الرئيسية » في أسباب عزوف الشباب التونسي عن المشاركة السياسية والإنتخابات وكيفية معالجته

في أسباب عزوف الشباب التونسي عن المشاركة السياسية والإنتخابات وكيفية معالجته

المؤتمر الوطني للشباب في ديسمبر 2016 : وبعد ؟

عزوف الشباب التونسي عن السياسة والإنتخابات له مبررات عديدة تتلخص في فقدانه الأمل في ان يرى أهداف الثورة تتحقق وفي خيبة أمله في الحكومات المتعاقبة وفقدانه الثقة في الأحزاب التي لم تلتزم بتعهداتها. معالجة هذا العزوف تبقى ممكنة و يقترح هذا المقال حلولا يمكن أن تساعد على تحفيز هذا الشباب على المشاركة السياسية.

بقلم الأسعد بوعزي *

يقول أفلاطون في كتابه الجمهورية: “إن ضعف الإنسان وعدم قدرته على العيش بمفرده بحكم تعدّد حاجياته وتشعّبها هو الذي حتّم عليه العيش مع غيره في بيت كبير من أجل التعاضد والتآزر وهو البيت الذي نطلق عليه إسم الدولة”.

والدولة بالمفهوم الميتافيزيقي هي كائن حيّ يرتبط بقائه من عدمه بمدى قدرة الشعب على تنميته ورعايته والمحافظة عليه. وصلب هذا الشعب فإن الشباب يمثّل الركيزة الرافعة لسقف هذا البيت الذي يجمعنا لما له من قدرة على البناء والإنجاز بالفكر والسّاعد إذ لا أمل لدولة في البقاء بدون إنجازات تنمّيها وتشريعات تنظمها وتحميها.

إن المتتبع للشأن العام في بلادنا لا يفوته أن يلاحظ غياب الشباب عن المشهد السياسي إذ يكفي أن تلقي نظرة على المنابر والملتقيات والمؤتمرات التي تنظمها الجمعيات والأحزاب السياسية لتتأكد من هذا الغياب وحتّى الحزب الدستوري الحر الذي يجسّم شعاره شابّا وشابّة يمسكان بمشعل والذي تترأسه إمرأة شابّة تراه غير قادرا على إستقطاب الشباب وهو لعمري مؤشر لا يبشّر بخير لهذه البلاد التي شهدت “ثورة الشباب” والتي هي في أمسّ الحاجة لطاقات كلّ أبنائها وخاصة منهم أولئك الذين لا يزالون في ربيع العمر ويحملون أحلامها وآمالها.

وسعيا لمعالجة هذه الضاهرة بما يضمن الحدّ الأدنى من مساهمة الشباب في الحياة السياسية خاصة وأن تونس تشهد تحوّلا ديمقراطيّا يتطلب تظافر كل الجهود من أجل إنجاحه وترسيخ ثقافة مجتمعيّة جديدة تقوم على مبادئ الثورة التي تدعو الى العدالة والحرية والكرامة، لا بدّ من شرح الأسباب التي أدّت الى عزوف الشباب عن السياسة ومقاطعته للإنتخابات الوطنية قبل التقدّم ببعض التوصيات لتدارك الأمر.

1- أسباب عزوف الشباب عن السياسة:

بادئ ذي بدء لا بدّ من الإشارة الى أن عزوف الشباب عن ممارسة السياسة ومقاطعته للانتخابات الوطنية ليس بظاهرة تخصّ تونس لوحدها بل هي ظاهرة عالمية. فالشباب الذي يمثل القلب النابض للمجتمع وأكثر من ربع سكان العالم (%28) لم تعد لديه الرغبة في التعبير عن مواقفه والمشاركة في الشأن العام وفقد تلك الحماسة التي كانت تحرّكه قبل ثورة ماي 1968 التي قام بها في فرنسا. ومقاطعة الشباب للإنتخابات ينسحب عليها نفس التفسير إذ يكفي أن ترى نسبة مشاركته المتدنية (دون %10) في الأنتخابات الأخيرة سوى منها التي تمّت بأوروبا أو بالعالم العربي على غرار تلك التي أُجريت في كلّ من مصر ولبنان والعراق.

