الرئيسية » بعد إطلاق الصين لأول مذيع آلي في العالم: هل سيحلّ الروبوت محلّ الصحافيين قريبًا؟

بعد إطلاق الصين لأول مذيع آلي في العالم: هل سيحلّ الروبوت محلّ الصحافيين قريبًا؟

أطلقت وكالة الأنباء الصينية، أمس الأول الخميس، أول مذيع أخبار آلي في العالم، أطلق عليه اسم المذيع المركب “أيه آي”، بمقدوره قراءة الأخبار كالمذيعين البشريين.
بقلم عمّار قردود

وأعلن عن المذيع “أيه آي”، خلال الدورة الخامسة للمؤتمر العالمي للإنترنت المنعقد، أول أمس الأربعاء، في بلدة ووتشن بمقاطعة “تشجيانغ” شرقي الصين.
و رغم تطمينات الخبراء الصينيين بأن هذا الروبوت ليس إلا مساعدًا للصحافي ولا يمكن أن يحل محله، إلا أن المحللين والمتابعين المتخصصين يرون أن هذا الروبوت يمثل إحدى الأدوات المهمة التي ستساهم في تخفيف النفقات للمؤسسات الإعلامية، وبالتأكيد سيخلق منافسة قوية و ليست شريفة مع الصحافيين.
هذا و نشير إلى أن الربوت المذيع “أيه آي” ليس أول صحافي آلي ففي مطلع سنة 2017 نجحت الصين في صناعة الروبوت “شياو نا” و الذي إستطاع كتابة أول مقالاته وهو عبارة عن نص مؤلف من 300 رمز كتابي خلال ثانية واحدة فقط، وتناول مواضيع السياحة، مع اقتراب الاحتفال برأس السنة الصينية، وتم نشره في الصحف المحلية الصينية، بحسب موقع “تشاينا نيوز”.
وقال المختصون الذين قاموا باختراع الروبوت وأجروا عليه تعديلات كثيرة، إن الحالة الفنية للروبوت تسمح له بتحليل البيانات المعلوماتية التي يحصل عليها، ليعمل كمحرر صحافي، وهو قادر على كتابة النصوص الطويلة والقصيرة.
وأفاد أحد العلماء الذين ساهموا في صناعة الروبوت “إن هذا التطور الجديد لا يعني أن الروبوتات ستحل محل الإنسان في الأعمال الصحافية، فهذه الآلات قادرة على كتابة الكلمات والرموز، كما أنها تقوم بكتابة النصوص القصيرة والطويلة أيضا، لكنها غير قادرة على إجراء المقابلات الصحافية أو طرح الأسئلة على الناس، فهي مبرمجة للقيام بالمهام البسيطة فقط”.
وأكد أن الإنجاز الجديد يعد تطورا مهما في مجال تكنولوجيا صناعة الروبوتات، وهي خطوة أولى لتطوير تقنيات الطباعة الآلية المبرمجة. وأضاف أنه في المستقبل ستصبح الروبوتات مساعدة مهمة للصحافي.
منذ سنوات فقط استعانت صحيفة “واشنطن بوست” بروبوت ذكي لتغطية مؤتمر الحزب الجمهوري الأخير في كليفلاند، بعد عقدها لشراكة مع “تويتر” وشركة “Double Robotics “للروبوتات، فبواسطة تطبيق “Periscope” للبث الحي التابع لشركة “تويتر” كان بإمكان الروبوت تقديم خدمة تفاعلية حيّة؛ لمساعدة المشاهدين في منازلهم على طرح أسئلة على السياسيين، ليشعروا بأنهم متواجدون في الحدث، ويتابعون كل جديد.

