الرئيسية » هل سيتكرر سيناريو حلّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية لحركة “النهضة” التونسية؟ (فيديو)

هل سيتكرر سيناريو حلّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية لحركة “النهضة” التونسية؟ (فيديو)

 

في مارس 1992 حُظر حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بقرار من المحكمة الإدارية بالجزائر العاصمة وحظره تمامًا عن المشاركة في الحياة السياسية ولا يزال القرار ساري المفعول إلى الآن، وحُلت كل المجالس المحلية (البلديات) التابعة له، وزُجّ بقادتها عباسي مدني وعلي بلحاج وعبد القادر حشاني في السجون، بحجة أن الإسلاميين الذين كانوا على وشك الوصول إلى السلطة في الجزائر “لا يؤمنون بالديمقراطية وتداول السلطة”.

و أعلن النظام الحاكم حالة الطوارئ في الجزائر يوم 9 فبراير 1992، وأودع الآلاف من أنصار الجبهة في معتقلات أقيمت بالصحراء الجزائرية، ثم بدأت حملة مطاردة واسعة لمن بقي من كوادرها خارج الاعتقال.
انقسم منتسبو الجبهة الإسلامية بشأن الرد المناسب على هذه التطورات، وكان من نتائج ذلك بروز جماعات إسلامية انتهجت المسار العسكري وانغمست أحيانا في عمليات قتل وتدمير مروعة، بما في ذلك “الجيش الإسلامي للإنقاذ” المحسوب على الجبهة والذي تأسس 1993، ثم أعلن في 1 أكتوبر 1997 وقف إطلاق النار إثر اتصالات أجرتها معه قيادة الجيش، ثم حله رئيسه مدني مزراق في 11 جوان 1999.لينتهي الأمر بحصيلة ثقيلة في الأرواح و الممتلكات حصيلته ربع مليون قتيل و 25 مليار دولار كخسائر مادية.
النهضة…”حركة إرهابية”
و يبدو أن سيناريو حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر يتجه شيئًا فشيئًا نحو التكرار في تونس من خلال شبح الحل الذي بات يتهدد حركة “النهضة” الإسلامية في تونس،التي تم إكتشاف وجود ما يشبه بالذراع العسكري و المخابراتي لها في صورة “الجهاز السري” الذي تم إتهامه بضلوعه في إغتيال السياسيين شكري بلعيد و محمد البراهمي.فهل سيتم حل حركة “النهضة” قريبًا؟.
طالب سياسيين تونسين بحل حركة “النهضة” على خلفية قضية “الجهاز السري”،في تطورات مثيرة خاصة بعد إعتراف الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي شخصيًا بذلك و قال أن كل العالم أضحى يسمع بالجهاز السري للنهضة.
و يصر خصوم “النهضة” على أهمية بت القضاء التونسي في هذه الملفات، حيث ينوي المحامي التونسي “علي كلثوم”، عضو هيئة الدفاع عن البراهمي وبلعيد، رفع دعوى قضائية ضد حركة “النهضة” أمام القضاء الإداري لـ”حلها أو إيقاف نشاطها لمدة 5 سنوات”.
وقال كلثوم في تصريحات صحافية إنه “سيقدم دعوى قضائية أمام القضاء الإداري ضد حركة النهضة لحلّها أو إيقاف نشاطها لمدة 5 سنوات، اعتمادا على الفصل 7 من قانون مكافحة الإرهاب”.و اتهم خلال مرافعته الشكلية أمام الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الارهاب بمحكمة تونس الابتدائية مباشرة حركة “النهضة” بضلوعها في جريمة الاغتيال واصفا إياها بـ”الحركة الارهابية”.
وأشار كلثوم، إلى فحوى التقرير الذي قدّمه الأمني عصام الدردوري للجنة التحقيق في شبكات التسفير بالبرلمان والذي، حسب تقديره، يؤكد أن حركة النهضة “ارهابية” ثم قال إن اللجنة المذكورة لم تتفاعل بالكيفية المطلوبة باعتبتار أن جل اعضائها من النهضة، متهمًا البرلمان بالتستّر على الارهاب.كما جدّدت هيئة الدفاع اتهامها لوكيل الجمهورية الحالي بالمحكمة الابتدائية بتونس بالتعاطي السلبي مع القضية وقالت “انه يعمل ضد القائمين بالحق الشخصي وضد كشف الحقيقة”.
فيما رفع الحزب الحر الدستوري،3 دعاوى قضائية ضد حركة “النهضة” في المحاكم التونسية،القضية الأولى تتعلق بملف التمويلات الأجنبية للحركة وتتمحور الثانية حول دعم الإرهاب، فيما تخص القضية الثالثة ملف التسفير إلى بؤر التوتر.
الغنوشي يردّ على الإتّهامات