إن الشباب التونسي لا يختلف عن غيره من شباب العالم وعزوفه عن المشاركة في العمل السياسي ليس وليد الساعة بل يعود الى ما قبل “ثورة” 14 جانفي 2011 إذ أن الإحصائيات الصادرة عن المرصد الوطني للشباب والتي تمّت على هامش الإستشارة الوطنية حول الشباب لسنة 2008 تشير الى أن ما يناهز %83 من شبابنا لا يهتمّ بالسياسة وأن نسبة %64 منه لا تعنيها الإنتخابات ولا يستهويها الإنخراط في الجمعيات الوطنية. ما هو ملفت للإنتباه هو أن هذه الإحصائيات لم تتغيّر نحو الأفضل بعد “ثورة” 14 جانفي إذ أن نسبة إنخراط الشباب في الحياة السياسية لم تتجاوز %3 فيما لم تتجاوز نسبة مشاركته في الإنتخابات التشريعية عتبة %11.

إن عزوف الشباب عن الشأن السياسي في عهد النظام السابق كان بسبب تقييد الحريات وعدم إحترام هذا النظام لحقوق الإنسان غير أن هذه الاسباب لم تعد قائمة في ظلّ دستور الجمهورية الثانية الذي خصّص أكبر باب من ابوابه الى هذه الحقوق والحريات وهو ما يجعل تفسير هذا العزوف لا يتعلّق بالتشريع وإنما بأسباب وعوامل أخرى تتلخص في ما يلي…

1-1 أسباب تتعلق بالحكومات المتعاقبة:

الجانب السياسي: إن نظام الحكم الهجين الذي يقوم على سلطة تنفيذية برأسين والقانون الإنتخابي الذي أفرز برلمانا يتكوّن من كتل معطّلة لبعضها البعض لم يساعدا البتّة على الإسراع بسنّ القوانين وتكوين حكومة متجانسة ومنسجمة في رسم الأهداف وتحقيقها. مثل هذا الوضع أدى الى المحاصصة الحزبية وملء المناصب برجالات تنقصهم الكفاءة ويفتقرون الى التجربة في إدارة شؤون الدولة وهو ما فتح المجال واسعا لتفشّي الفساد وسوء التصرّف ما تسبّب في إضعاف الدولة والمسّ من هيبتها في ضلّ غياب دور فاعل للبرلمان الذي ركب نوّابه على الشعبوية الى حدّ بلوغ الإنحطاط في الخطاب السياسي. إن مثل هذه الصّورة السيّئة والرديئة للمشهد السياسي جعلت الشباب يقاطع العمل السياسي وهي لعمري قطيعة لها إنعكاسات جدّ سلبية على الإنتقال الديمقراطي ونجاح التجربة التونسية برمّتها.
الجانب لإجتماعي: إن عجز الحكومات المتعاقبة على رسم إستراتيجية واضحة وإيجاد حلولا جذرية قادرة على إخراج البلاد من أزمتها تسبّب في تردّي الأوضاع على جميع الأصعدة. إن أهداف الثورة التي نادى بها الشباب لم يتحقق منها شيئا بل إنتقل الوضع نحو الأسوأ حيث تفشّت البطالة وإتّسعت الفوارق الإجتماعية بين الجهات وإندثرت الطبقة الوسطى التي كانت تشكل ركيزة المجتمع التونسي وتدهور الإقتصاد فنتج عنه غلاء المعيشة ما أدّى بدوره الى تفشّي الفساد والإجرام.

الجانب التربوي والثقافي: تدهور التعليم في شتّى مراحله وغياب البرامج التي تعنى بتنمية الحسّ المدني والشعور بروح المواطنة وغياب الأنشطة الثقافية التي من شانها أن تصقل مواهب الشباب وتنمّي قدراته في مجال الخلق والإبداع. إن تهميش الدولة للتعليم والثقافة لا يمكنه ان يقود إلاّ إلى خلق شبابا مهمّشا ينقصه الوعي والحسّ والإدراك إذ أن الثقافة على حدّ قول المفكّر “لكروا” Lacroix هي الوحيدة القادرة على الوقاية من الجهل والغباوة.

الجانب الإعلامي: الفشل في بلورة خطّة إتصال حديثة تقوم بالأساس على مخاطبة الشباب بلغته وبالشّفرة والرموز الي يستعملها وعبر الوسائل والتقنيات التي يتداولها وعدم منحه الفرصة والمجال للتّلاقي من أجل التحاور والتفكير في مسائل من إهتماماته ومشاغله.

