الرئيسية » عبد العزيز بوتفليقة يسير على خُطى زين العابدين بن علي ويقول للجزائريين: “أنا فهمتكم !”

عبد العزيز بوتفليقة يسير على خُطى زين العابدين بن علي ويقول للجزائريين: “أنا فهمتكم !”

هل سيلقى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نفس مصير الرئيس الفرنسي شارل ديغول والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، خاصة وأن الجزائر تعيش على وقع مظاهرات ومسيرات شعبية وإحتجاجات واسعة تُطالب بإسقاطه مثلما حدث ذلك من قبل لديغول و بن علي ؟

من الجزائر: عمّـار قـردود

يوم الخميس 13 جانفي 2011، توجه زين العابدين بن علي بآخر كلمة له إلى الشعب التونسي قال فيها بإختصار:  “أنا فهمتكم”، ساعات قليلة قبل هروبه إلى السعودية، بعد 23 سنة من حكمه لتونس بقبضة حديدية.
كانت تونس مشتعلة بالغضب و كان عدد الضحايا قد بلغ العشرات، وبات التونسيون يطلقون على آخر خطاب جاء بالعامية التونسية للرئيس بن علي “أنا فهمتكم”.

ويبدو أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تأثر كثيرًا بخطاب نظيره التونسي، فراح في خضم ثورة الشارع الجزائري وحالة الإحتقان التي تطبع الأوضاع في الجزائر منذ مدة، يقول للجزائريين “أنا فهمتكم” وذلك في رسالة قرأها مدير حملته للإنتخابات الرئاسية ليوم 18 أفريل 2019، عبد الغني زعلان، بعد إيداعه رسميًا ،مساء أمس الأحد 3 مارس، ملف ترشح بوتفليقة لدى المجلس الدستوري.

بوتفليقة تعهد في حال فوزه بالإنتخابات الرئاسية بتنظيم إنتخابات رئاسية مُسبقة طبقًا للأجندة التي تعتمدها الندوة الوطنية، مؤكدًا أنه لن يكون مترشحًا فيها ومن شأنها ضمان إستخلافه.

“أتعهد بإعداد دستور جديد يُزكّيه الشعب الجزائري”

وقال الرئيس الجزائري المغضوب منه من طرف شعبه في رسالة الترشح إن الندوة الوطنية للإجماع ستحدد تاريخ هذه الإنتخابات الرئاسية المُسبقة. كما تعهد الرئيس بوتفليقة بتنظيم مباشرة بعد الإنتخابات الرئاسية، ندوة وطنية شاملة جامعة ومستقلة لمناقشة وإعداد واعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية وإقتصادية وإجتماعية، من شأنها إرساء أسس النظام الجديد الإصلاحي للدولة الوطنية الجزائرية.

وجاء في الرسالة التي وجهها المترشح عبد العزيز بوتفليقة للشعب الجزائري: “أتعهد بإعداد دستور جديد يُزكّيه الشعب الجزائري عن طريق الاستفتاء. يكرسُ ميلاد جمهورية جديدة والنظام الجزائري الجديد ووضع سياسات عمومية عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية. وبالقضاء على كافة أوجه التهميش والإقصاء الإجتماعيين، ومنها ظاهرة الحرڤة، بالإضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد”.

كما التزم باتخاذ إجراءات فورية وفعالة ليصبح كل فرد من شبابنا – يقول الرئيس الجزائري – فاعلاً أساسيًا. ومستفيدًا ذا أولوية في الحياة العامة على جميع المستويات وفي كل فضاءات التنمية الإقتصادية والإجتماعية، وبمراجعة قانون الإنتخابات. مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الإنتخابات.

وتابع الرئيس الجزائري قائلاً: “الإلتزامات التي أقطعها على نفسي أمامكم ستقودنا بطبيعة الحال إلى تعاقب سلس بين الأجيال، في جزائر متصالحة مع نفسها”. داعيًا الجميع إلى “كتابة صفحة جديدة من تاريخنا”، كما تعهد بجعل الموعد الإنتخابي لـ18 أفريل المقبل “شهادة ميلاد جمهورية جزائرية جديدة يتطلّع إليها الشعب الجزائري”.

وشدّد على أن الجزائر في حاجة لاستكمال مسيرتها نحو الديمقراطية والتطور والإزدهار من دون وقف المسار الذي غنِمت بفضله مكاسب جمة عبر السنين. مشيرًا أيضًا إلى أن الجزائر في أمسّ الحاجة إلى قفزة نوعية وهبة رفيعة لكل قواها السياسية والإقتصادية والإجتماعية.بل ولكل أطياف المجتمع، سعيًا إلى فتح الأفق أمام آمال جديدة.

