الرئيسية » الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في تونس: لتفادي السيناريو الكارثي … الحل لا يزال ممكنا

الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في تونس: لتفادي السيناريو الكارثي … الحل لا يزال ممكنا


المعركة الحقيقية ليسث بين يوسف الشاهد وعبد الكريم الزبيدي.

يخطئ من يعتقد – من بين أبناء العائلة الحداثية والتقدمية – ان ” الحل السحري” لتجنب سيناريو وجود ممثلين عن الاسلام السياسي والشعبوية في الدور الثاني للإنتخابات الرئاسية يكمن في إزاحة احد المتسابقين الحداثيين من السباق (السيد يوسف الشاهد مثلا).

بقلم حبيب القزدغلي

مساهمة في النقاش الدائر حول مآل النداء الممضى من طرف أكثر من 500 شخصية سياسية الذي تمت الدعوة فيه الى تجاوز التشتت وحث مرشحي العائلة الديمقراطية الى التوافق فيما بينهم على اسم يضمن أكثر الحظوظ لتواجد ممثل عن المشروع الوطني التونسي في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وفي اطار السعي للإجابة على السؤال ما يمكن فعله وما يمكن اتخاذه من مبادرات بالنسبة للمنتمين للعائلة التقدمية والديمقراطية لازلت أعتقد أن مجهودا اضافيا لا يزال مطروحا.

هل يمكن اختيار مرشح واحد يمثل “شعب العائلة الوسطية التقدمية والديمقراطية” ؟

بطبيعة الحال ومع احترامي للدعوات الشخصية – والتي اتخذت نسقا تصاعديا – الى مساندة هذا المترشح أو ذاك من بين مرشحي العائلة الديمقراطية والتقدمية كما لا يفوتني الاشارة الى المبادرة المحترمة التي اقترحها البعض لإجراء انتخابات تمهيدية – عبر الفايس بوك – يدعى للمشاركة فيها “شعب العائلة الوسطية التقدمية والديمقراطية” لإبراز الشخصية المتقدمة على البقية والتي يمكن دعوة الجميع للتصويت لفائدتها فنن هذه المبادرة على أهميتها تبقى محل تحفظ ما لم يصدر عن المترشحين أنفسهم أو عن ممثلين ما يفيد موافقتهم عليها.

في انتظار ذلك نريد التأكيد ونحن على مسافة أربعة أو خمسة أيام من الموعد الحاسم أن الانتخابات الرئاسية لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات و في مقدمتها السيناريو الكارثي المتمثل في عدم وجود أي ممثل عن العائلة الحداثية في الدور الثاني للانتخابات.

في تلك الحالة نحذر من الآن ومجددا أن الدور الثاني سيكون فضاءا رحبا يتقاسمه بلا منازع كل من الاسلام السياسي والشعبوية وكلاهما يبيع الأوهام ويوظف في الفقر وفي ماسي البشر.

ويهمني التأكيد أنه يخطئ من يعتقد – من بين أبناء العائلة الحداثية والتقدمية – ان ” الحل السحري” يكمن في إزاحة احد المتسابقين الحداثيين من السباق (السيد يوسف الشاهد مثلا) ففي تلك الحالة هناك احتمال كبير ان يرى من يفعل ذلك و بأم عينيه – ولكن بعد فوات الأوان لنا جميعا – انه لم يخدم مرشحه المفضل (السيد عبد الكريم الزبيدي مثلا) وإنما قدم خدمة لمرشح اخر من خارج الفضاء الحداثي والتقدمي اي لمترشح معبر عن فضاء الفساد أو التهريب أو الشعبوية أو الاسلام السياسي.

خطر إزاحة المشروع الوطني التونسي بأكمله من الحضور والتسابق في الدور الثاني والحاسم

إن الهرولة نحو الحل العاطفي المبسط – عدو عدوي هو صديقي – سبق وأن اكتوت بنيرانه شعوب كثيرة قبلنا وسيكون من نتائجه ليس إزاحة هذا المرشح او ذاك من بين المرشحين المنتمين لعائلتنا الديمقراطية والتقدمية وإنما إزاحة المشروع الوطني التونسي بأكمله من الحضور والتسابق في الدور الثاني والحاسم وسنكون قد ساهمنا وبكل “ديمقراطية” في سقوط مدوي وفي تراجع تاريخي لمشروع تنويري واصلاحي بني “حجرة حجرة” بفضل أجيال من المصلحين والرواد منذ أواسط القرن التاسع عشر، مشروع تجمعت حوله الحركة الوطنية بمختلف مرجعياتها وركزت أسسه ودعمته دولة الاستقلال وفتحت له ثورة 2011 أفقا جديدة بوضعه في مدار الديمقراطية.

إن الدعوة العقلانية التي يجب ألا نتخلًى عن تكرارها – كمعبرين سياسيين عن العائلة التقدمية والديمقرطية الواسعة- تلك الدعوة تبقى قائمة وتتمثل في ضرورة الاتفاق حول مرشح وحيد من بين مرشحي العائلة الحداثية والتقدمية التي قد تبدو صعبة التحقيق فيما بقي من الوقت لكن ارجو ألا نتنين بعد تفويت الفرصة عن إنجازها اننا انقدنا الى الحل الأسهل والعاطفي وتخلينا على محاولة سلوك الطريق الصعب التي تبقى دائما افضل بكثير من تحمل نتائج هزيمة نكراء قد نكون بصدد التحضير لها – عن وعي أوعن قلة وعي- منذ عشية الدور الأول لأن خاصية الانتخابات الرئاسية التونسية لهذه المرة أن الدور الثاني سيجرى منذ الدور الثاني.

فالحل – رغم صعوبته – لا يزال ممكنا ولا يزال في متناولنا. فهل من مجيب ؟

* أستاذ جامعي في التاريخ.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.