1-2 – أسباب تتعلق بالأحزاب السياسية:

إن الشباب فقد الثقة في الأحزاب السياسية لإخفاقها في إفراز قيادات تتوفر فيها خصال رجال الدولة ولعجزها على خلق التوازن بين الخطاب السّياسي والممارسة السياسية. هذه الاحزاب التي لم تعد تستهويه لإفتقارها الى برامج وأديولوجيا قادرة على إستقطابه ولكونها لا يوجد في جعبتها السياسية ما من شانه أن يغريه على الإنخراط فيها.

1-3 – أسباب تتعلق بالمجتمع المدني:
ما من شكّ في أن المجتمع المدني يلعب دورا أساسيا في توعية الشباب وتجنيده وتأطيره من أجل خدمة القضايا الوطنية والإجتماعية. ولا شكّ في ان إنخراط الشباب صلب الجمعيات يساعده على تنمية قدراته في الإدارة والتسيير والعمل ضمن المجموعة ويجعله ينفتح على العمل السياسي. ما نراه اليوم هو أن تلك الحماسة الوهاجة التي ميّزت شباب تونس بعد سقوط النظام وحفّزته على الإنخراط في المدّ التضامني سرعان ما إنطفأت لديه ليستقيل بذلك من كلّ عمل نبيل وينغلق على نفسه. وتعود هذه الاستقالة الى عوامل عدّة لعلّ من أهمها غياب التمويل الحكومي للجمعيات النشيطة والشبهات التي تتعلق ببعض الجمعيات المسترابة وفشل المنظمات الوطنية على غرار الإتحاد العام التونسي للشغل في لعب دور من أجل تأطير الشباب وتوعيته وتحسيسه.

2 – التوصيات المقترحة لتشجيع الشباب على العمل السياسي:

2 -1 – ما يتعلّق بالحكومة:

من حيث تهيئة المناخ العام: لا بدّ من الإشارة قبل كل شيء الى أن عزوف الشباب عن العمل السياسي لا يمكن معالجته دون تهيئة المناخ العام لذلك. وفي هذا الإطار يستوجب على الدولة إتخاذ بعض التدابير العاجلة لإعادة الأمل للشباب وطمأنته على مستقبله لكسب ثقته. من بين هذه التدابير ما هو إقتصادي وإجتماعي كمحاربة الفساد وتحقيق التنمية بتشجيع الإستثمار والشراكة بين القطاع العام والخاص وهو ما من شأنه أن يحدّ من البطالة ومنها ما هو تشريعي كتنقيح الدستور في بابه المتعلق بنظام الحكم ومراجعة القانون الإنتخابي وإصدار قانونا يمنع السياحة الحزبية وتفعيل القوانين التي تجرّم الغشّ في الإنتخابات والتمويلات المشبوهة للأحزاب والجمعيات.

من حيث الجانب التربوي والثقافي: الإسراع بمراجعة برامج التعليم في كلّ مراحله بما يضمن تنمية الحسّ المدني ويقوّي من روح المواطنة لدى الشباب وهذا لا يمكنه ان يتمّ الاّ من خلال حوار وطني تُعطى فيه الأولوية المطلقة الى المشاركة الشبابية. أما ما يتعلق بالثقافة فإن الوضع يقتضي التعجيل ببلورة خطّة شاملة ومتكاملة للنهوض بالعمل الثقافي. تشمل هذه الخطّة كل شرائح المجتمع ويكون للشباب الحظّ الأوفر فيها وهذا ايضا يتطلب عقد مؤتمر وطني ولا بدّ لهذا المؤتمر ألاّ يتعامل مع الشباب ككتلة متجانسة بل عليه أن يأخذ في الإعتبار الخصوصيات التي تقسّم الشباب الى شريحتين من حيث المستوى الثقافي والإنتماء الجغرافي (الرّيف والحضر).

من حيث الإعلام: بلورة سياسة إعلامية خاصّة بالشباب تهدف الى توعيته والتحاور معه والإصغاء اليه من أجل أن يكون شريكا فاعلا في كلّ الأمور التي تتعلق بالدولة. ومن بين الآليات والوسائل التي يمكن إعتمادها لتنفيذ هذه السياسة نذكر تطوير إذاعة الشباب ومراجعة برامجها بما يشجّع الشباب على الإهتمام بالعمل السياسي وحثّ القنوات التلفزية الحكومية على تخصيص مساحة زمنية تُعنى بمشاغل الشباب. ولضمان نجاح هذه السياسة لا بدّ ان يكون الشباب المساهم الرئيسي في بلورتها والعنصر الوحيد المكلف بإنجازها.

