الرئيسية » للتأمل فقط : عرتهم الأزمة الصحية لرئيس الدولة : سراق الثورة، الإنقلابيون وباعة الأوهام !

للتأمل فقط : عرتهم الأزمة الصحية لرئيس الدولة : سراق الثورة، الإنقلابيون وباعة الأوهام !

ماذا يحدث تحديدا في البلاد ؟ السؤال يطرحه يوميا وبكل مرارة وحيرة المواطن التونسي العادي ! رئيس جمهورية يتعرض إلى توعك صحي فيستنفر “غلاة الديمقراطيين ” ما بداخلهم من نزعات إنقلابية! في الأثناء يدخل من وصفوهم ب”نواب الشعب” مرحلة الإرتباك الخطير والإصطفاف الإنتهازي الوضيع !

بقلم مصطفى عطية *

وحده الشعب تفطن لهؤلاء المخاتلين وأسقط أقنعتهم وعراهم فعول على نفسه وواجه الإرهابيين بمواصلة أفراحه الموسمية وكأنه يسخر منهم ومن جبنهم كما سخر من سياسيي هذا الزمن الرديء ووضاعتهم.

ما حدث ويحدث في البلاد لا علاقة له من قريب أو بعيد بالديمقراطية والشرعية والدستور والحريات وحقوق الإنسان والممارسات السياسية ومنظومة القيم والأخلاق… وإنما هو ضرب من اللؤم والإسفاف والإستهتار وقلة الحياء ! أجل لقد تعددت مظاهر الإنحدار إلى دهاليز الحضيض، والشعب يتابع كرنفال الوضاعة والرداءة والسفالة بدهشة وٱستغراب وٱستياء.

طبقة سياسية تجمع بين اللؤم والإستهتار وقلة الحياء

دأب العديد من المشعوذين السياسيين على الرقص على حبال الإثارة والإستفزاز وقد أبدوا من الإنحدار اللغوي والوضاعة السلوكية والإفلاس المعرفي ما أفقدهم ما تبقى لديهم من مصداقية لدى الرأي العام، كنا نعتقد، وهما، أن الأمر لا يتجاوز حفنة من قليلي الأدب وعديمي الحياء، ولكننا إكتشفنا، مع مرور الأيام، انهم يمثلون الأغلبية في هذه الطبقة السياسية التي جاءت بها رياح الرداءة، وكنا نعتقد، أيضا، أن بقاءهم في الساحة لن يطول ولكنهم تسمروا في كل أرجائها بل إحتلوا أهم المواقع فيها.

يحدث كل هذا في ظل أكثر من ثماني سنوات من الفوضى والإنفلات والتذبذب والإرتباك وانهيار هيبة الدولة ومؤسساتها دون أن تظهر في الأفق مؤشرات جدية لقرب إنتهاء هذا الكرنفال التراجيدي-كوميدي، المشحون بكل أنواع الرداءة، والذي حول العمل السياسي إلى ضرب من ضروب العهر.

كان التونسيون يتندرون، في ما مضى من الزمان، بما يحدث أحيانا من مهازل في بعض البلدان القريبة منا حتى إكتشفوا فجأة ان ساحتنا السياسية الموبوءة بالإفلاس الفكري والأخلاقي والمعرفي تزخر بالغرائب والغرائبيين وبالفضائح والفضائحيين مما يؤكد، بوضوح، وجود خلل وظيفي خطير في هذه المنظومة السياسية الغارقة في الأوحال.

لن أتحدث أكثر من اللزوم عن المشاحنات والملاسنات والسب والشتم والقذف والضرب تحت الحزام والتشابك بالأيدي تحت قبة مجلس نواب الشعب، ولن أتعرض إلى المشعوذين الذين دأبوا في كل مناسبة على كشف ما يختزنونه من لؤم وقذارة ولكني سأتوفف هذه المرة عند هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون فيحرصون على الإساءة للبلاد بتواطؤ مفضوح، أحيانا، من بعض الإذاعات والفضائيات الأجنبية ذات الأجندات المشبوهة فيسارعون بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة بتسريب معلومات معلومات خاطئة حول الحالة الصحية لرئيس الدولة وصلت إلى حد إعلان وفاته (هكذا). لو حدث هذا الأمر في أي دولة أخرى تحترم نفسها ولها هيبة لفتحت السلط تحقيقات في هذه التسريبات الملوثة بسوء النية والبلاد تعيش تحت وقع ضربات إرهابية جبانة، ولحددت المسؤوليات بدقة، فهذا يتهم وذاك ينفي في سوق مفتوحة على كل المزايدات دون تدخل رادع ! إنها علامة من علامات الإنحدار !

مجابهة هؤلاء الشعبويين الذين إستفادوا من الفوضى والإنفلات

لا بد من التحرك بجدية وفاعلية لفضح كل هؤلاء الشعبويين الذين إستفادوا من الفوضى والإنفلات وجعلوا منهما أصلا تجاريا لتأكيد حضورهم وتأجيج الصراعات وعرقلة كل محاولات الإصلاح لأنهم لا يستطيعون العيش إلا في بؤر التوتر ومستنقعات الفتن وقواميسها المشحونة بالسوقية.

لقد تفطن الشعب لحقيقة كل هؤلاء الذين أغرقوه على امتداد أكثر من ثماني سنوات في بحار من الشعارات الرنانة والوعود المغرية وفضح أكاذيبهم وترهاتهم وزيفهم فأقصى الكثيرين منهم في الإنتخابات السابقة وهمش من تبقى وقاطعهم ولكن بعض وسائل الإعلام ما زالت تحن لضجيجهم وشطحاتهم الفلكلورية التي أصبحت مدعاة للشفقة عليهم والألم على ما آلت إليه الأوضاع السياسية في البلاد.

إن المسألة تتجاوز دلالات هذه الكلمات لتصل إلى جوهر المعضلة التي يعاني منها الشعب التونسي والمتمثلة في إفلاس الطبقة السياسية وقلة حياء أغلب السابحين في مستنقعات هذه الساحة الموبوءة بكل الآفات.

حان الوقت لإنهاء هذه المهازل التي تسيء للبلاد وديمقراطيتها الناشئة وذلك بتطبيق القوانين المعمول بها والإلتزام بشروط الحرية وقيم ومبادئ الديمقراطية، لأن تواصل مثل هذه المهازل والفضائح والدونكوشوتيات والفلكلوريات سيزيد في إحباط المواطنين ويعمق شعورهم بخيبة الأمل ويوسع الفجوة بينهم وبين السياسيين ويقلص، تبعا لذلك، من مشاركتهم في الشأن العام بالبلاد وهو ما سيتسبب في ضرب المسار الديمقراطي برمته في الصميم ويبدد الحلم بٱستعادة البلاد لعافيتها وخروجها من النفق المظلم الذي تردت فيه.

من الحماقة، أجل الحماقة، أن يواصل بعض السياسيين ترديد شعارات شعبوية مقرفة مجها الناس ولكنهم لم يستوعبوا الدرس ولم يستخلصوا العبرة وتمادوا في الرقص على حبال المزايدات التي أصبحت اليوم محل تندر وٱستهزاء عموم الناس.

* صحفي وكاتب.

مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.