الرئيسية » عندما يهان العلماء من طرف “ثوّار” هذا الزمن الأغبر: الدكتور أحمد فريعة نموذجا

عندما يهان العلماء من طرف “ثوّار” هذا الزمن الأغبر: الدكتور أحمد فريعة نموذجا

أثار انهيار الوزير السابق الدكتور أحمد فريعة لدى حضوره، أمس الثلاثاء 23 أكتوبر 2018، على المباشر بقناة التاسعة، موجة من التعاطف اللافت لدى الرأي العام الوطني ومواقع التواصل الإجتماعي بالنظر إلى قيمة الرجل الفكرية والعلمية كقامة باسقة من قامات وهامات هذا الوطن تتمّ إهانتها والتضييق عليها لأسباب قد لا تخرج عن حيّز السياسة.

 بقلم سنيا البرينصي

انهيار الدكتور والعالم أحمد فريعة على المباشر وأمام قرابة 12 مليون تونسي وملايين المشاهدين عبر العالم مثّل رجّة نفسية مزلزلة مسّت كل غيور على هذا الوطن الذي يبدو أنه بدأ يفقد وجه المشرق بإهانته لكفاءاته وهاماته الباسقة التي تجاوز صيتها العلمي حدوده الضيّقة ليشعّ عبر العالم.

أحمد فريعة عالم الرياضيات وصاحب نظرية loi Norton-Hoff-Friaa التي تدرّس في أعرق وأكبر الجامعات العالمية يهان من طرف هيئة غير دستورية ومنتهية الصلوحية ما فتئت رئيستها سهام بن سدرين تعمل بحقد دفين على إهانة رموز وبناة الدولة التونسية تحت مسمّى “العدالة الإنتقالية” التي جاء بها “ثوّار” العهد الإخواني المريع ذات عام من السنوات العجاف التي تعيشها البلاد منذ 14 جانفي 2011.

بن سدرين وإهانة الكفاءات الوطنية ورموز الدولة

رئيسة ما يسمىّ بهيئة “الحقيقة والكرامة” عملت منذ ظهورها على إهانة الكفاءات الوطنية ورموز الدولة، بدءا من ملف حلّ جهاز أمن الدولة الكارثي، الأمر الذي مثّل ضربة قاصمة للأمن القومي في فترة ما بعد سقوط نظام بن علي والعامل المحوري في ظهور وتغلغل الإرهاب في تونس في عهد سيئة الذكر “الترويكا”، مرورا بالتنكيل بالكوادر والقيادات الأمنية الوطنية التي رفضت المساومة على هذا الوطن.

بن سدرين التي تبجّحت، ومن وراءها من نصّبها واختارها لهذه المهمّة سواء داخليا أو خارجيا، بأنها تسعى إلى إرساء العدالة الإنتقالية نست أو تناست أن الهدف الأسمى للعدالة في كل الشرائع الدينية والوضعية في كل زمان ومكان هو تطبيق القانون على المذنبين دون تشفّ ودون تنكيل ودون تشهير وتسيّس وتسييس وإيديولوجيات متطرّفة، فما بالك بغير المذنبين؟ والذين برّأهم القانون في كل القضايا المرفوعة ضدّهم؟

نست أو تناست الحاكمة بأمرها في هيئة “الحقيقة والكرامة”، بالرغم من أن السؤال الرئيس هنا يظلّ الاتي: “أين الحقيقة والكرامة” في عمل هذه الهيئة؟، أنه من غير القانوني إعادة فتح ملف قضائي قد تمّ الحسم فيه من طرف المحكمة العسكرية منذ 6 سنوات.

نست بن سدرين أو تناست، والأحرى أنها تغافلت، أنه في مسار العدالة الإنتقالية لا يمكن محاكمة شخص مرّتين بنفس التهمة في حال هدفت هذه العدالة والقائمون عليها إلى تكريس العدل والبناء.