2 – 2 – ما يتعلق بالأحزاب:

ما من شكّ أن الأحزاب السياسية وخاصّة منها تلك التي شاركت في الحكم منذ2011 الى حدّ هذا اليوم أعطت صورة سيئة للمواطن عامّة وللشباب خاصّة من حيث التصرّف والسلوك وعدم كفائة النواب والمسؤولين المنتمين إليها ولم تكن في مستوى الآمال المعلّقة عليها لتنكّرها لناخبيها وعدم تنفيذها لوعودها. وعليه، فإنه يستوجب على هذه الأحزاب أن تقوم بمراجعة شاملة من حيث الهيكلة والتنظيم والتوجهات العامّة بما يسمح للشباب أن يجد مكانا فيها كما يستوجب عليها ايضا تغيير الخطاب السياسي بما من شأنه أن يقنع الشباب وبلورة سياسة إتصال قادرة على تبليغ هذا الخطاب الى هذه الفئة من الشعب التي تعيش في عالم رباعيّ الأبعاد. بقي التأكيد على دور التكوين والتدريب السياسي داخل الأحزاب في إستقطاب الشباب وتكوينه من أجل إعداده لتحمّل المسؤولية داخل الحزب وداخل الدولة ليكون بذلك قدوة لغيره من الشباب.

3 – 2 – ما يتعلّق بالمجتمع المدني:

إن المجتمع المدني وخاصّة منه الجمعياتي يمكنه ان يلعب دورا مهمّا في جمع الشباب حول قضايا نبيلة لأن الشباب ميّالا الى العمل التطوّعي متى كانت النوايا صادقة. والمجتمع المدني فيه من الطاقات الشابة الكثير وهي الوحيدة القادرة على تعبئة الشباب حول تحقيق الأهداف السامية لما لها من قدرة على إستعمال الوسائل الرقمية الحديثة لإستهداف هذا الشباب عبر منابر وحوارات وملتقيات تتمّ كلّها بإستعمال الأنترنات. وإذا ما تمّ تجميع الشباب حول هذه القضايا النبيلة فإنك تفتح له نافذة على عالم السياسة بما ان تحقيق هذه الأهداف غالبا ما يستدعي التنسيق والتعاون مع مختلف الأحزاب والوزارات.

3- التوصيات المقترحة لتشجيع الشباب على المشاركة في الإنتخابات المقبلة:

من المعروف في شتى أنحاء العالم ان الشباب تنقصه الحماسة للمشاركة في الإنتخابات مقارنة بغيره ممّن يكبرونه سنّا. ولتشجيع الشباب التونسي على التوجّه الى صناديق الإقتراع وهو الذي يشعر بخيبة الأمل والإحباط لما شاب الإنتخابات البلدية من فساد وشبهات لا بدّ من بلورة خطّة من شأنها أن تعيد له الثقة وتحفّزه على المشاركة في الإنتخابات المقبلة:

3 – 1 – ما يتعلّق بالقضاء:

لا بدّ للقضاء أن يتحرك على ضوء ما ورد في التقرير الأخير لمحكمة المحاسبات لمقاضاة كلّ الأحزاب التي ثبت تورطها في عمليات غش في تمويل حملتها الإنتخابية المتعلقة بالبلديات ولا بدّ على الحكومة أن تساعد القضاء على القيام بدوره في احسن الظروف.

ما يتعلّق بالهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات:

المطلوب من هذه الهيئة أن تعمل في ثلاثة إتجاهات: في الإتجاه الأوّل عليها أن تُثبت إستقلاليتها وحيادها بتطبيق القانون في حق الأحزاب التي إرتكبت خروقات خطيرة خلال الإنتخابات الفارطة وفي الإتجاه الثاني عليها ان تكثّف جهودها من أجل حثّ الشباب على التسجيل أّمّا الإتجاه الثالث فإنه يتعلّق بالإعتماد على الشباب في كلّ مراحل العملية الإنتخابية.

وحتّى تنجح الهيئة في حثّ الشباب على التسجيل والمشاركة في التصويت عليها أن تتوخّى سياسة إتصال مدروسة ترتكز على الشباب في ما يتعلق بالتنفيذ وتعتمد وسائل مضبوطة منها الومضات التلفزية والعمل الميداني كحملات التحسيس بالمعاهد والجامعات والفضاءات التجارية الكبرى وحتّى في الشطوط أثناء الاصطياف.