في ظل الظروف المالية لبعض المؤسسات الإعلامية.. الاستعانة بالروبوت الصحافي هو الحل

وفي ظل الأحوال الاقتصادية السيئة لبعض المؤسسات الصحافية، واتجاهها للإغلاق، أو تقليل عدد العاملين لديها، ربما سيكون الاستعانة بالروبوت الصحافي هو الحل؛ بالأخص مع انخفاض تكلفة عمله، ولكن تظل فكرة قيام روبوت بأعمال صحيفة غير مفهومة لدى الكثيرين.
يعود الفضل في اختراع الروبوت إلى المدرس السويدي”سفيركير جوهانسون” عندما قام بمحاولة تصنيع برنامج كمبيوتر أطلق عليه اسم “Lsjbot”، ويعمل على إعادة صياغة المحتويات المكتوبة عن طريق إدخال بيانات عليه، أكثر من 2.7 مليون نص مكتوب على موقع ويكيبيديا. ويستخدم الروبوت برنامجًا يعتمد على الحسابات الخوارزمية، وبإجراء بعض التعديلات المتقدمة عليها يمكن إنتاج قصص إخبارية أكثر تعاطفًا مع فريق ضد آخر.
وما زالت شركة “Narrative Science” المصنعة لأول روبوت صحافي لا تبوح بتفاصيل التكنولوجيا المستخدمة فيه، وتعمل على تطويره بهدف أن تذهب الروبوتات لما هو أبعد من الحقائق والسرد الخبري، وبالفعل أصبح بإمكان الروبوت الواحد إعداد تقارير اقتصادية تصل إلى 20 صفحة.
كما استعان موقع “بازفيد” بخدمة مشابهة لتغطية مؤتمر الحزب الجمهوري، باستخدام روبوتات فيسبوك المدمجة بتطبيق التراسل الفوري “ماسنجر”، وهي الخدمة التفاعلية التي طرحها موقع فيسبوك أخيرا لصالح المواقع الإخبارية، إذ يمكن من خلالها إرسال الأخبار للمستخدمين يوميا على تطبيق ماسنجر، ولقد اعتمد الموقع على الخدمة لإرسال تغطية المؤتمر لحظة بلحظة للمشاركين في الخدمة مع إعطائهم فرصة إرسال المعلومات والصور التي يملكونها.
وفي ظل الأحوال الاقتصادية السيئة لبعض المؤسسات الصحافية، واتجاهها للإغلاق، أو للتقليل من عدد العاملين لديها، ربما سيكون الاستعانة بالروبوت الصحافي هو الحل؛ بالأخص مع انخفاض تكلفة عمله.
وسبق أن دفعت هذه المنافسة أحد الصحافيين بشبكة “NPR” الأميركية إلى محاولة إثبات فشل الروبوت في المنافسة بمجال الكتابة الصحافية، فقام بتحدي نظام “وورد سميث” الذي يكتب، ويحرر القصص والمقالات لعدة مواقع، بكتابة مقال عن موضوع محدد مسبقًا.
وكانت النتيجة أن استغرق المقال من الصحافي سبع دقائق، بينما لم يتجاوز البرنامج في كتابته دقيقتين، ومن ناحية المقارنة المادية تبلغ تكلفة كتابة البرنامج للمقال أقل من ثمانية دولارات، وهذا يعد مبلغًا زهيدًا بالنسبة إلى متوسط ما يتقاضاه الصحافي في الولايات المتحدة على المقال الواحد.
وفي تجربة أجراها باحث سويدي مع ستة وأربعين طالبًا، وزع عليهم مقالين عن نتيجة مباراة كرة قدم، الأول كُتب بقلم صحافي متخصص، والثاني كتبه روبوت، وكانت المفاجأة عند حصول المقال الذي كتبه الروبوت على مرتبة متقدمة عن مقال الصحافي في تقييم الطلاب المشاركين في التجربة.
و تسببت وكالة “أسوشيتد برس” في إحداث صدمة كبيرة لدى الصحافيين بعد إعلانها عن الاستعانة بروبوتات متطورة لكتابة المقالات الرياضية، بدلاً من الصحافيين، في محاولة لتغيير التغطيات الصحافية للأحداث الرياضية؛ مما يزيد من احتمالية تكرار ما حدث في صحف أخرى.
كما ذكرت صحيفة “ذي ميرور” البريطانية مؤخرًا، أن الروبوت “تارغيت بلانك” بدأ في العمل فعليًا في وكالة الأنباء الوطنية في كل من بريطانيا وأيرلندا. وقالت الصحيفة أن الروبوت الصحافي سينشر ميدانيًا لتغطية الألعاب الرياضية المختلفة، ومنها كرة القدم بالطبع والانتخابات لصالح مؤسسة “برس أسوسيشن” في غضون شهور قليلة.وأكدت الصحيفة أن الروبوت الصحافي “سيكون أكثر دقة” من الصحافي البشري في بعض الحالات، وفقا لما ذكره بيتي كليفتون، رئيس تحرير “برس أسوسيشن”.
بعد مرور ثلاث دقائق فقط على ضرب زلازل لولاية كاليفورنيا الأمريكية، في 12 مارس 2014، كانت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” قد نجحت في الحصول على سبق صحافي، بنشر تفاصيل ما حدث على موقعها، باستخدام روبوت ابتكره الصحافي والمبرمج “كين شوينكي”، وتتمثل مهمته في القيام بكتابة القصة الخبرية بشكل آلي عند وقوع الزلازل.
وتعد صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” من الصحف الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات، إذ تعتمد في معلوماتها عن الزلازل على مصادر موثوقة، مثل الهيئة الأمريكية للمسح الجيولوجي، وتضع تلك المعلومات في قوالب جاهزة لمساعدة الروبوت على إنتاج الأخبار في صورتها النهائية، ويستخدم أيضًا هذا الابتكار في إنتاج قصص إخبارية أخرى، إضافة إلى الزلازل، مثل الجرائم، والتي تتطلب فقط قرار من رئيس التحرير إذا ما كانت القصة بحاجة لتدخل بشري أم لا.
وداعًا للصحافي “الإنسان” مرحبًا بـالصحافي “الروبوت”..!
و رغم أنه بحسب رأي مخترع الروبوت فإن ابتكاره لا يحل محل الصحافي، ولكن يساعد في جمع ونشر المعلومات التي لا تحتاج كثيرًا من التدقيق في أسرع وقت، ووصف دور الابتكار بأنه “تكميلي”، عن طريق توفيره للكثير من الوقت فيما يتعلق بقصص محددة، حيث يمكنه تجميع المعلومات من مصادرها الموثوقة، وتنسيقها بشكل جيد،إلا أن خطورة أن يحل الروبوت محل الصحافيين مستقبلاً باتت مؤكدة و مخيفة.و حسب “جيمس كوتساكي”، المتحدث الإعلامي لشركة “أوتوميتد إنسايتس” المطورة لبرنامج “وورد سميث” : “لا نعرف بالضبط أي عدد من الوظائف فقدها الصحافيون بسببنا”، ولكنه أشار إلى أن البرنامج ينتج قصصًا إخبارية لا يُفضّل الصحافيون القيام بها كأخبار الاقتصاد، وبالتالي يمكنهم تركيز جهودهم على موضوعات أخرى.