نست بن سدرين أو تناست عمدا أن هيئتها منتهية الصلوحية وأنه لا يحقّ لها محاكمة فريعة أوغيره، وأن أهل الإختصاص وأغلب الحقوقيين والسياسيين ونخب هذه البلاد كانوا قد نبّهوا منذ حكم “الترويكا” إلى خطورة قانون العدالة الإنتقالية وخرقه الواضح للقانون، وها نحن قد رأينا وعاينّا على مدى هذه السنوات كيف انحاز مسار العدالة الإنتقالية عن طريقه القويم ليزرع الفتن والأحقاد في مجتمع يفترض أن يكون أبناؤه كالبنيان المرصوص في مواجهة التحدّيات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي تعترض نهضة البلاد حتى تتجاوز كبوتها الموجعة في أغلب المجالات.

أسئلة قد تختمر في ذهن كل تونسي، وقد يوجّها كل عاقل إلى رئيسة هيئة “الحقيقة والكرامة: “ما هدفك بالضبط من هذا الوطن؟ ولمصلحة من إعادة إثارة هذا الملف في هذا الظرف بالذات وبما يسمه من شدّ وجذب وتجاذب سياسي مغلّف بخلفيات إيديولوجية وحزبية تحضيرا للإنتخابات المقبلة؟.

هل تحتاج بلادنا في هذا الوقت إلى هدنة إجتماعية ومصالحة وطنية وتكاتف الجهود للعمل وخلق الثروة والإنتاج؟ أم إلى محاكمات وإعادة محاكمات سياسية لن تسمن ولن تغني من جوع ولن تفيد التونسيين المتطلّعين فقط إلى تجاوز صعوباتهم الإقتصادية والتصدّي لغلاء الأسعار ونقص الموارد وغياب فرص الشغل في شيء؟

هل من المفروض على العدالة الإنتقالية تكريم كفاءات هذا الوطن الذي أنصفهم القانون وبرّأهم؟ أم الإمعان في إهانتهم وتحجير السفر عليهم والتنكيل بهم ؟ هل في عرف وقانون العدالة الإنتقالية التي تسعى بن سدرين إلى تكريسها الإصرار على مواصلة اتهام شخص براّه القضاء وصدر فيه حكما بعدم سماع الدعوى؟

هل نست أو تناست بن سدرين أن هيئتها منتهية الصلاحية بقرار من مجلس الشعب فالت على نفسها إستكمال ما تبقّى من عمرها القصير في إهانة قامة وطنية ودولية بقيمة الدكتور أحمد فريعة؟

هل تعلم بن سدرين أن تحجير السفر على الدكتور أحمد فريعة من شأنه تعطيل وعرقلة مشروع ضخم وواعد في الجنوب صادقت عليه الحكومة التونسية، وقد يمكّن من تشغيل مئات المعطّلين عن العمل ويضمن موارد رزق للعديد من العائلات التونسية، أم أن كل هذه الأهداف الوطنية النبيلة لا تهمّ الرئيسة وليست في حساباتها؟

هل تعلم الحاكمة بأمرها في هيئة تدّعي العمل على كشف الحقيقة وتكريس الكرامة أن مشروع الطاقة البديلة بالجنوب مشروع رائد وطنيا ودوليا ويتطلّب التأسيس له وتفعيله تنقّلات وتنسيق دوليين للقائم عليه والمسؤول الأوّل على تنفيذه؟

هل تعلم الحاكمة بأمرها في منظومة عدالة “الترويكا” أن بفعلتها تلك أكرمت الدكتور أحمد فريعة حيث أرادت إهانته لأنها جعلت التونسيين البسطاء في كل شبر من تراب هذا الوطن يكتشفون قيمة وقامة فريعة العلمية، ليخرج هذا الأخير عن صيته النخبوي العاجي لدى المثقّفين وتثير دموعه التي ذرفها قهرا تعاطف كل التونسيين، إلى جانب تجنّد أغلب النخب والشخصيات الوطنية ومكوّنات المجتمع المدني للدفاع عنه؟

دموع الدكتور أحمد فريعة على المباشر، أمس الثلاثاء, ستظلّ وصمة عار على جبين العدالة الإنتقالية وعلى جبين رئيستها وعلى جبين من لديهم القرار في هذا البلد إلى أن يتمّ إنصافه وردّ الإعتبار له بالنظر لما قدّمه لهذا الوطن.