و سارع رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي-العائد لتوه من إيطاليا-، للرد فيها على اتهامات الحركة بالإشراف على “جهاز سري” تتهمه هيئة دفاع شكري بلعيد ومحمد البراهمي باغتيال هذين السياسيين.وقال الغنوشي معلقًا: “النهضة متماسكة وقوية وكلما كانت حملات التشويه في تزايد وتصاعد كلما كانت النهضة أقوى بوحدتها وقدرتها على الفعل”.
الغنوشي الذي أكّد أن الوضع الذي تمر به البلاد صعب ويحتّم على الجميع المشاركة في عملية الاصلاح، عاد إلى الإتّهامات الأخيرة الموجهة للحركة بتشكيل تنظيم سرّي، مذكّرا بتاريخ “التهمة” التي لاحق بها النظام كل معارضيه الذين لم يسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم وبالنشاط القانوني.
رئيس حركة “النهضة” أعاد التذكير بالمحاكمات التي تعرّض لها حزبه بسبب رفض النظام السماح له بالتنظّم وبتأشيرة العمل القانوني، والتي كان بعضها تحت عنوان “تشكيل تنظيم سرّي”. وقال في هذا السياق “يتهموننا بأننا تنظيم سري فكانت إجاباتنا أن اعترفوا به وأتركوه يناضل من أجل وطنه في إطار الديمقراطية وسلطة القانون، ولكن كان جوابهم الاعتقالات وضرب الحركة واستمروا فى حرب شاملة لم تنته إلا باندلاع الثورة”.
 وأكد الغنوشي أن “ادعاء وجود غرف سوداء ومحاولة ربطها بالاغتيالات وتلويث المناخات العامة في البلاد والاتجاه بها نحو التأزيم ومنع السير في طريق استكمال المسار الديمقراطي الانتخابي، ولعل الهدف من كل هذه المسرحية الوصول إلى إنتخابات دون النهضة أو بنهضة منهكة، أو ربّما منع الوصول إليها أصلاً”، محذّرًا من مخطّطات المتمترسين في خطابات النظام القديم والإستئصاليين.
كما توجّه رئيس حركة النهضة بشكل مباشر إلى التونسيين قائلاً “النهضة لا تحمل رسالة تهديد لأحد، ولكن إذا كانت النهضة في المقدمة واثبتت ذلك في رهانات متعددة، فلا يمكن لعاقل أن ينخرط في مسار لضربها أو تحويلها إلى فزاعة ويتهمها بما ليس فيها”، مضيفًا أن “النهضة متماسكة وقوية وكلما كانت حملات التشويه في تزايد وتصاعد كلما كانت النهضة أقوى بوحدتها وقدرتها على الفعل”.
سفيان السليطي: النيابة العمومية أذنت بفتح بحث تحقيقي بخصوص “الجهاز السري” لحركة النهضة
أفاد سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم المحكمة الإبتدائية بتونس والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، بأن النيابة العمومية أذنت منذ 2 أكتوبر الماضي بفتح بحث تحقيقي على معنى الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية، في كل ما تم الإدلاء به خلال الندوة الصحفية لهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بما في ذلك “الجهاز السري” لحركة النهضة.
 وأضاف السليطي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، مساء أمس الاثنين، أن النيابة العمومية قامت باستئناف قرار عميد قضاة التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، والقاضي بالتخلي عن الموضوع لخروجه عن اختصاصه، أمام دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس.
 كما صرح السليطي، بأنه تم نهاية الأسبوع المنقضي، الإذن بإحالة الشكاية التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن الشهيدين للقضاء العسكري، على أنظار الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب التابعة للحرس الوطني بالعوينة، وذلك بعد قرار القضاء العسكري التخلي عن الموضوع للنيابة العمومية بتونس.
و تبقى الحكومة التونسية هي الجهة الوحيدة المخولة دستوريًا و قانونيًا باتخاذ قرارات حل الأحزاب والجمعيات،و لكن تداول ملف الجهاز السري لحركة النهضة في مجلس الأمن القومي و قيام القضاء التونسي بالتحرّي في القضية يجعل عملية حل حركة راشد الغنوشي وشيكة،لكن الأكيد أنه سيكون لذلك تداعيات سياسية كبيرة و ارتدادات أمنية خطيرة قد تعصفّ بالأمن القومي للبلاد و يدخلها في دوامة من العنف تمامًا مثلما حدث للجزائر التي لا تزال تدفع ثمن حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ حتى الآن.

من الجزائر:عمّـــــــار قــــردود

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.