الرئيسية » على وقع الضجة التي أثارها تعيين معتمد سيدي بوعلي الوسيم : تونس لن تنهض بنشر ثقافة الحرملك وحريم السلطان

على وقع الضجة التي أثارها تعيين معتمد سيدي بوعلي الوسيم : تونس لن تنهض بنشر ثقافة الحرملك وحريم السلطان

هل أن تعيين سامي العربي عمدة على أكودة تم على أساس الكفاءة؟ أم تم على أساس مقياس اخر هو إنتماء المعني بوعلي إلى الجيل الثالث لحركة النهضة، ولعل الصورة المتداولة له مع رئيس الحركة راشد الغنوشي تثبت أن هذا المعتمد “الوسيم” جدا مقرب جدا من “الشيخ” غير الوسيم بالمرة.

بقلم: سنيا البرينصي

شهدت ولاية سوسة حركة تعيينات جديدة في سلك المعتمدين، حيث تم أمس الأربعاء 12 جوان 2019، تعيين بدر الدين القلي عمدة على أكودة وسامي العربي عمدة على سيدي بوعلي خلفا لحمادي التيساوي، على أن يتم التنصيب الرسمي غدا الجمعة جوان.

هذا التكليف، وكغيره من التعيينات الروتينية التي تشهدها مؤسسات الدولة بين الحين والاخر، لم يمر مرور الكرام هذه المرة ليس بسبب المحاصصة الحزبية أو ربما بسبب “شبهات” قد تتعلق بهذه التعيينات، لكن بسبب وسامة معتمد سي بوعلي الجديد سامي العربي التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة لدى الفتيات والنساء ليصبح بين عشية وضحاها “نجما هوليوديا” بامتياز تنتشر صوره في كل مكان و تتغزل به وبوسامته المراهقات.

ولكن، وإن كان الجمال أو الوسامة نعمة من الله بما أن الله “جميل يحب الجمال”، يبقى السؤال هل أن هذا التعيين خضع لمقاييس الكفاءة المطلوبة لاسيما وأن الجمال لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون معيارا في التعيينات والتسميات، سواء كانت هذه التعيينات في أجهزة الدولة ومؤسساتها الحيوية، أو في أي مجال اخر باستثناء بعض المجالات طبعا التي تتطلب ضرورة توفر عنصر الجمال بالنسبة للمرأة والوسامة بالنسبة للرجل، من ذلك الإعلانات والإشهار وعروض الأزياء والإستقبال.

معتمد الجيل الثالث لحركة النهضة؟

يبقى السؤال كذلك هل تم هذا التعيين على أساس الكفاءة؟ أم تم على أساس مقياس اخر هو إنتماء معتمد بوعلي إلى الجيل الثالث لحركة النهضة، ولعل الصورة المتداولة له مع رئيس الحركة راشد الغنوشي تثبت أن هذا المعتمد “الوسيم” جدا مقرب من “الشيخ” غير الوسيم بالمرة.

ولعله إنطلاقا من وسامة معتمد سي بوعلي وانطلاقا من الصورة التي تجمعه برئيس حركة النهضة نتذكر دون لأي أن النهضة، وهي تحاول جاهدة إقناع التونسيين بأنها “تتونست” واصبحت قريبة منهم بعد أن نأت عنهم طويلا، وأنها أصبحت حداثية ومتقدمة ومتطورة جدا تؤمن بالحريات الكونية وبحقوق الإنسان وبالجماليات الفكرية والحسية وبكل ملذات الحياة الدنيا “الفانية”، علما وأن هذه “الملذات” ومن بينها “الجمال الحسي” هي في الواقع “عورة” بالنسبة للإسلاميين وتخالف أدبياتهم التي تؤمن بأن الهدف الوحيد من الحياة هو السلطة ثم المرور إلى عالم أخروي لا يوجد فيه سوى الحوريات والولدان المخلدين وأنهار اللبن والخمر.

لقد سبق وأن راهنت النهضة في الماضي على مقياس “الجمال” في تعييناتها، وكلنا نذكر الجدل الذي أثارته “ساشا” رئيسة قائمة الحركة في الإنتخابات البلدية الفارطة في قرية سيدي بوسعيد السياحية.


سليمة بن سلطان أو ساشا “السافرة ” دافعت عن حظوظ الحركة الإسلامية في الإنتخابات البلدية.

جمال خارجي مقابل خواء علمي ومعرفي رهيب

ساشا، وإسمها الحقيقي سليمة بن سلطان، ونذكر أنه خلال إستضافتها في برنامج “ميدي شو” على إذاعة “موزاييك” بتاريخ 20 أفريل 2018، ثبت للعيان ضحالة مستواها التعليمي وخواء تكوينها الفكري والمعرفي، حتى أنها أعلنت بكل بساطة أنه يجب منحها بعض الوقت لفهم أسئلة الصحفي وأنها لا تفهم اللغة العربية الفصحى، كما أنها ليست مطالبة بمعرفة البرنامج الإجتماعي لحركة النهضة؟

نحن هنا نورد هذا المثال فقط للتذكير، والله سبحانه وتعالى قال في كتابه الحكيم: “وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين”، وحتى نذكر أيضا أن الجمال الخارجي لا يعكس في كل الحالات الكفاءة، كما أن الأمر قد لا يكون مهما بالنسبة لمثل هذه التعيينات إن هي تمت داخل الأحزاب السياسية، لكن أن تتم على رأس أجهزة الدولة فتلك حكاية أخرى.