الدكتور أحمد فريعة أكد أنه كان يستعدّ لجمع المستثمرين من أجل بعث مشروع لفائدة الشباب المعطّل والعامل، مشدّدا على أنه سيواصل العمل من أجل الشباب رغم كل الضغوطات التي يواجهها.

 الدكتور أحمد فريعة أكد باكيا أنه يحاكم لأنه يريد أن يشغّل أبناء تونس، في حين أنه كان بإمكانه أن يكون في أمريكا الآن. تخيّلي وقع هذا الكلام في نفس كل تونسي أيتها الحاكمة بأمرها وصاحبة الحقيقة القصوى والهمامة، تخيّلي كم من معطّل أو عائلة مفقّرة أوجعهما قرار تحجير السفر وتعطيل مشروع رائد من شأنه تحقيق أحلام الحالمين به.

بن سدرين تشوه رموز تونس من الحبيب بورقيبة وصولا إلى أحمد فريعة

دموع الدكتور أحمد فريعة لن ينساها كل تونسي يعلم قيمة الرجل ويعلم وطنية الرجل، في حين ستنسين يا بن سدرين أنت وهيئتك، بل الأرجح ستلعنان إلى الأبد.

إصرار الدكتور أحمد فريعة على أنه سيواصل الدفاع عن تونس من أجل شبابها وأجيالها المقبلة سيبقى وسام شرف على جبينه ضدّ كل الهرطقات والأكاذيب والأراجيف و”الثورجيّات” الزائفة للحاكمة بأمرها ومن ورائها منظومة “الترويكا” البائدة التي تسعى إلى تزييف تاريخ البلاد وتشويه رموزه الوطنية بدءا من الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة وصولا إلى أحمد فريعة، ولم يبق لها سوى محاكمة علّيسة على جلد الثور، أو حنبعل على غزوته لإيطاليا، أو بن خلدون لماذا كتب مقدّمته…

إصرار الدكتور أحمد فريعة على مواصلة ما بدأه بالرغم من الظلم الذي سلّط عليه يؤكد أن رجالات وبناة الدولة التونسية هم فوق كل الترّهات وفوق كل المزايدات ولن يستسلموا ولن يستكينوا قبل أن يقوموا بواجباتهم تجاه هذه الدولة لأنهم ببساطة من بناتها ومن مؤسّسيها، في حين يعمل ويسعى البعض إلى ضربها والإساءة لها قولا وفعلا ونوايا.

إصرار الدكتور أحمد فريعة على أنه سيواصل مشروعه رغم “الداء والأعداء” يثبت جليّا أن التاريخ يصنعه أمثال هؤلاء، وأن الوطن يحميه ويكرّمه أمثال هؤلاء، في حين يبقى البعض مجرّد هامش أو معول هدم وعامل تدمير، والأمثلة كثيرة ومتعدّدة.

رسالة أخيرة لبن سدرين: ربّما سمعت عن العالم أحمد فريعة ولكنك لم تقرئي له ولا عليه ولا تعرفين قيمته… نصيحة كل تونسي لك: اعرفي الرجل… نصيحة كل تونسي لك: حاولي أن تعرفي ما معنى التسامح؟ وما معنى الحب؟ وعلى رأسه حب الوطن… تعلمّي أن حب الوطن إيمان… تعلّمي أن الوطن فوق الجميع وأن رموز الدولة يجب أن يكرّموا لا أن يهانوا وينكّل بهم والسبب هو التسّيس ولا شيء غير التسيّس… نصيحة كل تونسي لك: “حاولي أن تكوني تونسية، تونسية وكفى”.

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.