الرئيسية » هل افتكت قطر من الجزائر دور الوساطة بين الفاعلين السياسيين في تونس ؟

هل افتكت قطر من الجزائر دور الوساطة بين الفاعلين السياسيين في تونس ؟

 

راشد الغنوشي لم يلتق عبد العزيز بوتفليقة منذ سنتين.

كيف نجحت قطر في إبعاد الجزائر عن لعبها دور الوساطة في رأب الصدع بين السياسيين التونسيين؟ ولماذا بات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي غير مرغوب فيه في الجزائر بعد أن كان مرحبا به ومقربا من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟

من الجزائر: عمّـار قـردود

في فيفري 2015  قام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بزيارة للجزائر في أول تنقل له خارج تونس منذ وصوله الحكم، وهو الذي تعهد خلال حملته الرئاسية للدور الثاني التي جرت في 21 ديسمبر 2014 أنها ستكون أول بلد يزوره في حال فاز بكرسي قصر قرطاج، فضلاً عن تلبية دعوة رسمية وجهها له الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عبر رسالة خطية سلمّها له السفير الجزائري عبد القادر حجار في 20 جانفي 2015 عقب تعزيته بوفاة شقيقه كمال قائد السبسي.

الجزائر على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية

وزار قائد السبسي الجزائر 4 مرات آخرها في ديسمبر 2016، وكان قبل ذلك استقبله الرئيس بوتفليقة في 2011 عندما تسلم رئاسة الحكومة في أعقاب سقوط نظام زين العابدين بن علي وتحصل على دعم مالي لحكومته بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، وإستقبله مرة أخرى في 2012 كرئيس لحزب نداء تونس في إطار وساطة قام بها الرئيس بوتفليقة بين قائد السبسي وراشد الغنوشي لرأب الصدع وتحقيق التوافق السياسي في تونس، على إعتبار أن الرجلين صديقين قديمين لبوتفليقة.

كما إعتاد الرئيس بوتفليقة على إستقبال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي قابله 7 مرات كاملة في ظرف 6 سنوات وتحديدًا منذ ثورة 14 جانفي 2011، آخرها في 22 جانفي 2017، وكانت زيارات الغنوشي للجزائر دورية وبصفة تكاد تكون دائمة، وكان في كل مرة يحط فيها الرحال بالجزائر يُحظى بإستقبال حار ورسمي من طرف الرئيس بوتفليقة، الأمر الذي أثار إهتمام المراقبين المهتمين بالوضع الإقليمي في المنطقة المغاربية، قبل أن يتم الكشف عن محاولات جزائرية لتسهيل عملية الإنتقال السياسي في تونس، خاصة وأن الجزائر تُحظى بقبول لدى كل ألوان الطيف السياسي في تونس، لأنها تقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية.

لكن ما الذي تغير فجأة في موضوع الوساطة الجزائرية غير المعلنة لتقريب وجهات النظر بين السياسيين التونسيين؟ وهل قررت الجزائر الإنسحاب من المشهد السياسي التونسي أم تم إبعادها قسرًا؟ وهل ساءت العلاقات بين الجزائر والسياسيين التونسيين وعلى رأسهم الرئيس قائد السبسي و الغنوشي؟ لماذا أصبح الغنوشي غير مرغوب فيه في الجزائر؟ لماذا لم يقم الرئيس قائد السبسي بزيارة إلى الجزائر منذ سنتين وهو الذي كان لا يتوانى لحظة واحدة في الإلتقاء بالمسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس بوتفليقة؟ هل هناك فعلاً أزمة صامتة بين الجزائرو تونس؟ و إذا كان كذلك ما أسبابها؟ وهل  نجحت قطر فعلاً في إبعاد الجزائر عن لعبها دور الوساطة في رأب الصدع بين السياسيين التونسيين؟

“أنباء تونس” كانت قد كشفت في أوت 2017 أن راشد الغنوشي بات غير مرغوب فيه في الجزائر وفقًا لمصدر ديبلوماسي جزائري رفيع المستوى، وأن الجزائر اعتذرت بصفة رسمية عن استضافتها لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.

وأعزى المصدر الجزائري لـــ”أنباء تونس” قرار السلطات الجزائرية غير المعلن والمفاجئ بعدم استقبال الرئيس الجزائري لزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي (إلا للضرورة القصوى) إلى التذمر الذي أبداه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي من تكليف جزائري للغنوشي بلعب دور للوساطة في الملف الليبي وهو الأمر الذي لم تنفه الجزائر ورغم تأكيد الغنوشي أن “الرئيس قائد السبسي على علم بكافة تحركاته الأخيرة”. وأوضحت “أنباء تونس”أن تسريبات أخرى أشارت إلى أن الرئيس قائد السبسي يعتقد أن الجزائر تنظر إلى الغنوشي هو الرئيس الفعلي لتونس وليس هو.