خبراء: ثورة الروبوتات لن تستبدل الصحافيين

بحسب تقرير نشرته شركة “ماكنزي آند كومباني”، فإن 45 % من وظائف البشر في الشرق الأوسط ستزيلها الروبوتات بحلول 2030، مما يؤثر على أكثر من 20 مليون موظف أي ما يعادل 366.6 مليار دولار من أجور الموظفين.

لكن أجمع عدد من الخبراء الإعلاميون لـــ”أنباء تونس” على أن ثورة الروبوتات لن تستبدل الصحافيين و إن كانت ستكون لها إنعكاسات على مهنة الصحافة،لأن الروبوتات ستعمل على تغيير طبيعة عمل الصحفي لكنها لن تستبدله لأنها-أي الروبوتات-لا تملك حس الإبداع و المهارة و الإدراك الذي يملكه الصحافيين.

وقال الصحفي الأمريكي “بيتي كليفتون” في كلمة ألقاها أمام مؤتمر “جمعية المحررين” الذي عقد بمدينة كارليسلي بولاية بنسلفانيا الأميركية “الروبوت الصحافي لن يحل محل الصحافيين العظماء لدينا. ولكن ستتم الاستعانة بهذا النوع من الروبوتات لإعداد تقارير سوقية وجيزة وتغطية نتائج الانتخابات ومباريات كرة القدم”. وشدد كليفتون على أن أجهزة أندرويد لن تحل محل الصحافيين البشريين، موضحًا “لن يكون لدينا روبوت يذهب لتغطية حريق ضخم أو أحداث قضية في محكمة ملكية”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.