب بالذات جاء الاختيار: فالمِعطاء لا يقول سَأُعْطِي و لا الخَدُوم يقول سَأخدم.
بقلم: كريمة بنت المكّي
يُمجِّدون الحريّة و يطلبونها للشّعب بإلحاح و يمقتونها و يسبّونها إذا ما اختار الشّعب حاكمه بحرية!
يلعنون الفساد أمام المصادح صباحا مساء و حين أتاهم الشعب بالرَّجل النّظيف زمجروا و أرعدوا و تنادوا في الشّاشات أَنْ أطلقوا الفاسد السّجين… أنْ ادعموا ʺحبيب المساكينʺ ليحمي البلاد من أعداء الحرية!
و لكن كيف يستغربون اختيار النّاس لرجل القانون الكفء و المتواضع و المستقيم استقامة نادرة حيّرت القاصي و الدّاني و أَسْهَرَتْ خصومه حتى أطلقوا عليه لقب… الرّجل الآلي.
أَوَ يظنّون التّفاني في الأداء و مغالبة الأهواء منهجا في الحياة في مقدور أيّ كان؟
أَوَ يحسبون مجاهدة النّفس أمرٌ هيّن!
لو كان الأمر كذلك لَكُنّا في مدينة حلم أفلاطون نَنْعَم بالعدل و بالفضيلة و بالرّفاه، و لَكِنَّنَا في جحيم دُنيا الطمع و الجشع… دُنيا الولع بكلّ صنوف الملذّات التّافهات المُهلِكات.
و لأنّنا هُنا و لسنا هناك…
آمن النّاس بالرّجل المتفاني، نَقِيّ السِّيرة، طيّب السّريرة، لأنه كان يُحِيلُهُمْ حتما لزمن المثاليات في الحلم القديم المتجدد و لذلك اختاروه ليكون رئيسهم رغم أنّه لم يَعِدْ كما وعد منافسوه و لا تكلّم على قدر ما تكلّموا و ربّما لهذا السّبب بالذات جاء الاختيار: فالمِعطاء لا يقول سَأُعْطِي و لا الخَدُوم يقول سَأخدم.
الصّادق مع نفسه حين يتقدّم لا يحتاج للتخفّي خلف لغو الحديث و زيف الكلام و لَكَمْ ذاق هذا الشعب الوَدُودْ من خيبات الوعود على مَرّ الأعوام و لكم تجرّع مُرّ الاستغفال من عديمي الضّمير، بيّاعي الأوهام.
لذلك سيخرج الشّعب الصّغير مرّة أخرى ليقول لِمن لا يزال يساوره شكّ في مدارك هذا الشعب الفنّان.
نعم سنختاره! سنختار القُدوة و المِثال، سنختار الأستاذ المجاهد في سبيل الإنسان…
* مواطنة ناخبة.
شارك رأيك