وكان الدليل على صحة ذلك انقطاع ملحوظ ولافت لراشد الغنوشي عن زيارة الجزائر لفترة طويلة – تقريبًا منذ سنتين – على غير العادة هو الذي كان يؤدي زيارة مجاملة وأخذ النصح والمشورة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كلما حلّ بالجزائر بالرغم من تفنيد الغنوشي لذلك جملة و تفصيلا.

فقد أكّد الغنوشي أن الأخبار التي راجت في 2017 حول منعه من لقاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وتحرّج الرئيس الباجي قائد السبسي من هذه المقابلات المتكرّرة لا أساس لها من الصحة، معلنًا إعتزامه زيارة الجزائر قريبًا – قال هذا في أوت  2017- و رغم مرور أزيد من 16 شهرًا على ما زعمه، لم يزر الغنوشي الجزائر حتى الآن لأسباب تبقى مجهولة لكنها تؤكد صحة ما جاء في “أنباء تونس”.

الوساطة القطرية بين النهضة والنداء دليل على صحة الإنسحاب الجزائري من الوساطة بين التونسيين

و لعل الدليل الدامغ على صحة الإنسحاب الجزائري من لعب دور الوساطة خاصة بين حركة النهضة و حزب نداء تونس هو لجوء سياسيو هذين الحزبين إلى قطر سعيًا منهما لإقناعها بالتدخل لرأب الصدع بينهما، خاصة وأن حركة النهضة معروفة بولائها الشديد للقطريين. وكانت “أنباء تونس” قد كشفت عن تواجد حافظ قايد السبسي، رئيس الهيئة السياسية لنداء تونس، هذه الأيام، في الدوحة، من أجل لقاء أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

لقد كانت الجزائر طرفًا داعمًا في بناء توافق وطني للمرحلة الانتقالية في تونس، وذلك ليس مكرمة منها وإنما لإقتناعها أن أمنها القومي مرتبط بأمن تونس وإستقرار هذه الأخيرة هو دافع كبير لإستقرارها. لهذا لطالما كانت الجزائر هي همزة الوصل بين النهضة ونداء تونس، لكن بعض القوى والجهات كانت لها رؤى أخرى، فعملت على تحييد الجزائر وإبعادها قدر المستطاع عن تونس، ويبدو أنها قد نجحت في ذلك، وعوضًا أن يستنجد السياسيون التونسيون بالجزائر كما إعتادوا، ها هم يذهبون إلى قطر، فهل ذلك بناءًا عن رغبة منهم أم أن الجزائر هي التي تخلت عنهم مضطرة بسبب الوضع الصحي للرئيس الجزائري المريض منذ أفريل 2013 والذي ساءت حالته الصحية بشكل كبير خلال السنتين الأخيرتين ولعل هذا هو السبب الذي جعل التونسيين لا يستطيعون طلب مشورته.

ديبلوماسي جزائري: الجزائر باتت بعيدة عن كل قضايا المنطقة

مصدر ديبلوماسي جزائري قال لـــ”أنباء تونس” أن الجزائر باتت في الآونة الأخيرة بعيدة عن كل قضايا المنطقة كالملف التونسي والملف الليبي وراحت تهتم بترتيب أوضاعها الداخلية، لأنها هي الأخرى أصبحت تعاني من أزمة سياسية بسبب الشغور غير المعلن لمنصب رئيس البلاد بسبب مرض الرئيس بوتفليقة وغيابه الطويل الذي عطل عدد من مؤسسات الدولة، وبالتالي كان بالجزائريين الإهتمام بأمورهم الداخلية أولى من إهتمامهم بأمور دول الجوار.

لكن ذات المصدر نفى أن تكون الجزائر قد إمتنعت عن مساعدة “الأشقاء التونسيين” وقال أن الإتصالات بين البلدين جارية على أعلى مستوى وفي شتى المجالات، وهناك لقاءات دائمة بين كبار مسؤولي البلدين، وأن الذي لم يحدث منذ سنتين بالضبط هو لقاء قمة بين رئيسي البلدين للظروف المعروفة. وفنّد وجود أية أزمة صامتة بين الجزائر و تونس.

وعن موقف الجزائر من الوساطة القطرية بين حركة النهضة ونداء تونس أوضح مصدرنا أن الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول وطالما أنه ليس هناك حديث رسمي عن ذلك لا يمكن لنا إبداء رأينا وأن كل ما يهم الجزائر هو إيجاد حلول للأزمة السياسية في تونس والإبتعاد عن سياسة “التخوين” ونشر العداء بين التونسيين الذين نجحوا في ثورة الياسمين والأكيد أنهم سينجحون في تخطي هذه الأزمة.

تونس : حافظ قايد السبسي في قطر لمحاولة رأب الصدع بين النداء والنهضة

الغنوشي طلب لقاء بوتفليقة لإستشارته حول ترشحه بإسم “النهضة” لرئاسية 2019

الغنوشي بات غير مرغوب فيه في الجزائر…..؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.