الرئيسية » الفرد في الديمقراطية، وإن لم يفز في سباقاتها من أجل الحكم، يقر بالأغلبية

الفرد في الديمقراطية، وإن لم يفز في سباقاتها من أجل الحكم، يقر بالأغلبية

ربّ متوهم أن القضاء أو أية سلطة أخرى بإمكانها الغلبة على إرادة الشعب إذا عبّر عنها ديمقراطياً وفي ظنه أن القوة الغاشمة أو التهديد بها يمكن أن يفتّ من عُضد الشرعية الدستورية والانتخابات الشرعية أو يزيّف من أحكامهما لركوب الموجة، يكون قد ارتكب سوء تقدير كبير.

بقلم الدكتور المنجي الكعبي *

الإذعان للديمقراطية كالإسلام للدين، ومنه سمي الدين بالإسلام لإذعان المسلم له. والمؤمن بالديمقراطية كالمؤمن بالدين، وإن كان الدين لا يُمثل.

والتضحية من أجل ما نؤمن به واحدة، وإن كانت للدين أجلّ وأسمى، ولكن لتعلّق الديمقراطية بالوطن كانت حرمة التضحية من أجل الوطن كحرمة الاستشهاد من أجل الدين، ولذلك ارتقت حرمة الديمقراطية الى حرمة الدين، وأصبحت عزة الوطن من عزة الدين والعكس صحيح.

الفوز المستحق في الديمقراطية من إرادة الشعب

والفرد في الديمقراطية كالفرد في الدين، إذا كان يحترمها وإن لم يفز في سباقاتها من أجل الحكم، فالإقرار للأغلبية واجب في رقبته طالما هو محكوم بأمرها، لأنه مدعو يوماً للتداول علي الحكم والوقوف نفس الموقف.

ونحن قد مررنا بالدور الأول الرئاسي في هذه الانتخابات السابقة لأوانها وفاز من فاز منا به، فكنا نحب أن نرى من المترشحين الرئاسيين إلا ما يسر الديمقراطية، وهو التهنئة بالفوز لمنافسيهما في الدور الثاني وإن شغلهم عنهما شاغل الطعون في النتائج الأولية. فهذا لا يمنع من هذا. والاقتراع سري على كل حال وإن سمح بالتنبؤات والإيحاء ببعض الاختيارات، ولكن في حدود احترام الشرعية.

لأن كل أعراض المرض بالديمقراطية إذا لم يكن المجتمع في صحة جيدة لتقبّلها يصبح مرضاً عاماً مُعد – لا قدّر الله – وربما مسبّب في الانتكاس عن الوضع الصحي للديمقراطية الوليدة.

لا غلبة على إرادة الشعب إذا عبّر عنها ديمقراطياً

لأن للفوز المستحق في الديمقراطية هو حصراً من إرادة الشعب، وإرادة الشعب لا تقهر فضلاً عن أن تُجحد، وأنه لا مَحيد عن شعار الشعب يريد، الذي قال به شاعرنا الشابي، مهما تكن الاعتبارات.

فربّ متوهم أن القضاء أو أية سلطة أخرى بإمكانها الغلبة على إرادة الشعب إذا عبّر عنها ديمقراطياً وفي ظنه أن القوة الغاشمة أو التهديد بها يمكن أن يفتّ من عُضد الشرعية الدستورية والانتخابات الشرعية أو يزيّف من أحكامهما لركوب الموجة، يكون قد ارتكب سوء تقدير كبير، بمثابة الكبائر في الدين، لأن كل من عداه يخشى العواقب. وما يحيق المكر إلا بأهله.

* باحث جامعي وبرلماني سابق.

مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.