الرئيسية » فلسطين من نكبة القرن الى صفقة القرن

فلسطين من نكبة القرن الى صفقة القرن

بقلم محمد عبد المؤمن

بعد الأحداث والتغيرات التي شهدتها عديد الدول العربية بداية من 2011  والتي اختلف في تقييمها صار التركيز على الجانب القطري الداخلي أي أن كل بلد عربي صار مشغولا بمشاكله بين أنظمة تعمل أي شيء لحماية نفسها من الانهيار والعدوى وبين دول تغيرت فيها الأنظمة لكن الثمن كان غاليا وأخرى انهارت وعمتها الفوضى والاضطرابات.

كل هذه التحولات همشت القضايا المركزية عربيا وفي مقدمتها قضية فلسطين التي صارت على الهامش فالكل مشغول بهمومه ومشاكله واقتصاده .

هذا التهميش الذي تعرضت له القضية الفلسطينية كان من الممكن الا يكون شرا كله ويتحول الى معطى ايجابي لكن بتحقق شرط مهم وهو عودة القضية الى أهلها باعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها وأهل فلسطين أدرى بمصلحتهم .

لكن للأسف فان الوضع الفلسطيني لم يستطع أن يبقى في معزل عن التغيرات التي حصلت في العالم العربي بسبب أن هذه القضية كانت وسيلة لأنظمة عدة للحفاظ على نفسها فكل انقلاب كان يحصل في العالم العربي يسمى مباشرة ثورة وبسرعة تحضر فلسطين لتكون الشرعية والمشروعية لتلك الأنظمة لتستبد وتحكم عقودا واعدة شعوبها بتحرير فلسطين والقدس ورمي “اسرائيل” في البحر لكن ما حصل طوال عقود هو أن “اسرائيل” كانت تزداد قوة والعرب يزدادون ضعفا وتشرذما وتفككا حتى جاءت ساعة الحسم فظهرت النوايا على حقيقتها واكتشفت الشعوب كون فلسطين لم تكن الا وسيلة لإرساء دعائم الحكم والمحافظة على العروش .

قبل أكثر من قرن حصلت النكبة وضاعت فلسطين لكن مع هذا كانت فلسطين حاضرة برفض الأمر الواقع وأن الكيان الاسرائيلي حتى وان افتك الأرض فان لها شعبا لن يفرط ولن يستسلم وان هناك حضنا عربيا داعما لكن اليوم ظهر جليا كون هذا الحضن لم يكن دافئا بل لم يكن حضنا من أساسه بل خدعة كبرى صدقتها الشعوب أو أوهمت نفسها كونها تصدقها لتجد أن فلسطين تباع في المزاد العلني والمصطلح صفقة القرن.

والغريب أن هذا المصطلح الذي روج له صهر الرئيس الأمريكي ترمب ومستشاره السياسي كوشنار كان في غاية الوضوح فالصفقة هي بيع وشراء وربح مادي بحت وهذا ما يحصل بالضبط اليوم فهم يجتمعون ليتفقوا على بيع فلسطين دون حضور أهلها ولا رضاهم لكن الطامة أن صفقة “سايكس بيكو” ثم وعد بلفور كان فيها دور عربي متخف أما صفقة القرن فالدور العربي فيها ظاهر للعيان .

الأغرب من هذا أن كل بنود صفقة القرن التي أعدها وهندسها ترمب وصهره معلومة للجميع حيث كشفت كل بنودها تقريبا وهي تقوم على أن تكون فلسطين التاريخية ملكا لإسرائيل في مقابل حفنة مليارات من الدولارات سيدفعها العرب والأوربيين للفلسطينيين ليصمتوا بمعنى أوضح هم سيضمنون لهم حق الحياة في مقابل التنازل عن كل الثوابت وهي الأخرى معلومة ومللنا ذكرها كما مللنا الحديث عن الوحدة العربية وهي الوهم الأكبر.


شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.