الرئيسية » تشغيل الفتيات القصّر في الخدمة المنزلية في المناطق “الراقية” ينتشر والانتهاكات قد تصل الى التحرش والاعتداءات

تشغيل الفتيات القصّر في الخدمة المنزلية في المناطق “الراقية” ينتشر والانتهاكات قد تصل الى التحرش والاعتداءات

تشغيل الفتيات القاصرات خاصة في المنازل بما يسمى احياء راقية ليس بالجديد لكن الجديد كونه تحول الى ظاهرة وانتشر بصورة كبيرة.

هذا الوضع له اسباب موضوعية منها الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد والتي اثرت على الكثير من العائلات خاصة في المناطق المهمشة والمحرومة والتي تزايدت فيها نسبة الفقر والفقر المدقع بشكل كبير جدا .لكن مع هذا لا يمكن بأي حال مكن الاحوال تبرير تشغيل  فتيات صغيرات قاصرات بحجة فقر العائلات وعدم وجود موطن رزق او مدخول.

أرقام حول الظاهرة

للأسف فان الأرقام والمعطيات الرسمية حول الظاهرة ليست دقيقة ولا محيّنة بالشكل المطلوب  لكن يمكن أخذ المعطيات من خلال مندوبي الطفولة في كل الولايات حيث تؤكد هذه المعطيات كون ظاهرة تشغيل القصّر وخاصة الفتيات الصغيرات تنتشر في  المناطق الريفية والقروية الفقيرة في الشمال الغربي وبعض مناطق الوسط .

آخر دراسة مسحية أجريتها وزارة المرأة والطفولة خرجت بجملة من النتائج منها ان تشغيل الأطفال هي ظاهرة وصلت نسبتها الى 3 بالمائة وهو رقم يعتبر مخيفا .

كما بينت هذه الدراسة ان فتيات يتم تشغيلهن واعمارهن اقل من 11سنة خاصة في المنازل اي كمعينات وعمليا كخادمات يتم استغلالهن بشكل فظيع دون مراعاة العمر والمرحلة .

هذه الدراسة تعتبر ان ما يحصل هو انتهاك لحقوق الطفل وايضا

 حرمانه من حقه في التعلم وفي عيش طفولته بطريقة عادية .

كما بينت الاسباب التي تدفع عائلات الى القبول بإرسال البنات الى العاصمة او مدن بعيدة عن مسقط الرأس مقابل مرتب شهري يتم ارساله للاب او الام  ؟

السبب الاول والاهم هو الفقر والحاجة وانعدام فرص العمل .لكن ضمن هذا فان هناك سبب آخر لا يجب ان نغفل عنه وهو ان هناك آباء تعودوا على عدم العمل والاتكال على نسائهم ثم بعد ذلك ابنائهم ان كانوا ذكورا او اناثا لتوفير المال فالطفلة يتم ارسالها للعمل كخادمة والطفل يعمل في الفلاحة او البناء او يبيع اشياء على قارعة الطريق المهم ان يأتي بالمال.

السبب الآخر وهر مرتبط بالأول هو الجهل وقلة الوعي.

يمكن كذلك ان نذكر اسباب اجتماعية مؤثرة مثل فقدان الاب او الام وتيتم الطفل او الطفلة وما قد ينتج عن ذلك من اضطهاد من زوجة الاب او زوج الام .

القانون

الجانب الاول الذي تحدث عنه القانون في علاقة بتشغيل القصر هو ارغام الاطفال على الانقطاع عن الدراسة اما لكي يعملوا او حتى لا يتكبد آباؤهم مصاريف التعليم .

القانون هنا يمنع انقطاع الطفل من الدراسة قبل بلوغه 16سنة  كما ان مجلة الشغل نفسها تحدثت عن هذا الامر في الفصل 53حيث جاء فيه:”لا يمكن تشغيل الاطفال الذين يقل سنهم عن 16سنة في جميع الانشطة الخاضعة لهذه المجلة مع مراعاة الاحكام الخاصة الواردة بنفس المجلة “.

بل ان القانون يعاقب على هذا الفعل ضمن الفصل 21من القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 بخطية مالية ب200دينار لمن اجبر ابنه على ترك مقاعد الدراسة لأي سبب كان وفي صورة العود تضاعف قيمة الخطية.

بالنسبة لقانون لشغل فانه بالاضافة الى منعه تشغيل الاطفال  قبل بلوغ ال16سنة فانه يضع قائمة يمنع فيها التشغيل للأطفال قبل بلوغ ال18سنة وهي الاعمال الخطرة أو المصنفة كونها تحت الارض مثل العمل بالمناجم والابار او قنوات صرف المياه وواجهات المباني الشاهقة اضافة الى اعمال اخرى لا تتناسب مع الاطفال مثل بيع الحكول او تصنيعه او العمل في العلب الليلية والملاهي والحانات والخمارات .

الوضع الاجتماعي

لا يمكن فصل تشغيل الاطفال من قبل اسرهم عن الفقر لكن من الناحية الاخرى فانه ايضا لا يمكن فصل القبول بتشغيلهم من قبل اشخاص الا رغبة او طمعا في استغلالهم اما فيما يخص الاجور  او كاستغلال من انواع اخرى لابد من الحديث عنها على غرار الاستغلال الجنسي او حتى الاتجار بالبشر وبالاعضاء.

فمثلا هناك ظاهرة انتشرت بكثرة في بعض الاحياء حول العاصمة مثل المنارات والنصر البحيرة ومناطق الضواحي الشمالية تتمثل في كون اسر تنتدب طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها 14سنة وحتى اقل من ذلك وتحولها الى خادمة تنظف وتخدم الجميع وتتسوق وتحمل اغراضهم .

وفق القانون الجديد الذي تمت المصادقة عليه في 17ماي 2017وتحديدا في الفصل 18 والخاص بتجريم العنف ضد المرأة فانه يعاقب كل من استغل قاصرا طفلا او فتاة مستغلين أوضاعهم بما فيها الفقر فان ذلك يعرض الشخص لعقوبة بثلاثة اشهر سجنا وخطية مالية بين 5و6آلاف دينار ويصنف هذا الفعل جريمة والقانون واضح هنا فقد قال جريمة ولم يقل جنحة او سلوك خاطئ.

لكن السؤال هنا:هل يكفي القانون لوحده لمنع انتشار هذه الظاهرة ؟

رغم اهمية القانون فانه غير كاف لوحده لإيقاف هذه الظاهرة التي للأسف تتوسع والسبب الاختلال الاجتماعي بين المناطق فالكثير من المناطق الداخلية تعيش التهميش وانتشار الفقر بل الفقر المدقع ما يجعلها مضطرة للبحث عن حلول ولو على حساب مصير الأبناء .

محمد عبد المؤمن


شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.