ما يتعلق بالأحزاب السياسية:

تقديم برامج واقعية ومعقولة يجد فيها الشباب نفسه وترشيح قوائم يكون نصف المترشحين فيها من الشباب والإعتماد على هذا الأخير في مراقبة الإنتخابات.

ما يتعلّق بالمجتمع المدني:

إن دورالمجتمع المدني في حثّ الشباب على المشاركة في الإنتخابات مهمّ جدّا لكونه يتكوّن في غالبيته من الشبّان أنفسهم وهو من شأنه أن ييسّر التواصل بينهم عبر أدوات اصبحت متوفرة لدى الشباب كالحاسوب والهاتف الجوّال.

4- حذاري من الشعبوية:

إن الركوب على الشعبوية أصبح شيئا شائعا لدى مختلف السياسيين وهو سبب من الأسباب التي جعلت الشباب ينفر من السياسة ويفقد الثقة في رجالاتها. وفي هذا الإطار لا بدّ من التنبيه الى أن بعض الأحزاب بدأت تخادع الشباب لكسب أصواته عبر التسويق لمشاريع تدخل ضمن إهتمامات الشباب نذكر منها:

– الضهور المفاجئ لما يُسمّى بإئتلاف تقنين القنّب الهندي الذي يدعو الى مراجعة قانون إستهلاك 18 ماي 1992 المتعلق بإستهلاك المخدرات (المعروف بقانون 52) من اجل تقنين القنّب الهندي. الإئتلاف المذكور أعدّ مشروع قانون ينظم عمليات الانتاج والتصنيع والتوزيع وإعداد محلاّت البيع والاستهلاك. لجنة الاتصال التابعة لهذا الإئتلاف بدأت تروّج الى ان المشروع سيجعل تونس عاصمة عالمية للسياحة وانه سوف يأتي بأرباح صافية تقدر بثلاثة آلاف مليون دينار وأن التراخيص الأولى سوف تسند لثلاثة آلاف شاب من حاملي الشهائد العليا المعطلين عن العمل يتم إختيارهم وفق الأقدمية والتمييز الإجابي للمناطق الداخلية. لجنة اللّوبيات (lobbying) أشارت من ناحيتها انها سوف تدعو الى مساندة الحزب الذي سوف يتبنى مشروع القانون بما يوحي بوقوف حزب بعينه وراء هذا الإئتلاف.
تجدر الإشارة الى ان إستعمال ورقة قانون المخدرات في الحملات الانتخابية ليس بجديد إذ سبق لأحد المترشحين لرئاسيات 2014 أن إعتمد الفصل 52 من قانون المخدرات كأحد أهم وعوده الانتخابية.

– مشروع القانون المتعلق ببعث المؤسسات الصغرى لفائدة الشباب les startup هو أيضا اصبح موضوعا للشعبوية. تجدر الاشارة الى ان هذا المشروع يهدف الى ان يجعل من تونس مركزا (un Hub) لهذا النوع من المشاريع في جنوب المتوسط والعالم العربي والقارة الافريقية. تجدر الإشارة الى انه للإنتفاع من هذا المشروع لابدّ للشّاب من الحصول على ميزة (label startup) تسلمها وزارة الاقتصاد الرقمي بعد استشارة هيئة تقنية متكونة من ممثلين عن القطاع الخاص المنبثق عن المؤسسات المالية الممولة للمشروع. الحيلة تكمن في ان بعض الاحزاب النافذة لدى هذه المؤسسات بدأت تستقطب الشباب من اجل اعداده وتكوينه للحصول على صكّ الجودة (qualité startup) الذي بدونه لا يمكن الانتفاع بهذا المشروع.

هكذا يتضح ان عزوف الشباب التونسي عن السياسة والانتخابات له مبررات عديدة تتلخص في فقدانه الأمل في ان يرى أهداف الثورة تتحقق وفي خيبة أمله في الحكومات المتعاقبة وفقدانه الثقة في الأحزاب التي لم تلتزم بتعهداتها.
معالجة هذا العزوف تبقى ممكنة متى تضافرت جهود كل القوى الفاعلة للدّفع بهذا الشباب من أجل أن يحفّز نفسه بنفسه إذ لا أحد غيره قادر عن التأثير عليه وإقناعه بما فيه مصلحته ومصلحة هذا الوطن العزيز.

* ضابط بحرية متقاعد.

مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :


http://www.kapitalis.com/anbaa-tounes/2019/03/11/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%B2-%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%91%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%87%D9%84/

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.