حركة النهضة مطالبة بأن تكون تونسية أصلية بالفصل بين الدعوي والسياسي

يبقى من المأمول أن يكون تعيين معتمد بوعلي تم على أساس توفر عنصر الكفاءة والمستويين العلمي والمعرفي لا على أساس إنتمائه إلى حركة النهضة التي تحاول جاهدة “تزويق” مظهرها الخارجي في عيون التونسيين دون بذل مجهودات جدية في أن يكون هذا التزويق “أصليا” وحقيقيا بالفصل النهائي بين السياسي والدعوي الذي بقي حبرا على ورق منذ مؤتمرها العاشر في رادس خلال شهر ماي 2016، والذي تعهدت فيه رسميا وعلنيا بالفصل بين الدعوي والسياسي.

ولأن “الذكرى تنفع المؤمنين” وجب أن نذكر هنا بتصريحات رئيس الحركة راشد الغنوشي خلال إفتتاح المؤتمر العاشر الذي كنا من بين الإعلاميين الذين حضروه و واكبوه، حيث أكد الغنوشي أنه حريص على “النأي بالدين عن المعارك السياسية”، داعيا في الأثناء إلى “التحييد الكامل للمساجد عن الخصومات السياسة وعن التوظيف الحزبي حتى تكون المساجد مجمعة لا مفرقة”. كما قال الغنوشي إن “التخصص الوظيفي – في إشارة للفصل بين الجانب السياسي والدعوي للحركة – ليس قرارا بل جاء تتويجا للمسار السياسي والتطور وبحكم الدستور”. وأضاف أن حركة النهضة “تطورت من السبعينات إلى اليوم من حركة عقدية تخوض معركة من أجل الهوية عندما كانت الهوية مهددة، إلى حركة إحتجاجية شاملة تدعو إلى الديمقراطية في مواجهة نظام شمولي، إلى حزب ديمقراطي وطني مسلم متفرغ للعمل السياسي بمرجعية وطنية تنهل من قيم الإسلام, ملتزمة بمقتضيات الدستور وروح العصر”.

هذه المبادىء مازلنا إلى اليوم ننتظر تجسيمها على أرض الواقع من طرف الحركة التي تمعن في المخاتلة والخداع والفصل بين القول والفعل في كل مظاهر نشاطها.

فيديو حلاقة رأس العمدة الجديد.

تونس لن تنهض بنشر ثقافة الحرملك وحريم السلطان

قد نكون، ونحن نذكر بما جاء في توصيات المؤتمر العاشر للحركة أبحرنا في متاهات أخرى ليس في المقام ذكرها الان وقد نفردها بمقال خاص لاحقا، لكن نذكر النهضة والحكومة بأن القانون يفرض أن تتم التعيينات خاصة صلب الأجهزة الحيوية والحساسة على أساس الكفاءة والمستوى العلمي والمعرفي لا على أساس المحاصصة الحزبية والمحاباة، ولعله ان الأوان لنقول جميعا يكفي ما شهدته البلاد من أزمات في كل القطاعات جراء التعيينات الحزبية الفاقدة للكفاءة والتجربة وجراء تكريس سياسة المحسوبية ولنا في ما يسمى ب “العفو التشريعي” أكبر مثال.

على الجهات المعنية بالتعيينات والتسميات في كل أجهزة الدولة نشر السير الذاتية لمن تعينهم حتى يعرف الشعب من يمثله ومن يحكمه، وحتى يمكن معالجة الأورام الخبيثة التي إبتلي بها جسد الوطن خلال السنوات الأخيرة جراء التعيينات التي تفتقد الكفاءة.

أن تكون وسيما، أو أن تكوني جميلة، هذا لا يكفي لتعين أو تعيني في منصب هام، فتونس ليست في حاجة إلى “مهند” تركيا أو ل “هيفاء” لبنان لتزاحم الأمم المتقدمة، تونس ليست في حاجة إلى ثقافة “الحرملك” و “حريم السلطان” لتنهض، تونس في حاجة إلى رجال ونساء يخدمونها بوطنية وبصدق لتزهر وتزدهر.

معتمد سي بوعلي هنيئا لك بوسامتك “اليوسفية” والمقصود “جمال” سيدنا يوسف عليه السلام، وهنيئا لك بالمنصب، لكن تونس لن تنهض سوى بتوفر عنصر الكفاءة وبالوطنية العصماء عن الخطأ.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.