الرئيسية » العمل السياسي في تونس بين ”أهل الماكينة“ وأهل الخبرة والتبصر والمصداقية

العمل السياسي في تونس بين ”أهل الماكينة“ وأهل الخبرة والتبصر والمصداقية

كثيرا من القيادات داخل الأحزاب والمنظمات والجمعيات في تونس تفضل التعويل على ”أهل الماكينة“ على ذوي الخبرة والتبصر والمصداقية خوفا من المنافسة ورغبة في التوظيف واحتلال المواقع غير عابئين بما سيؤدي إليه إدخال ”الوحوش“ إلى مواقع القيادة وصنع القرار. 

بقلم فوزي معاوية *

لقد كشفت تجربة الإنتقال الديمقراطي مفارقات والتباسات بلغت أقصى الحدود في مجال العمل السياسي وهي في اعتقادنا وليدة تعقيدات كبرى تتعلق بالأشكال والمضامين والصيغ التي أصبحت تطرح في مسار بناء كل منظومة حكم تريد لنفسها أن تكون ديمقراطية…

”أهل الماكينة“ يكتسحون الساحة السياسية

في خضم هذا ”الحراك“ أصبحنا نلاحظ ظاهرة شدت إنتباه المهتمين من بعيد أو من قريب بالشأن العام تتعلق بطبيعة العمل السياسي وخاصة بالناشطين ” الفاعلين“ في مجاله داخل الأحزاب وخارجها في القواعد وفي القيادات في مواقع التنفيذ أو مواقع صنع القرار على حد السواء.

وهي تتمثل إجمالا في اكتساح ”أهل الماكينة“ الساحة والمجال وهم أولئك الذين تمرسوا و اختصوا في التحرك الميداني لكسب الأنصار بكل الوسائل و الطرق ولتشويه المنافسين و شراء العباد والضمائر واعتماد أساليب الترهيب والترغيب والإبتزاز و التشهير و الثلب والسمسرة خاصة لدى لوبيات الفساد الراغبة في اكتساح الساحة و تخريب الدولة و المجتمع…

أما نحن وإن كنا على و عي و أن هذه الظواهر لا يخلو منها أي مجتمع إن كان متقدما أو متخلفا فإن القضية تتعلق بالمخاطر الجسيمة التي قد تتولد عن ذلك عندما يتأكد إنتنشارها على نطاق واسع و اكتساحها لمختلف مواقع العمل السياسي وخاصة مواقع القيادة وصنع القرار وذلك على حساب ما تقتضيه ”القيادية“ من تبصر و قدرة على بناء الرؤى والإستراتجيات التي تفتح مجال الإصلاح و التقدم.

إدخال ”الوحوش“ الى مواقع القيادة و صنع القرار

والمسألة ترتبط في اعتقادنا بالهشاشة التى تأكدت لدى ”الطبقة السياسية” ومحدودية إستعداداتها لتبني المشروع الإنتقالي وبلورته و توفير أنجع السبل الكفيلة بتكريسه على أرض الواقع فكثيرا ما رأينا القيادات داخل الأحزاب والمنظمات و الجمعيات تفضل ”أهل الماكينة“ على ذوي الخبرة والتبصر والمصداقية إستعلاء منها واعتدادا بالذات في غير محله ولكن في نفس الوقت خوفا من المنافسة ورغبة في التوظيف واستسهالا ناجما عن قلة خبرة واضحة المعالم فاحتلال المواقع لديهم له الأولوية على إتخاذ المواقف الصائبة وهم في توجههم هذا لا يدركون أي منقلب سيؤدي إليه إدخال ”الوحوش“ الى مواقع القيادة وصنع القرار وما ستؤدي إليه هذه الظاهرة من غياب لفرز ديمقراطي وصائب في إختيارالقياديين لأن السياسة وإن كانت تصنع بخليط من المتدخلين فإن مواقع القيادة لا يمكن لها أن تكون إلا بيد أهل الدراية والبصيرة والكفاءة العالية والرو ح الوطنية الثابتة وإلا فقدت السياسة مصداقيتها وثقة الشعب وهو ما يمثل أهم حاجز يقف أمام عملية البناء والتجديد والإصلاح.

* كاتب وناشط سياسي.  

مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :

أمام المخاطر الجسيمة التى تهددها : تونس بحاجة إلى إستفاقة ونفس جديد وقوى مقتدرة

لمواجهة جحافل الجهل والتخلف، آن الأوان لأن نجعل التربية أولوية وطنية مطلقة

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.