وأردف بوتفليقة قائلاً: “لقد نمت إلى مسامعي، وكلي اهتمام، آهات المتظاهرين، لا سيما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا. غالبيتهم في عمر تطبعُه الأنفة والسخاء اللذان دفعاني وأنا في عمرهم إلى الإلتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني المجيد. أولئك شباب عبّروا عن قلقهم المشروع والمفهوم تجاه الريبة والشكوك التي حركتهُم”.

وتابع الرئيس بوتفليقة يقول: “وإنه لمن واجبي، بل وإنها لنيتي، طمأنة قلوب ونفسيات أبناء بلدي، وإنني إذا أفعل ذلك اليوم. أفعله كمجاهدٍ مخلص لأرواح شهدائنا الأبرار وللعهد الذي قطعناه أنا وكل رفقائي الأخيار في الملحمة التحريرية، والذين لا يزالون اليوم على قيد الحياة. بل وأقوم به أيضا كرئيس للجمهورية يقدس الإرادة الشعبية التي قلدتني مسؤولية القاضي الأول بالبلاد، بل وأيضا وعن قناعة، بصفتي كمترشح للإنتخابات الرئاسية المقبلة”.

بعد إندلاع ثورة تحرير الجزائر، ديغول قال للجزائريين: “أنا فهمتكم”!

في 4 جوان 1958 قدم شارل ديغول إلى الجزائر التي تقبع تحت الإحتلال الفرنسي آنذاك وألقى من شرفة مقر الحكومة الفرنسية الموجودة في الجزائر خطابًا أمام ما يقارب 150 ألفًا من الفرنسيين وقليل من أصحاب الأرض من الجزائريين. جاء خطاب شارل ديغول بعد بداية الثورة التحررية الجزائرية عندما أحس الإستعمار الفرنسي بالخطر وأعلن فيه مجموعة من الإصلاحات والحقوق للشعب الجزائري التي كانت فقط محصورة على المستوطنين الذين كانوا يمارسون أشد وأقسى درجات التفرقة والإضطهاد ضد الشعب الجزائري. يومها افتتح ديغول خطابه بكلمة “أنا فهمتكم”.

هل سينتهي بوتفليقة إلى مصير بن علي و ديغول؟

الرئيس الفرنسي شارل ديغول و بعد خطابه الشهير الذي تضمن كلمة “أنا فهمتكم”، إستقلت الجزائر في 1962، وخرج الفرنسيين في مظاهرات مناوئة له عام 1968، واستجابة لمطالب المتظاهرين الذين شكل الطلاب والعمال الغالبية بينهم قرر ديغول أن يجري إستفتاء حول تطبيق المزيد من اللامركزية في فرنسا، وتعهد قبل إجراء الإستفتاء بالتنحي عن منصبه في حال لم توافق نسبة كبيرة من الفرنسيين على تطبيق اللامركزية في البلاد .

وفي مساء يوم 28 أبريل عام 1969 أعلن ديجول تنحيه عن منصبه بعد أن حققت الموافقة على تطبيق اللامركزية نسبة أقل قليلاً من النسبة التي حددها سلفًا، وفي جانفي 2011 و مع بداية ثورة الياسمين في تونس، خاطب الرئيس زين العابدين بن علي التونسيين في محاولة يائسة منه لإستعطافهم وإستمالتهم وقال كلمته الشهيرة “أنا فهمتكم”، لكنها لم تشفع له و جاءت متأخرة جدًا و إضطر للهروب إلى السعودية لينفد بجلده.

فهل سيلقى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نفس مصير الرئيس الفرنسي شارل ديغول و الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، خاصة وأن الجزائر تعيش على وقع مظاهرات ومسيرات شعبية وإحتجاجات واسعة تُطالب بإسقاط الرئيس بوتفليقة و نظامه الشمولي.

لأن بوتفليقة حتى و إن كان قد فهم الجزائريين، فقد فهمهم في الوقت بدل الضائع، خاصة و أنه يعتلي سدة الحكم في البلاد منذ أفريل 1999، أي منذ 20 سنة كاملة، فكيف له لم يتمكن من فهم الجزائريين وتحقيق مطالبهم المشروعة و يريد شوطا إضافيا من خلال ترشحه للإنتخابات الرئاسية المقررة في 18 أفريل المقبل و التعهد بالدعوة لتنظيم إنتخابات رئاسية مسبقة لن يترشح لها.

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.